الكويت يسير بتخبط كبير.. هكذا يعتقد مساعد الظفيري
زاوية الكتابكتب يونيو 11, 2013, 12:11 ص 718 مشاهدات 0
الكويتية
الهاربون من الواقع
مساعد الظفيري
الغارقون في الخيال، والمغيبون عما يجري، والواهمون والواهنون، هم عبء على مجتمعاتهم، خصوصا إذا ما كانوا أصحاب مناصب، أولهم رمزية في المجتمع، وهؤلاء مصيرهم الاستغفال وربما الاستغلال في تبني الطرح الساذج تحت شعارات فارغة كالموضوعية المبالغ فيها، أو كالابتعاد عن الطائفية بحجة العقلانية، أو النأي بالنفس عما يجري على أرض الواقع بذريعة اعتزال الفتن حتى وإن كان الحق واضحاً! فما يشهده الوطن والأمة والعالم بأسره من تحولات جذرية، سيعيد رسم خريطته السياسية في المستقبل، وما يجري حولنا من تغيرات كبيرة، من سقوط أنظمة وصعود أخرى، ومن انكشاف لحقيقة أدعياء الحريات والديمقراطية، وما يدور من حرب طائفية مستعرة في بلاد الشام، يغذيها حقد طائفي ويشعل نيرانها التدافع الماثل بين المشروع الصفوي الطائفي والمشروع السني الداعي للتحرر والإصلاح!
وما يدور حتى في تركيا من احتجاجات من القوى العلمانية، وما تشهده مصر من مؤامرات مستمرة تهدف إلى عدم استقرارها، وتحاول إفشال التجربة الإسلامية السنية في الحكم لمصلحة دول أخرى متضررة من وجود الإسلاميين على رأس السلطة، وما يشهده اليمن من تدخلات إيرانية سافرة لتحويل مساره الديمقراطي لتحقيق مصالح إيران، وما يحصل في العراق من احتراب على الهوية، كل هذه التحولات والتغيرات التي تموج من حولنا، التي لا تعيها حكوماتنا، يستوجب من النخب الفكرية والثقافية والساسة وقادة الرأي وصناع القرار، وقفة جادة تجيب عن أسئلة جوهرية مهمة، منها: أين نحن مما يجري حولنا؟ وما الإستراتيجية التي يجب أن نطرحها ونلتزم بها بما يخدم أمننا الداخلي، ويوثق روابطنا الإقليمية سواء العربية أو الإسلامية؟
وما التحالفات التي يجب أن تعمقها الدولة لتضع قدمها وتحفظ كيانها على خريطة المستقبل؟ وما انعكاسات ما يجري على أمننا الداخلي والخارجي؟ وغيرها من عشرات الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات ورسم سياسات وتبني خيارات واضحة بدلا من حالة «التوهان»، التي تعيشها البلاد!
لا يمكن أن نعيش بعقلية هؤلاء التائهين، ولا بعقلية أولئك الغارقين في دائرة مصالحهم الشخصية الضيقة، الذين لا هّم لهم سوى تدبير المؤامرات والتحريض على الآخرين لتوطيد مراكزهم ومنافعهم، والبقاء أطول فترة ممكنة بالقرب من السلطة، أو أولئك المضللون الذين يسطحون الأحداث ويضللون الرأي العام لحماية المذهب أو الطائفة، أو من يصرفون الأنظار عن الخطر الحقيقي، ويمارسون الدجل الإعلامي والإرهاب الفكري، ويسلطون سيف الطائفية على رقبة كل من يقرأ المشهد على حقيقيته! وللأسف، نرى الكثير من الذين يتصدرون المشهد في وسائل الإعلام لا يرون أبعد من أنوفهم، ولا ينظرون إلا تحت أقدامهم، ولا يصلحون لتمثيل الأمة، فلا هم أفلحوا في التشريع ولا في النيابة عنها، ولا صدقوا في التعبير عن طموحها وآمالها ومستقبلها، أو حتى قراءة الواقع، فضلا عن التخطيط للتعامل معه، وقد يكون لهم كامل العذر في هذا التيه الذي يتخبطون فيه، فهذا مبلغهم من العلم!
إن من يتصدر المسؤولية ويدور في فلك مصلحته الخاصة الضيقة، لن يرى سوى حسابه البنكي وما يمكن تحصيله من منافع وتكسب وهبات وحظوة من السلطة، ولن تشغله المخاطر التي تدور حول بيته ووطنه فضلا عن أمته، فقد أصبح ساذجا وأداة طيعة لبائعي الكذب ومزوري الحقائق ومضللي العقول، وسذاجته ينطبق عليها ما جاء في قصيدة «عباس» للشاعر الكبير أحمد مطر! ولكن يبقى الأمل بعد الله تعالى في الصادقين والمخلصين من أبناء الكويت بملء الفراغ الإستراتيجي الذي نعانيه في البلد، فنحن بلا رؤية ولا تخطيط، ونسير بتخبط كبير.. بل إننا نستدعي أخطاء الماضي القاتلة.. وحسبنا الله ونعم الوكيل!
تعليقات