الدولة تقترب من حالة الانهيار.. محمد المقاطع منبهاً
زاوية الكتابكتب مايو 19, 2013, 10:53 م 1457 مشاهدات 0
القبس
الديوانية / فكر التابلويد والبحث عن الفضائح
أ.د محمد عبد المحسن المقاطع
ماذا يمكن أن يصبح عليه حال أي دولة حينما يصبح الفراغ هو حال معظم الناس؟ فالعمل أو الوظيفة هما ملتقى للتسامر وقضاء الوقت، وليس للإنتاجية أو الحفاظ على مستوى الأداء وتحسين الخدمة، أو الارتقاء بأعمال الوظيفة، والدخل المالي ليس لاستكمال المتطلبات المعيشية، وإنما للوصول إلى درجات أعلى في الحياة الكمالية والترفيهية، والعمل السياسي ليس بهدف تطوير الحياة السياسية، وتحسين إدارة البلد وصولا إلى الإدارة الرشيدة بقدر ما هو من أجل الوجاهات الشخصية والأجندات الخاصة والترف السياسي الذي يأتي في آخر قائمته فكر وأداء رجال الدولة وبناء وطن وتنميته، ويسود بدلا منه الانكفاء الفئوي والقبلي والطائفي الذي يفت عضد الدولة وبنيانها. وهذا التشخيص ينطبق على معظم مناحي الحياة العامة وارتباط الناس بها، فالحالة الترفيهية بلا شعور بتحمل المسؤولية ولا إسهام بواجبات وطنية محددة أو تحمل أعباء مالية، مع وجود دخل مالي جيد ومريح، وسط حالة من اللامبالاة والتسيب الوظيفي بل والحياتي، أفضى إلى كون معظم الناس يعيشون حالة من الفراغ، فمن لا يعمل ولا يلزم بذلك يعيش حالة تبلد بالإحساس تجاه الحياة العامة ومصلحة البلد، ويصبح دائرا بحالة الفراغ المؤذية له وللمجتمع، وهذه حال معظم الناس في المجتمع الكويتي.
وها نحن نشهد شعبا في، معظمه، تواقا لسماع الإشاعات، بل إنه يسعد بكل من يملك القدرة على صنعها وبثها ويسارع لالتقاطها ونشرها، حتى وصل الأمر والحال لدينا إلى أن الإنسان يؤلف الكذبة ويصدقها من كثر تداولها بين الناس، وعلى هذا النسق ظهرت لدينا وسائل إعلامية تتفنن بلعبة الإشاعات، بل ونشر الفضائح المفبركة، وتتخصص بذلك صدق الأمر أو لم يصدق من أجل نشر الفضائح لغرض الفضائح لا لأي غرض آخر، فصار لدينا صحف الفضائح التي تعرف بالإنكليزية بمصطلح «التابلويدز»، بل وصار أشخاص ينتشرون في الديوانيات وهم مشهورون بأنهم شخصيات مريضة تستمتع ببث الفضائح والبحث عنها والتفنن في تزيينها، فبئس الحال تلك وبئس الأمر هو.
إن المشكلة لدينا في الكويت هي مشكلة تآكل الدولة من جهة سوء الإدارة وانحدار مستوى العمل السياسي وغياب دولة المؤسسات وتراجع المشروعية الدستورية، مما آل معه الأمر إلى الاقتراب من حالة الانهيار للدولة، ومن جهة أخرى تفكك للمجتمع نتيجة ضعف أو تلاشي أهم مكونات قيمه؛ الأمانة والصدق والحرص الوطني وصد المغرضين ومنع الفضائح ورفض الفرقة والتعصب والتداعي الفئوي والقبلي والطائفي، وسادت بدلا منها أخلاق وقيم عكسية مما هدد المجتمع في تكوينه وتماسكه وقيمه، وأخشى أن ينطبق علينا قول الشاعر: «وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت ،،،،،،،،، فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا».
وهناك خلف الكواليس من أصحاب النفوذ ومراكز القوى من يسعد بأن يرى المجتمع ينهار مؤسسيا ويتفكك اجتماعيا، وهو يغذي سلوكيات الفضائح الرديئة وبكل أسف.
تعليقات