تطبيقات الدردشة تفرض على شركات الاتصالات إعادة ترتيب أوراقها بقلم دانييل توماس
الاقتصاد الآنإبريل 30, 2013, 12:27 م 1087 مشاهدات 0
شهد الأسبوع الماضي إطلاق هاتف ذكي جديد ينطوي على تغيير ثوري، بإدخاله شبكة اجتماعية على نحو متكامل ضمن الأجهزة والبرامج للتخاطب مع مئات الملايين من المستخدمين.
نحن لا نتحدث هنا عن أحدث برنامج للجوال من ''فيسبوك''، وإنما ما أطلق عليه بعضهم اسم ''هاتف واتساب''، وهو جهاز من نوكيا بداخله لوحة مفاتيح تقليدية وزر مباشر مخصص لفتح تطبيق الدردشة النصية ''واتساب'' الذي يتمتع بشعبية هائلة.
يوجد لدى ''واتساب'' أكثر من 200 مليون مستخدِم نشط، وبالتالي يحق له الادعاء بأنه كبير في حجم ''تويتر''. ومن المرجح أن يزداد حجمه أكثر حتى من ذلك، بعد أن أدمجت نوكيا هذا التطبيق للرسائل النصية ضمن هاتفها الرخيص الجديد Asha، الموجه نحو بلدان الأسواق الناشئة.
ويعتبر ''واتساب'' واحدا من بضعة برامج للدردشة النصية التي تمكنت من الحصول على شعبية هائلة في مختلف أنحاء العالم، لكن شركات الجوال هي التي تتعرض للأذى، بسبب ذلك. ووفقا لدراسة أجرتها أخيرا شركة إنفورما للاستشارات، تفوقت أحجام الرسائل النصية عن طريق التطبيقات المجانية، مثل ''آي مسِج'' من أبل وبرنامج ''وي شات'' من تينسيت، على الرسائل النصية التقليدية، وسيتضاعف حجم الرسائل بنهاية هذا العام.
وبعد مرور خمس سنوات فقط على فتح الهواتف الذكية الباب أمام هذه التطبيقات المجانية للرسائل، تبنى زبائن الجوال بصورة سريعة هذه الرسائل الفورية المجانية، وهو ما يعتبر علامة على رد الفعل البطيء لشركات تشغيل الجوال على التهديد الجديد. فقد سهلت تلك الشركات نمو السوق، بالنظر إلى الاختيار السهل أمام الزبائن بين الرسائل النصية والصوتية المجانية، بدلا من اللجوء إلى الرسائل النصية ومكالمات الجوال التي تتقاضى عليها الشركات المال.
ولأن المكالمات الصوتية التقليدية واقعة الآن تحت ضغط من المكالمات والرسائل المجانية على الإنترنت، تواجه شركات تشغيل الجوال واقعا جديدا يتمثل، إما في التغلب عليه وإما الانضمام إلى الشركات المنافسة، التي تكون أصغر منها في الغالب، التي استطاعت سرقة زبائنها.
وخلافا لذلك تخاطر شركات الجوال بمواجهة تراجع الإيرادات على المدى الطويل من، حيث كونها تقدم سلعا تجارية للشبكات التي تنقل بكل بساطة خدمات الشركات المنافسة.
وفي الربع الأول من 2013، وللمرة الأولى، كان عدد الهواتف الذكية التي نزلت السوق أكثر من عدد الهواتف الأساسية، وفقا لدراسة من آي دي سي، شركة الأبحاث المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات. وتتحول هذه الهواتف الذكية بصورة متزايدة إلى إدماج برامج تساند الخدمات الشائعة الحديثة، مثل شركة نوكيا التي أدمجت برنامج واتساب في جهازها الأخير.
ويقول محللون في بنك إتش إس بي سي إن دخول عدد هائل من شركات التشغيل التي ''تأتي في المقدمة''، مثل ''سكايب'' وتطبيق واتساب، يعمل بصورة أساسية على عرقلة وتقييد قوة التسعير لدى شركات الجوال.
وفي السنة الماضية تفوق الحجم اليومي لحركة الرسائل النصية عبر الإنترنت على حركة الرسائل النصية عبر الجوال، وفقا لشركة إنفورما، حيث بلغ إجمالي الرسائل عبر التطبيقات ''التي تأتي في المقدمة'' 19.1 مليار رسالة في المتوسط في 2012، مقارنة بمتوسط مقداره 17.6 مليار رسالة نصية في اليوم عبر الجوال. ويقول تيد لِفِنجستون، الرئيس التنفيذي لشركة كيك، وهي تطبيق مشهور آخر للدردشة: ''التطبيقات المذهلة المتفوقة على المنافسة في الهواتف الجوالة هي هذه التطبيقات المخصصة للدردشة النصية -وهذا هو السبب في أنك ترى كل هذا النمو، لكنك ترى كذلك الفرصة في أن تصبح منصة للدردشة. وأول تطبيق يقوم بذلك على نطاق واسع سيكون هو التطبيق الفائز''.
