الأسد أحرق البلد:
زاوية الكتابأصبح بشار الأسد طرفا بحروب تخوضها أطراف بأجندات مختلفة
كتب يونيو 12, 2013, 1:14 م 2717 مشاهدات 0
بعد مرور أكثر من سنتين على اندلاع الثورة السورية، يبدو أن ما أراده الرئيس بشار الأسد وأنصاره قد تحقق: 'الأسد، أو سنحرق البلد'. كانت البداية باحتجاجات 'سلمية - سلمية'، وصيحات: 'واحد، واحد، واحد، الشعب السوري واحد'، والتي استمرت أكثر من سبعة أشهر قتل النظام خلالها الآلاف وجرح أكثر واعتقل الكثير وشرد عشرات الآلاف.
خلال التصدي للمظاهرات السلميّة بالرصاص، كان النظام يؤجج في خطابه الطائفية، ويحاول حرف الثورة السلمية إلى اقتتال طائفي اكتمل بالدخول المعلن لحزب الله تارة تحت ذريعة حماية قرى الشيعة وأخرى بحجة حماية المراقد الشيعية ثم أصبح التدخل على المكشوف بالحجة التقليدية نفسها التي ذبحت بها الدكتاتوريات العربية شعوبها: التصدي لأمريكا وإسرائيل وتحرير فلسطين.
دخول حزب الله لحماية النظام، يعني أن النظام كان في ورطة كبيرة، ويعني تدخلا إيرانياً مباشراً معلناً في قمع الثورة السورية عبر حزب الله ناهيك عن وجود عناصر الحرس الثوري الإيراني منذ اندلاع الثورة بأشكال مختلفة، فإيران لن تتخلى عن نظام الأسد الذي أوصل طموحها بالتمدد والهيمنة إلى البحر المتوسط.
كما يعتبر العدوان الإسرائيلي المتكرر على سوريا تدخلاً أمريكياً غير مباشر للولايات المتحدة الأمريكية. أقول أن تدخل حزب الله هو تدخل إيراني مباشر لأن حزب الله نفسه لا ينفي تلقيه الأوامر مباشرة من طهران وبتبعيته لولاية الفقيه المعصوم، بينما تقول إسرائيل دوما أنها دولة مستقلة تتخذ قرارات الحرب والسلام عبر مؤسسات ديمقراطية منتخبة. صحيح أنها تتلقى الدعم السياسي والعسكري والمالي من الولايات المتحدة، لكنها لم تقل يوماً أنها تابعة لأميركا تبعية مطلقة.
عراقيون من أطراف مرتبطة بإيران ومؤيدة لموقف حكومة المالكي دخلوا جبهة الاقتتال مباشرة.
وإن صدقت تقارير تزويد الأسد بصورايخ اس300 الروسية المتطورة، تكون روسيا قد دخلت في الاقتتال السوري أيضا بشكل مباشر. تركيا دخلت أكثر من مرة بمواجهة عسكرية مباشرة مع النظام السوري وكانت ضحية لإرهابه بتفجيرات ريحانلي وغيرها، وتتراشق النيران عبر الحدود معه بشكل مستمر.
حتى لبنان، دخل الاقتتال السوري عبر طرابلس بين مؤيدين ومعارضين للأسد، وتعرضت بيروت والحدود اللبنانية لصورايخ تعكس بعداً لتورط حزب الله بالاقتتال، فهناك من يحمّل لبنان الدولة التورط بالأزمة السورية عبر مشاركة مقاتلي حزب الله، وهو حزب مشارك بالحكومة اللبنانية التي لا تزال تصرف الأعمال منذ شهور.
باختصار، فإن إيران وإسرائيل (وبالتبعية أمريكا) وتركيا ولبنان والعراق وروسيا قد تورطوا جميعا مباشرة بشكل أو بآخر بالاقتتال السوري، وهذا ما كان يطمح له الأسد، وشعاره 'أنا الغريق فما خوفي من البلل'.
وماذا عن دول الخليج؟ أعلنت ولاتزال منذ بداية الثورة أنها مع الحل السلمي لها، وهو الموقف الذي ناهضه الأسد منذ البداية بحماقة منقطعة النظير. صحيح أنها تريد تسليح المعارضة وتمول عمليات إغاثة اللاجئين، ولكنها أيضا مترددة فيمن تسلح، ومتباينة بدرجات حماسها للثوار. والأردن يعيش أزمة اقتصاديّة وأمنيّة وديمغرافيّة معقدة ويريد التخلص من كابوس الوضع السوري بأسرع وقت ممكن 'بالّلتي واللّتيّا'.
لم يعد لدى الأسد شيء يخسره سوى حياته وبقائه مع من معه، فهو يدرك أن لا عودة لتأهيل نظامه، وأنه لن يحكم سوريا أبدا مهما أراق من الدماء، كما لم يعد اللاعب الرئيسي في خندقه، فالآخرون يخوضون الحرب اليوم نيابة عنه، وكل شيء له ثمن في الحروب وفي السياسة.
الحقيقة المُرّة التي تتشكل يوماً بعد يوم أن الثورة السورية تحولت إلى اقتتال متعدد الجنسيات، ومؤتمر جنيف2 - لو انعقد- ستتلوه 'جنيفات' كثيرة، وكابوس الشعب السوري سيطول، ولكن من يدري؟ راقبوا الموقف الروسي في الأسابيع القادمة، فالبوصلة الروسية مؤشر على مدة استمرار المأساة.
* كاتب واكاديمي كويتي
تعليقات