عاقبوا المواطن قبل الوافد بقلم فواز حمد الفواز
الاقتصاد الآنإبريل 30, 2013, 12:29 م 921 مشاهدات 0
لا أعرف عدد الحملات على الوافدين غير النظاميين، فهي أكثر من أن تحصى وما تكاثرها إلا الدليل على فشلها المتواصل والمتوقع. الوافدون مخالفون للأنظمة وتجب معاقبتهم، ولكن لا يمكن أن يكون النظام ذا مصداقية وقابلية للاستدامة دون معاقبة الطرف الآخر في المعادلة. الطرف الآخر الذي غالبا هو المستفيد الأكبر في المعادلة الاقتصادية هو الذي يوفر العمل ويستطيع تفادي استحقاقات وتكاليف الوافد النظامي. بل إن التهاون مع المواطن المخالف أكثر ضررا على المجتمع لأنه يعطي مساحة أفضل للمواطن المقصر، وبالتالي تكون سياسة التوطين أصعب اقتصاديا ومعنويا، ناهيك عن مصداقية الأنظمة وهيبة البلاد. الرغبة في ملاحقة الوافد غير النظامي قد تكون منطقية ويقبل بها الكثير ولكنها في نظري إما خطأ وإما غير متكاملة. الخطيئة الكبرى أنها لا تتماشى مع النموذج المطلوب اقتصادياً في المملكة.
هناك مسافة غير عادية بين القدرات الذاتية للمجتمع وبين حجم الاقتصاد، وبالتالي هناك حاجة غير عادية للوافد، ولكن حتى هذه لا تكفي لفهم الحالة لدينا. حجم الاقتصاد مرده مقدرات مالية غير ذات ارتباط بما يقوم به المواطن وأحيانا كثيرة حتى الوافد لأنه موظف في نواح استهلاكية لا تزيد من حجم الاقتصاد الفعلي، ولعل أفضل دليل على ذلك هو بقاء الجزء الأكبر منهم حتى في حالة التباطؤ الاقتصادي، فوجود الوافدين أقرب إلى هجرة اقتصادية منه إلى عمل مؤقت. سبب هذا البقاء هو الحجم الكبير في نزعة الاقتصاد الحكومية والاستهلاكية. هذه النزعة مردها رغبة الحكومة الأبوية في إعطاء المواطن كل شيء بقدر الإمكانات المالية المتاحة، وهذه إمكانات معتبرة تستطيع توظيفهم وإعطاءهم منافع شبه مجانية، ومن هذه المنافع توفير عمالة رخيصة. حجم الاقتصاد الكبير أصبح عباءة فضفاضة تعطي القادر وغير القادر، بل لعلها تعطي القادر أكثر مثل الدعم للوقود والنافع، بل إنها تساعد الوافد ثم تحاول الحد منه، فتصبح الجهود متناقضة وترتفع التكاليف المجتمعية وتؤثر سلبا في النواحي المعنوية وخاصة في الدوائر الأكثر وعيا. وهذه سرعان ما تجد طريقها إلى قلة المؤهل المخلص لعمله.
لا تقف الخسائر هنا، فالضحية الكبرى والأكثر ضررا دون منازع هي الحد من دور الإنتاجية التي دونها ليس هناك اقتصاد ينمو، هذا في الجانب المادي، ولكن في الأخير لا يمكن فصله عن الجانب المعنوي، فحتى النموذج الأبوي ينتهي بعدم الرضا، فدائما هناك من يريد أكثر ويعتقد أنه أفضل وأكثر استحقاقا وتصبح الرغبة في العدالة غطاء للمطالبة بالمزيد غير المستحق في الأصل ولكنه مستحق نسبيا، ولكن الرضا الاجتماعي مرده دائماً نسبي. الرابط الأساس بين الوافد والمواطن هو قلة إنتاجية المواطن واستعداد الحكومة لحمايته من ويلات العمل وعدم مواجهة الحقيقة الاقتصادية أن جزءا كبيرا من الوافدين هم مهاجرون اقتصاديون.
ما الحل؟
محاولات الحلول لدينا لا تخرج من حدود نموذج تم استهلاكه، ولذلك لن تنجح. علينا التفكير في نموذج جديد. نظرا لصعوبة الإشكالية وتراكم العيوب وتداخل المجتمعي مع الهيكلي، يفضل أن يكون الحل على مرحلتين، الأولى أن تدفع الحكومة مبلغا تعويضيا عن المنافع وليكن ألف ريال لكل مواطن 'لا يزيد على ستة آلاف لكل عائلة' ثم رفع أسعار الوقود والكهرباء والماء والغاز إلى حد الربحية الاقتصادية لمن يعمل على إنتاج وتسويق هذه المنافع، وإيقاف التوظيف الحكومي، والتخصيص الفاعل. بعد هضم هذه المرحلة علينا التفكير في أنظمة أكثر استدامة مبنية على الضرائب وإنتاجية المواطن. لا بد من خريطة طريق، فالواضح أنه ليس هناك خريطة طريق تنموية.
تعليقات