عادل عبدالهادي يكتب عن الحكومة تهب لنصرة أبنائنا الخطرين على الأمن الأمريكي

زاوية الكتاب

كتب 1059 مشاهدات 0

عادل عبدالهادي

لاحظت في الأيام الأخيرة تداول معلومات عبر بعض مواقع التواصل الإجتماعي بشأن تقرير صادر عن البنتاغون يضع فايز الكندري وفوزي العوده، المعتقلين الكويتيين في غوانتانامو، في فئة المحتجزين إلى مدة غير محدّدة نظراً لتصنيفهما خطرين جدا على الأمن الأمريكي. فاقتضى التوضيح للشعب الكويتي بأن هذا المستند المشار إليه ليس تقريراً بل هو لائحة معدّة من البنتاغون تتضمّن أسماء المعتقلين المتبقين في سجن غوانتانامو وجنسية كل واحد منهم والمصير المقرّر له. وهذه اللائحة ليست حديثة العهد بل تم إعدادها منذ العام 2010 إلا أنها كانت مصنّفة سرية من قبل الإدارة الأمريكية، وبعد صدور قرار من المحكمة الأمريكية المختصة بشأن طلب إفصاح مقدّم من صحيفة 'ميامي هيرالد'، تم إلزام البنتاغون بالكشف عن تلك اللائحة وتسليم نسخة منها للصحيفة المذكورة التي نشرتها للعموم. فتقتضي الإشارة بأن هذه اللائحة قديمة التاريخ وأن وضع فايز وفوزي تحت مسمى 'الإحتجاز غير محدّد المدة' بزعم أنهما خطرين قد ارتكز على إدعاءات أمريكية باطلة، غير قانونية وتفتقد المنطق إذ سبق للإدارة الأمريكية أن أقرّت بأنه لا دليل ثابت ضدهما، وبالرغم من ذلك فهما يشكّلان خطراً على الولايات المتحدة!!! ولذلك يجب إبقاؤهما معتقلين لمدة غير محدّدة إعمالاً لقانون الحرب والذي يبقى سارياً طالما أن الحرب على الإرهاب ما زالت مستمرة.

لقد كنّا على علم بأن السلطات الأمريكية تتّجه إلى الإبقاء على فايز الكندري وفوزي العوده في الإحتجاز غير المحدّد المدة ولكم ردّدت ذلك للحكومة الكويتية ساعياً لحثّها وحث المسؤولين فيها على التحرّك بجدية وسرعة أكبر!!

منذ أن بدأ إضراب المعتقلين في سجن غوانتانامو عن الطعام في فبراير 2013 (ومن بينهم فايز الكندري وفوزي العوده) توقّفت لأترقّب التحرّك الذي ستتخذه الحكومة الكويتية أمام الوضع الخطر لأبنائنا والذي يتأزّم يوماً بعد يوم. فما سمعنا من الجانب الكويتي الرسمي منذ بدء حركة الإضراب عن الطعام إلا أن هناك وفد أمني رفيع المستوى سيزور الكويت ليجتمع بمسؤولي وزارة الخارجية لمناقشة وضع معتقلينا. جاء الوفد إلى الكويت وغادرها و أعلنت الخارجية عن مسار تلك المناقشات كما صرَّحت عن إيجابية الإجتماع وتجاوب الجانب الأمريكي مع نظيره الكويتي، كما ورد في ختام تصريح السيد الوكيل عندما طرح السؤال الأهم، وهو بشأن موعد إطلاق سراح ابنائنا، بأن المسألة هذه تحتاج إلى المزيد من الوقت والمشاورات والإجتماعات.

إلا أنه وبعد الإفصاح عن لائحة البنتاغون المذكورة، بدا لي أن الحكومة الكويتية تفاجأت بنشرها خاصة وأن هذه اللائحة تؤكّد بشكل قاطع وضع فايز وفوزي في خانة الإحتجاز إلى أجل غير محدّد، هذه المعلومة التي ردّدناها مراراً، فإذا بالسيد وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد الصباح يصدر تصريحاُ يتكّلم فيه عن إهتمام الحكومة بأبنائنا المعتقلين، وهي محاولة إيجابية من الحكومة الكويتية التى يبدوا أنها باتت ترفض موقف المتفرّج الذي عوّدتنا عليه على مرّ السنوات. وبحسب ما ورد على لسان وزير الخارجية ' استعداد دولة الكويت لتقديم جميع الضمانات الى الولايات المتحدة الامريكية من اجل تسلم المعتقلين الكويتيين الموجودين في غوانتانامو.

وأن الكويت استقبلت وفدا من الولايات المتحدة الامريكية لاطلاعه بصورة مباشرة على استعداداتنا وتحضيراتنا لكل ما يتعلق بتسلم المعتقلين الكويتيين في غوانتانامو مضيفا ان الكويت ستواصل هذه الجهود لعرض المعتقلين الكويتيين فوزي العودة وفايز الكندري أمام محكمة مدنية.' أودّ أقول للسيد وزير الخارجية، رغم أن المواقف المتأخرة خيراً من ألا يكون هناك من موقف إلا أن تلك المواقف المتأخرة لن تعيد لفايز الكندري وفوزي العوده ما فات من عمرهما في سجن غوانتانامو دون مبرّر.

