أمن مجتمعنا واستقرار مستقبل أبنائنا خط أحمر.. هذا ما يراه سامي خليفة

زاوية الكتاب

كتب 1090 مشاهدات 0


الكويتية

لمن نحتكم عند الاختلاف؟

د. سامي ناصر خليفة

 

في الكويت نختلف كمجتمع متعدد الأطياف ومتنوع المشارب حول الكثير من قضايا الساحة المحلية والإقليمية.. فمحليا، هناك من يرى أن المعارضة إصلاحية يُعقَد عليها الأمل في التغيير، فيما هناك من يراها إقصائية إلغائية معرقلة لكل جهود التنمية والتطور. وهناك من يرى أن الحكومة والمجلس معوقان للاستقرار في البلاد، فيما هناك من يرى أنهما أفضل من أي بديل آخر في الساحة.
وإقليميا، هناك من يرى أن ثورات الربيع العربي جاءت بأنظمة عصرية متطورة، فيما هناك من يرى أنها ثورات رجعية استطاعت الدول الغربية، ومعهم المتطرفون، مصادرتها واقتسام الهيمنة عليها.
وهناك من يرى أن الثورة في البحرين ليست إلا حراكا طائفيا لفئة مرتبطة بإيران، فيما هناك من يراها ثورة شعبية حقيقية تملك كل مقومات النهضة والمكنة. وهناك من يرى إيران دولة فارسية مجوسية صفوية تعادي العرب، فيما هناك من يراها دولة إسلامية يحكمها نظام عادل وشعب وصل في التطوير التقني والعلمي والتكنولوجي، ما جعل بلاده في مصاف الدول الكبرى.
هناك من يرى أن في سوريا ثورة شعبية ضد نظام ديكتاتوري مستبد، ولا بد من دعمها، فيما هناك من لا يراها ثورة، بل هم حفنة من العصابات الإرهابية التكفيرية المسلحة من المرتزقة الذين أتوا من شتى بؤر الإرهاب في العالم، ومعهم أعداد من المرتبطين بمخابرات دول غربية وأنظمة إقليمية نجحت بسعيها في تفكيك جبهة الممانعة والمقاومة، لتقدم هدية على طبق من ذهب لا يحلم بها العدو الصهيوني. وهناك من يرى أن حزب الله تنظيم إرهابي يسعى إلى الإطالة في عمر النظام السوري، فيما هناك من يرى أنه تنظيم جهادي لقن الصهاينة دروسا في الهزائم وحرر أرضه، بإيمانه بالله وصحة قضيته. وهناك من يرى أن السيد حسن نصرالله انحرف وانكشف وأصبح عدوا، في حين هناك من يراه رمز عزة العرب والمسلمين وقائدا ملهما وقدوة لا يضاهيها أحد في الصدق والأمانة، وهو النموذج النظيف في بحر من النماذج المشوهة.
نعم.. هناك اختلافات كثيرة، وتباينات عديدة، لا يمكن وضعها تحت عنوان واحد أو حصرها في إطار واحد مع تعقد مسار الكثير من الأزمات التي تمر بها الكويت والمنطقة.. وبالتالي، لا بد أن نوجد طريقة في التعاطي معها، كي لا تتحول إلى خلافات لا يُحمد عقباها، والعياذ بالله.
وأحسب أنه يمكن ضمان ذلك، إذا ما التزمنا بالقيم الثلاث التي تشكل صمام الأمان، وهي: أولا، علينا جميعا التزام أدب الحوار وثقافة التعاطي الإيجابي مع المختلف، فلا يجوز الفجور في الخصومة أو فرض الرأي المختلف على الآخر أو فقدان الاحترام والتقدير للمختلف، ولا يجوز استغلال الاختلاف للتجريح بالمقدسات والرموز الدينية والمعتقدات، مهما كانت الأسباب.
ثانيا: التزام الجميع قوانين الدولة التي تضمن مفهوم المواطنة أسسا للتعايش، وتعزز القيم الداعية إلى التماسك والترابط بين مكونات المجتمع الواحد، كالوحدة الوطنية والسلم الأهلي، وتجرم خطاب الكراهية والشحن العرقي والطائفي والعنصري وغيرها من المفردات السلبية الأخرى.
ثالثا: علينا أن نجيد فن تفعيل المشتركات وإهمال المختلفات، لنجنب الكويت التأثر بتلك الفتنة الكبيرة، فأمن مجتمعنا واستقرار مستقبل أبنائنا خط أحمر، لا يجوز تجاوزه مهما كانت التبريرات.
لذا، أحسب أن الجميع اليوم عليه تحمل المسؤولية، إذا ما أردنا لبلادنا خيرا.

الكويتية

تعليقات

اكتب تعليقك