ديموقراطيتنا جاءتنا على طبق من الذهب.. هذا ما يراه حسن كرم
زاوية الكتابكتب يونيو 23, 2013, 10:55 م 637 مشاهدات 0
الوطن
ما بعد تحصين الصوت الواحد
حسن علي كرم
قضي الأمر وظهر للمعارضين والمتشككين أن الصوت الانتخابي الواحد لا يخالف الدستور ولا المادة (71) منه..
وهنا هلل المؤيدون وندب المفلسون وتراجع المتشككون.
وهنا ايضا فلقد بات الصوت الواحد المتكأ الثابت منذ اليوم لكل الانتخابات القادمة ان كانت للأمة او للبلدي او لغيرها من المؤسسات المنتخبة.
ما نحتاج اليه كمجتمع وكدولة هو ترسيخ وتكريس مبدأ الصوت الواحد باعتباره (الصوت الواحد) هو المخرج للحالة المرضية التي يعانيها المجتمع من التشرذم الطائفي والقبلي والفئوي وحتى الحزبي.
خمسون عاماً جربت البلاد خلالها اشكالاً متعددة من التجارب الانتخابية وكانت كلها فاشلة ومفضية للتشرذم والتعصب العنصري او القبلي والطائفي والفئوي وكان يفترض في الخمسين السنة من الممارسة الديموقراطية ان تكون البلاد قد استقرت على قاعدة انتخابية ثابتة وراسخة ولكن اللعبة السياسية كانت قائمة على اساس تفشيل العملية الديموقراطية ودفع البلاد من فشل الى فشل اعظم، لأن هناك من لم يؤمن بالديموقراطية، ولا بالمشاركة الشعبية ولا بحق الشعب في المساءلة والمراقبة وانما ارادوا من الديموقراطية مجرد عنوان او لافتة معلقة على بوابة المجلس بقصد الزينة والتباهي وسد الذرائع ولذلك فلقد كان من الطبيعي طالما ان الحالة هكذا بأن تصاب ديموقراطيتنا بالانتكاسات المتكررة ومن فشل الى فشل..!!
ولقد ادرك الكثير من المشاركين في المشهد الانتخابي ان ديموقراطيتنا ليست بهدف المراقبة والمحاسبة والمشاركة الشعبية في الحكم، ولذلك فقد كان اغلب الداخلين في المحفل الديموقراطي كانوا من الانتهازيين والمقامرين واللاعبين بالبيضة والحجر، والصراع الذي كان يحتدم من حين لآخر في قاعة المجلس بين الاعضاء والاعضاء او بين الحكومة والاعضاء لم تكن غايتها الدفاع عن مصالح الشعب وحقوق الأمة والحفاظ على امواله ومكتسباته وانما على الارجح صراع طابعه شخصاني وتضخيم للنفوذ والمكاسب.
ولئن كنا نحمل على المشهد الديموقراطي قبل التحصين الدستوري للصوت الواحد، فذلك لا يعني ان المرحلة المقبلة ستكون وردية وربيعاً كويتياً دائماً، فمشكلة الديموقراطية الكويتية كون هناك تخريب وكون هناك من لا يؤمن بحق الشعوب في المشاركة بالسلطة، ولذلك فالصوت الواحد لا يحد من يد المخربين ومن اعداء الديموقراطية وانما قد يحد من غلواء العصبية الطائفية والقبلية والفئوية بل وحتى الحزبية.
من هنا اظن ان الصوت الواحد قد اخرج الديموقراطية الكويتية من مرحلة التجارب الفاشلة الى مرحلة الثبات وهذا مكسب يسجل للشعب، وعليه (اي الشعب) ان يدافع عن مكتسباته ويفوت على الاعداء والمخربين افشال وتقويض الديموقراطية، فليس ثمة طريق آخر غير طريق الايمان بالديموقراطية والمشاركة الشعبية.
ان ديموقراطيتنا جاءتنا على طبق من الذهب في وقت كانت المنطقة كلها بلا استثناء تعيش في ظلام دامس، ولذلك فقد كثر الاعداء وكثر الحاسدون وقل المعجبون من حولنا غير ان الكويت بديموقراطيتها قد انتصرت والآن هؤلاء الحاسدون يسارعون للحاق بركب الحضارة والدولة المدنية. فيما نحن حققناه قبل اكثر من خمسين سنة، فماذا نقول غير ان نقول احسن الله صنع الآباء الأولين الذين ببعد نظرهم وبرؤيتهم الثاقبة قد سبقوا الزمن وجعلوا من الكويت دولة حضارية متقدمة.
ان مرحلة الصوت الواحد تعني عدم الافراط في ذلك الصوت.. وعدم منحه لمن لا يستحق فقط لكونه قريباً او من القبيلة او الطائفة او من الحزب، فمبدأ الكفاءة هو ما ينبغي حاضراً لحظة اسقاط الورقة في الصندوق الانتخابي، وعليه فما نحتاج اليه هو الادراك بأن الكويت ليست لفئة بعينها وانما الكويت للكويتيين بكل فئاتهم ومنازعهم الدينية والمذهبية والاثنية.
ليكن الصوت الواحد تجديداً لكويت المستقبل وتجديداً لدماء ديموقراطيتنا المتخثرة والفاسدة والتي افسدتها الصراعات والمشاحنات الحزبية والطائفية والقبلية والفئوية وسيطرة القلة على خيرات البلد!!
وليكن الصوت الواحد هو مرحلة للمساءلة الحقيقية ومرحلة للعمل الوطني الحقيقي ومرحلة للكشف عن الفساد والمفسدين والتخلص من كل الامراض الاجتماعية التي اوجدتها المرحلة السابقة وجعلت الكيان المجتمعي الواحد كيانات واهنة وممزقة.
يبقى في الاخير، الملاحظة ان الصوت الواحد هو مكسب ولكنه ليس نهاية الرحلة فهناك الكثير من المراحل للوصول الى الديموقراطية الحقيقية، ولعل المرحلة التالية ينبغي تعديل الدوائر الانتخابية وتوسيع القاعدة الانتخابية وذلك بمنح المتجنسين حديثاً حق التصويت.
نريد التخلص من عقد ما قبل الصوت الواحد، ذلك لكي نبني كويتا جديدة، كويتاً تبنى على مراميك راسخة وقوية وثابتة تحقق لابنائها العدالة والمساواة وعدم الافراط في الحقوق.
تعليقات