نبش الماضي لن يجدي!.. هكذا يعتقد عبد اللطيف الدعيج
زاوية الكتابكتب يونيو 1, 2013, 11:59 م 1356 مشاهدات 0
القبس
متى نتعلم؟
عبد اللطيف الدعيج
نحن القائلون «كل طراق بتعلومة»، لكن.. أكلنا ملياري طراق ــــ حسب الظاهر فقط ــــ والى الآن مع الاسف لم نتعلم شيئاً. محزن جدا ما يجري سياسيا هذه الايام، وفي قضية «الداو» بالذات. ففي قضايانا الوطنية «الخاسرة» يتم في العادة تناسي المشكلة او الازمة بالنسيان او الاهمال. في «قضية الداو» تم ابتكار اسلوب جديد، وهو ابقاء القضية مفتوحة مع تحويل في مجراها ومسارها، فأصبحت بدلا من محاولة لادانة وتعرية المسؤول عن الغاء المشروع التنموي المجزي، الى قضية ملاحقة للقيادات النفطية التي وضعت الشرط الجزائي!
لست طالب ثأر هنا، ولن يجدي نبش الماضي، ان لم يكن بقصد انارة الحاضر وكشف خبايا المستقبل. خصوصا اننا على ثقة بان كثيرا ممن تعامل مع القضية، قام بذلك بدوافع وطنية وتحت هاجس «حماية المال العام»، والحد من الفساد المزعوم. طبعا هناك من ساهم مدفوعا بخلافه السياسي او الاقتصادي وهذا واضح، ولكن من الصعب الحكم على النوايا، والاكثر صعوبة هو ادانة العاملين في الشأن العام ممن لا يخضعون لقوانين الجزاء والمساءلة كبقية موظفي الدولة ومسؤوليها.
لكن ليس من المفروض ان تتخذ القضية هذا المسار. وليس من الحكمة ان نتغاضى ببساطة عن النتائج والعبر والتجارب الميدانية والعملية التي كلفتنا الكثير من الجهد والمال، فقضية «الداو» لم يكن لها ان تحدث لو لم يتم النفخ كثيرا في قضايا المال العام. ولو لم تتم المبالغة من قبل المجاميع السياسية كلها في التعاطي مع هذا الملف. فالجميع، وخصوصا القوى الوطنية والشعبية كان يعاني من مأزق «الهدنة» التي وضع نفسه فيها، سواء مع السلطة أو مع مجاميع التخلف. هذه الهدنة كان من نتائج اولويات استمرارها وضروراته، نقل الصراع السياسي الى مجال وآفق آخرين. تعويضا عن الصراع الحقيقي وخلقا لساحة حرب ـــ ربما وهمية ـــ بدلا من الساحة الحقيقية. هكذا كانت كل دعاوى حماية المال العام ومحاربة الفساد تعبيرا عن محنة المجاميع السياسية وقلة حيلتها، اكثر منها حقائق واقعة ودفاعا حقيقيا عن قضايا الوطن.
تحويل القضية من الغاء مشروع تنموي له مردوداته الاقتصادية والاجتماعية الى الغرامة التي نشأت بفعل هذا الالغاء. تهرب من مواجهة المسؤولين الحقيقيين عن الخسارة التنموية الفادحة، واستمرار في النهج الغوغائي السياسي ذاته الذي ينفخ في الاكاذيب ويختلق الجرائم والنكبات. اننا ندفع الغرامة لان هناك من الغى او اجبر الحكومة على الغاء العقد، وليس لان بعض الفنيين وجدوا من الضرورة تضمين العقد هذه الغرامة «الباهظة» حفاظا على اهمية المشروع وربحيته للجانبين. هكذا ببساطة.. لكن غوغاء السياسة، ومن نجحوا طوال العشرين سنة الماضية في خلق القضايا واختلاق الازمات يجدون، بل ويقنعون، الامة بان الازمة والقضية في من وضع الشرط الجزائي، وليس من الغى العقد المجزي اقتصاديا واجتماعيا.
علينا ان نستفيد من الدروس، على الحكومة بالذات ان تضع ثقتها في موظفيها وفي فنييها ممن تم تدريبهم وتأهيلهم للقيام بواجباتهم المهنية والفنية. وعليها ان تستمع مستقبلا لهذه الكفاءات والمؤهلات بدلا من الرضوخ لغوغاء مدعي الفهامية والحرص غير الطبيعي على المال العام. وعلينا، وهذا الاهم، ان نطلق يد الانشاء والاعمار.. ومن لديه مزاعم او دلائل على السرقة او التربح غير المشروع. عليه ان ينتظر حتى يسرق السارق بدلا من هذا الحرص غير الطبيعي على وقف السرقات الذي لم يؤد الا الى وقف كل المشاريع.
تعليقات