وستستمر الرسائل النصية في الجوال في النمو بصورة إجمالية، وفقا لشركة إنفورما، وذلك بفضل تبني هذه الخدمات بسرعات مختلفة. لكن الرسائل الفورية ستنمو بصورة أسرع بكثير -وهذا هو السبب في أن شركات تشغيل الجوال تقوم بصورة بطيئة بإدخال طرق لحماية قاعدة زبائنها.
وكثير من شركات الاتصالات الكبرى أنشأت شركات تابعة رقمية لتشكيل خدمات خاصة بها على الإنترنت للرسائل الفورية والصوت، لكنها تهدف إلى استعادة زبائنها من خلال رفع الكفاءة الوظيفية وتحسين الأداء. مثلا، أدخلت تيليفونيكا في الفترة الأخيرة تطبيق تو جو Tu Go الذي يمكّن المستخدمين من الاتصال هاتفيا وتلقي المكالمات الهاتفية والرسائل النصية على أي جهاز متصل بالإنترنت باستخدام رقم هاتفي واحد. ومن الناحية العملية هذا يجعل الاتصال الهاتفي والرسائل مجرد تطبيق آخر، أو خدمة أخرى لعدد كبير من الأجهزة التي يمكن حملها من قبل زبائنها.
وهناك شركات أخرى تركز على أهمية خطط الاتصالات المقدمة للزبائن، وعلى الحاجة إلى تحسين نوعية شبكاتها حتى تتمكن من نقل خدمات الرسائل مع ازدياد معدل الحركة. مثلا، تشدد فودافون على أهمية خدمة صندوق RED من أجل النمو المستقبلي للإيردات - وهي خدمة مقدمة في حزمة تجمع بين عدد غير محدود من المكالمات والرسائل النصية إلى أية شبكة مع رسم اشتراك لا يستهان به للبيانات. وهذا يجعل الرسائل النصية أكثر جاذبية ضمن الحزمة، وهو أمر يراه المحللون محاولة لاستعادة الزبائن من خدمات الرسائل الفورية. وهذه الخدمة موجودة إلى جانب خدمات أخرى من قبيل الخطة الموحدة، وصفقات عبر عدة أجهزة.
وهناك شركات جوال أخرى تخلت عن محاولة التغلب على المنافسة الجديدة ودخلت بدلا من ذلك في شراكات مع التطبيقات القائمة من خلال رسوم اشتراك في البيانات تحت علاماتها التجارية، وتقاسم الإيرادات.
وسيكون مفتاح الحل بالنسبة لكثير من الشركات في شبكات الجوال فائقة السرعة التي سيُسمح لها باستخدام طيف الموجات من الجيل الرابع 4G. وعلى خلفية ذلك يمكنها أن تضع أسعارا أعلى وتعلن عن خدمات ممتازة خاصة.
وفي الأسبوع الماضي قال جيرفيه بيليسييه، كبير الإداريين الماليين في فرانس تليكوم: إن إيرادات الجوال في شركته ستستمر في التراجع على مدى السنتين المقبلتين، بسبب التراجع في العوائد من الصوت والرسائل النصية. وقال: إن الجواب سيكون من خلال الإنترنت فائق السرعة الذي ستتمكن الشركة من عرضه على زبائنها في الوقت الذي تطلق فيه شبكات الجيل الرابع هذا العام، وهو ما يمكن أن يؤدي بحلول 2015 إلى عكس مسار الإيرادات المتراجعة تراجعا حادا من الجوال.
والقرار بالتحول إلى الجيل الرابع يمكن أن يعطي لشركات الاتصالات الفرصة لرفع الأسعار على المستهلكين مرة أخرى وعرض خدمات جديدة تحتاج إلى الشبكات ذات السرعات العالية.
لكن محللين يحذرون من أن تهديدا جديدا سيأتي من شركات تقديم تطبيقات الرسائل الساعية إلى وضع المزيد من الخدمات الغنية بالمحتوى، مثل الألعاب، إلى جانب تحوُّل شبكات التواصل الاجتماعي الشهيرة أصلا، مثل ''فيسبوك''، إلى مجال الاتصالات.
ولدى ''فيسبوك'' 680 مليون مشترك، معظمهم يستخدمون تطبيقها المخصص للهواتف الذكية – وهو يشكل جمهورا محتملا على نطاق هائل. وقد أطلقت في الفترة الأخيرة تطبيقا جديدا للرسائل من خلال ''فيسبوك'' - يدعى Chat Heads - وبرنامجا للاتصال الصوتي. وهذا يجعل أي هاتف من الناحية العملية هاتفا لـ ''فيسبوك'' إلى جانب تطبيقها الجديد Home، وفقا لشركة الاستشارات إندِرْز أنالِسِس.
لكن على الأقل بدأت الآن معارك الهجوم المضاد من جانب قطاع شركات الاتصالات. ويتوقع المحللون استمرار الجهود لاستعادة زبائنها من خلال خدمات جديدة وصفقات ضمن حزم، في الوقت الذي تحاول فيه الشركات إعادة اختراع نفسها على شكل شركات ناقلة حديثة لخدمات الإنترنت الممتازة.
تعليقات