مجلس الصوت الواحد أفقدنا الاستغراب والاندهاش.. برأي عواطف العلوي

زاوية الكتاب

كتب 833 مشاهدات 0


الكويتية

مندهشة  /  الحراك.. وبرج الحمراء..!

عواطف العلوي

 

أمسكت عن الكتابة في هذا الموضوع، وأجّلت إبداء رأيي فيه تأييدا أو رفضا، حتى لا يساء فهم مقاصدي وأُتَّهم بالإضرار بالمعارضة وشبابها ومسيرتها ضد الفساد والمفسدين والعابثين بالدستور.
أما وقد تم الإفراج عن الشباب الثلاثة الذين اعتُقلوا قبل أيام بتهمة «دخول عقار خاص من غير إذن مالكه، وتهمة إتلاف وتسبب بأضرار وخسائر مادية من جراء تعليق الأوشحة البرتقالية»، وذلك على ضوء الشكوى التي تَقدّم بها أصحاب المجمع التجاري، فقد صار لزاما عليّ أن أكتب رأيي بصراحة بعيدة عن المجاملة لكلا الطرفين، وأعتقد أن الجميع بات يعرف حياديتي في مقالاتي، وعدم انجرافي خلف أي تيار غير تيار الحب لبلدي وحرصي على مصلحته!
وأبدأ بمن دعا إلى مقاطعة برج الحمراء الذي قام الشباب برفع اللوحات البرتقالية فيه، فقام أصحاب المجمع بتقديم شكوى ضدهم. هل تريدون معاقبتهم لأنهم مارسوا حقهم المشروع في حماية ملكهم الخاص ومصالحهم التجارية؟! هل كنتم تتوقعون أن الجميع يؤازركم في مطالبكم، ويتحتم عليه بلا تردد تقديم العون والتسهيلات لكم، بل وتحمّل الخسائر سواء المادية منها أو على صعيد العلاقات الاجتماعية مع جميع الأطراف في البلد لأجلكم؟! لا أظن أنكم سذج إلى هذه الدرجة لتطالبوا بحرمان أي شخص أو جهة أو فئة من حقها في الشكوى أو الاعتراض على أي مسلك لا يتماشى مع مصالحها، سواء اتفقت تلك المصالح مع غاياتنا أم لم تتفق، ما دامت لم تخرج عن أطر قانون البلد، وهذا من أبسط وأول أبجديات الحقوق والكرامة التي بَنَت المعارضة حراكها عليها، وإلا أنا غلطانة؟!
عاطفيًا ووطنيًا أرى ما قام به الشباب يخدم أهداف الحراك، وإن كان مخالفًا للقانون، ففي كثير من الأحيان تُسد أبواب الحلول أمام الثائرين على الفساد فيضطرون إلى اختلاق قوانينهم الخاصة لتحقيق غاياتهم، ولكن في النهاية إذا عدنا للعقل والمنطق فتصرّف الشباب يعد مخالفة قانونية وهم يدركون ذلك جيدا.. أو هكذا آمل، ويُفتَرض أنهم «قد هذا الفعل» ومستعدون لتحمل نتائجه وعواقبه القانونية، هذا هو حال الناشطين السياسيين في كل العالم، فدعونا لا نخلط الأوراق، ولنضع النقاط فوق الحروف ليقرأها الآخرون بوضوح لا لبس فيه!
لديك قضية تدافع عنها.. هذا عظيم، والأعظم منه أن تكون أهلا لتحمل نتائج نشاطك السياسي وعواقب دفاعك عن قضيتك، إن كان قانون البلد يمنع الطريقة التي اتبعْتَها في سبيل ذلك، ولا تقوم بالهجوم على من يتضرر أو تتعطل مصالحه -حسب منظوره- مما تفعله، أو يرى بذلك أنك تعديت على ملكياته الخاصة أو حدود الحريات العامة المسموح بها! لكم دينكم ولهم دين!
هذا لا يعني أنني أتفق بالمطلق مع الإجراءات التي تم عبرها اعتقال أولئك الشباب فجرا وبمعزل عن أهلهم ومحاميهم، ما أشعرنا بأننا في دولة بوليسية لا يأمن فيها أحد على نفسه أو أهله أو بنيه من مثل تلك الإجراءات البعيدة عن المشروعية، وبكل تأكيد أرفض -كما يرفض كل كريم شريف بالبلد- ما تَعرّض له الشباب خلال التحقيق معهم من أسلوب تعامل لا أخلاقي، وسيل من شتائم مشينة وإهانات تحط من الكرامة الإنسانية، وألفاظ يعف اللسان عن ذكرها من قِبَل ضباط المباحث الجنائية، تحت أنظار ورضا كبيرهم في مكتبِه، حسب ما ورد على لسان أحد الشباب بعد الإفراج عنه!
فإذا كان الكويتي العزيز صاحب المبدأ والقضية الوطنية الشريفة يتعرض لمثل هذا الإذلال والإهانة.. فكيف بغير الكويتي؟! كيف بـ «البدون» المساكين؟! وكيف بمرتكبي الجنايات والجنح الأخرى، هَيّنة كانت أم جسيمة! لا أريد حتى تخيل الجواب!
عمومًا، وبوجود مجلس الصوت الواحد.. لم نعد نستغرب ولا نُدهَش من أي شيء.. أي شيء..!

الكويتية

تعليقات

اكتب تعليقك