علمانية الدولة ومدنيتها الضمانة الوحيدة لاستقرار المنطقة.. العيسى مؤكداً
زاوية الكتابكتب يونيو 17, 2013, 12:37 ص 794 مشاهدات 0
الوطن
ملتقطات / تركيا بين العلمانية والعثمانية
د. شملان يوسف العيسى
اصدر رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان انذاراً نهائياً للمتظاهرين في ميدان تقسيم باسطنبول بضرورة اخلاء الميدان ومنتزه غاري المجاور له، ويأتي هذا التهديد بعد موافقة الحزب الحاكم في تركيا على اجراء استفتاء حول خطط الحكومة الهادفة الى تطوير المنتزه، ويقول المحتجون انهم لن يبرحوا الحديقة ما لم تتخل الحكومة عن مشروعها الخاص بتطويره.
نائب الامين العام لحزب الشعب الجمهوري المعارض في تركيا وصف ما يحدث بأنه ثورة على العقلية الاردوغانية التي تستمد قوة استمرارها من منع كل شيء مثل منع الكحول وتطبيق نظام التعليم 4/4 وتشبيه معدي الدستور القديم بأنهم اثنين من المخمورين وتطاوله على المذاهب الاخرى بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وتحويل الحكم البرلماني في تركيا الى حكم الرجل الواحد وجمع كل الصلاحيات بيده.
الغريب ان الازمة التركية الحالية تأتي في وقت تحقق فيه تركيا ازدهاراً اقتصادياً بمعدلات نمو مرتفعة.
السؤال، لماذا تحول الخلاف حول مشروع تطوير ساحة أو حديقة عامة الى صراع سياسي محتدم في المجتمع التركي..؟
لا يختلف احد حول حقيقة ان حزب العدالة والتنمية الذي يترأسه اردوغان قد حقق انجازات كبيرة طول فترة حكمه التي امتدت احدى عشر عاما حيث حقق انجازات اقتصادية وادارية باستمرار سيطرة المدنية الديموقراطية على القوات المسلحة التركية وتحويل تركيا الى قوة مؤثرة في الصعيدين الاقليمي والدولي، لقد نجح اردوغان في تحالفه الواسع مع القوى الاسلامية والليبرالية ورجال الاعمال والاكراد لكن كل هذه الانجازات لم تحد من شدة الخلاف والصراع حول هوية الدولة في المرحلة المقبلة، المحتجون لديهم تخوف من عودة البلاد الى الهوية العثمانية التي تختلف تماما عما خطط له، باني تركيا الحديثة كمال اتاتورك، الاحزاب العلمانية في تركيا ممثلة بحزب الشعب الجمهوري وحزب العمل القومي وحزب السلام الديموقراطي فشلت في استقطاب الجماهير التركية لصالحها، فالحزب الحاكم حقق فوزا ساحقا في الانتخابات عام 2001 بفوز حزب العدالة والتنمية بالولاية الثالثة لحصوله على %50 من اصوات الناخبين لأن ادارته كانت ولا تزال ديموقراطية منذ وصوله الى السلطة، فالاتراك اصبحوا احراراً يعملون ما يريدونه، ليعيشوا ويفكروا بحرية مطلقة بدون أي تدخلات من قبل الحكومة، الحقيقة التي يجب ان يعييها الجميع هي ان الديموقراطية التركية بخير وقد نجحت حكومة تركيا الاسلامية المعتدلة بأن تنهض في منطقة الشرق الاوسط في تحقيق التقدم الاقتصادي والاستقرار السياسي في محيط شرق اوسطي مليء بالمشاكل السياسية والاقتصادية المضطربة، الشعب التركي كل ما يطمح اليه هو المزيد من الحريات في ظل دولة ديموقراطية تعددية.
السؤال هنا، اين تكمن مصالح دول الخليج العربية هل هي تكمن في نظام علماني بحكومة اسلامية أو في احزاب علمانية التي تقودها المعارضة؟!
الاجابة على هذا السؤال لا تخضع لرغبات دول الخليج أو غيرهم من الدول الغربية بل تخضع في النهاية بيد الشعب التركي، ما نريده ونطمح اليه هو وجود حكومة ديموقراطية تعددية في دولة علمانية لا ينفرد فيها حزب واحد بتقرير مصير الدولة باسم الدين تارة وباسم العادات والتقاليد تارة، علمانية الدولة ومدنيتها هما الضمانة الوحيدة لاستقرار دول المنطقة بعيدا عن الحروب الطائفية التي تعصف بالمنطقة اليوم.
تعليقات