فمن الملفت أن يصدر هذا التصريح بعد الكشف عن اللائحة وبأسلوب تسعى فيه الحكومة بتحركات جدية وقريبة الأجل وأنها متحضّرة تماماً وتبذل أقصى الجهود لأجل أبنائنا. ولكن المؤسف أن هذا التصريح لم يتضمّن إدانة أو شجباً للإدعاءات الأمريكية بأن أولادنا مصنّفين خطراً في ظل غياب أي دليل أو تهمة بحقهما بإقرار من السلطة الأمريكية ذاتها. فكيف تقدّم حكومتنا ضمانات لأشخاص مصنّفين خطراً وكيف ستقبل الإدارة الأمريكية بهذه الضمانات؟!! كنت أتمنى من السيد الوزير أن يضمّن تصريحه التصدّي للإدعاءات الأمريكية والإعتراض على إدراج على أبناء الكويت في قائمة الإحتجاز إلى مدة غير محدّدة دون وجود أي دليل أوسند قانوني كي تأخذنا الإدارة الأمريكية على محمل الجد.

وأستمرّ بالتساؤل كيف يكون أبناؤنا خطرين جداً على الولايات المتحدة الأمريكية وما من دليل واحد ضدهما؟! كيف يمكن للحكومة الكويتية أن تتقبّل على مرّ السنوات أن يبقى إثنان من أبنائها محتجزين بادعاءات واهية ولم تُفصح يوماً مجابهة الإدارة الأمريكية بأن موقفها مرفوض تماماً وأن حكومتنا لن تتقبّل استمراره؟! هناك معادلة غير متّزنة، الكويت حليفة وصديقة لأمريكا ولكن أمريكا لا تحترم مطلب الكويت وهناك حركة طالبان العدوة لأمريكا وأمريكا تحاول أن تستجدي رضى وودّ حركة طالبان!!

كما انه من المستغرب جداً أن الإستخبارات الأمريكية المعروفة بقدراتها العالية وتقنياتها المتطورة والتي تمكّنت من تتبّع وتصفية بن لادن وقطع 'رأس الإرهاب' حسبما ادعت مفتخرة لم تجد دليلاً واحداً على فايز وفوزي حتى الآن، فإن لم تجد فهذا يعني أنه لا يوجد. أما أن تكون الإدارة الأمريكية تستمتع بخرق القانون والتعسّف في استعمال سلطتها كأقوى دولة في العالم فالعتب لا يقع عليها كاملاً بل يقع أيضاً وبشكل كبير على استهتار حكومتنا التي لم تواجه نظيرتها يوماً وتشجب ممارساتها في معتقل غوانتانامو عامة وبحق أبنائنا خاصة.

بحكم متابعتي لقضية غوانتانامو وعملي كمحام لفايز الكندري فإن سيناريو ما يحدث الآن وسيحدث قريباً في قضية غوانتانامو هو كالآتي:

منذ يومين تم افتتاح مكتب طالبان في قطر وهو نتيجة للمفاوضات التي تمت خلال السنوات الماضية بطلب من الإدارة الأمريكية تمهيداً لعقد السلام مع حركة طالبان. ستلحق هذه الخطوة تبادل جندي أمريكي مقابل 4 معتقلين في غوانتانامو تابعين لحركة طالبان وتهناك حالياً مفاوضات حول طريقة التسليم. سيتبع هذه الخطوة إلإعلان عن إتفاق السلام ما بين الولايات المتحدة وحركة طالبان ويعلن عندها أن الحرب على الإرهاب الا وهي الحرب مع القاعدة قد انتهت وستنسحب القوات الأمريكية من أفغانستان. وبناء على ذلك ينتفي مبرّر إحتجاز المعتقلين لمدة غير معلومة، وهو قانون الحرب حسبما ذكرنا سابقاً، والذي يعدّ سارياً طالما الحرب مع القاعدة سارية. وبانتهاء الحرب المذكورة لن يعود هناك من سبب للإبقاء على احتجاز معتقلينا لمدة غير محددة وهنا من المفترض أن يصدر قرار سياسي من الإدارة الأمريكية بالإفراج عن فايز الكندري وفوزي العوده. لكن من الممكن إستخدام تغيّر الظروف لاتخاذ إجراءات قضائية للمطالبة بمنح حق المثول للمحتجزين فايز الكندري وفوزي العوده أمام القضاء الأمريكي ومناقشة مدى شرعية استمرار احتجاز كل منهما، ونظراً لتغيّر الأحوال ونهاية الحرب سوف تصدر المحكمة حكمها بالإفراج عن أبنائنا.

لقد تنحّيت خلال الفترة السابقة مترقّباً مواقف الحكومة لعلّها تصوّب الصراط وأتمنى أن يكون أدائها على قدر تصريح السيد وزير الخارجية، و رغم ان لدي العديد من التحفظات بحكم تجربتي مع الحكومة خلال عملي بصفتي المحامي الوحيد لفايز الكندري في الكويت إلا أنني ارجوا ان تكون الحكومة في هذه المَّرة فعلا جادة في جهودها التي تتداولها تصريحات المسؤولين حول قضية المعتقلين الكويتيين في غوانتانامو.

 

الآن - رأي : عادل عبدالهادي

تعليقات

اكتب تعليقك