عن لعبة هدم البلد!.. يكتب محمد المقاطع

زاوية الكتاب

كتب 2430 مشاهدات 0


القبس

الديوانية  /  لعبة هدم البلد

أ.د محمد عبد المحسن المقاطع

 

نفيق كل صباح مفعمين بالأمل الذي يحدونا بأن يكون يومنا أفضل من أمسنا، وغدنا أفضل من يومنا. فقد عاش البلد حالة اللااستقرار السياسي، بسبب حكومات لا تملك قرارها الذي يكون تحت رهبة التهديد والابتزاز السياسي لأعضاء في مجلس الأمة، ممن استهواهم الاسترزاق السياسي والتبعية لأحد أصحاب النفوذ، ولا فرق في هذا الخصوص بين معظم النواب في معسكر الموالاة للحكومة أو المعارضة، فكلاهما في هذه الخصلة السيئة سواء، ولا يغرنكم ادعاؤهم غير ذلك. وحكومة بهذه الحالة من الضعف - والتي لا يقوى فيها مجلس الوزراء ان يملك قراره، ويكون نافذا بسلطته، ويتردد في كل قرار، ويتراجع عن كل موقف - فإن البلد في غنى عنها، ولتذهب غير مأسوف عليها، لأن الاستقرار لا يتحقق بهكذا حكومة، ولا بد من الحرص على حكومة يتحقق بوجودها الاستقرار.

كما عاش البلد حالة الهدم المستمر له.. هدم مؤسساته وهدم قيمه وهدم بنيته التحتية وهدم نسيجه الاجتماعي، وهدم قيمة العمل والإنتاجية، وهدم قيمة الحوار والاختلاف، وهدم قيمة المواطنة الصالحة، ووجود قدوات حسنة، وهدم قيمة العمل السياسي الراقي والبناء، وهدم قيمة التسامح، وهدم قيمة التعلم والعلم، وهدم قيمة المنافسة الشريفة وتكافؤ الفرص، وهدم قيمة المساواة والعدالة وقيمة الحكومة الرشيدة، وحلت مكانها الفوضى والغوغائية والواسطة والفساد الحكومي والتشرذم الفئوي والطائفي والقبلي، والاتكالية والرغبة في الشهادة من دون علم أو تعلم، والتدني في العمل السياسي، وكل ذلك بسبب الصراع الذي صار لعبة الأطراف المحورية في العمل السياسي، بدءا من بعض أفراد من الأسرة الحاكمة، ومرورا بقيادات العمل البرلماني والسياسي، وحتى الدين اتُّخذ من البعض وسيلة لتغذية هذا الصراع هجوما أو دفاعا، وكذلك بعض أعضاء مجلس الأمة الذين لا تتنفس رئاتهم كما ضمائرهم، إلا في أجواء الصراع، وشارك في ذلك بعض أصحاب النفوذ المالي والاقتصادي، فصار كل منهم يضرب البلد ويهدم مؤسساته وبنيته ومشروعاته وبناءه، وهم يدّعون أنهم يضرب بعضهم بعضا، رغم يقينهم بأنهم يضربون البلد، ومن ثم يهدمونه بلعبتهم الرخيصة والمريضة، التي تنطلق من مصالحهم الشخصية المقيتة الضيقة على حساب البلد! فتبّا لهم جميعا، وتبا للعبة هدم البلد. والحل أولاً وأخيراً بحكومة نزيهة قوية تملك قرارها، حتى تتصدى لهذه اللعبة قبل هدم البلد كاملاً، وعندها نصبح كل يوم مبتهجين، وكلنا أمل في أن تكون مهجتنا الكويت على أحسن حال.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك