أسراء المعتوق عن قانون المرأة: لا تفسرونه تآمريا
زاوية الكتابكتب يونيو 29, 2007, 11:04 ص 890 مشاهدات 0
من خلال
متابعاتي لما دار في الساحة الكويتية حول التعديلات التي اجراها مجلس الأمة مؤخرا
على قانون العمل في القطاع الاهلي لاحظت أن التفاصيل استحوذت على المشهد العام كما
هي العادة، وكما يشتكي الشرعيون من دخول من لايمتلك المعلومة والتأهيل مناطق بحثهم،
يشتكي القانونيون من ذلك ايضا، والى حد ما فان الأمر لاضير به فهو من قبيل الحراك
الثقافي الذي يلقي بزوايا معينة على المسائل وذلك بالنسبة للقانونيين. فعلى غرار
حماية الأمومة، شكل عمل النساء ليلا موضوع اهتمام من قبل منظمة العمل الدولية،
والتي اتجهت الى منعه في الصناعة منذ انعقاد دورتها الأولى سنة 1919 (الاتفاقية عدد
4 متعلق بعمل النساء ليلا)، وحتى اخر هذه الاتفاقيات سنة 1999 وقد اهتمت هذه
التعديلات بادخال بعض المرونة على تنفيذ مبدأ منع عمل المرأة ليلا، والسماح بتكييفه
مع ظروف بعض الصناعات أو المناطق. ان قوانين الدول يجب أن تولي الاتفاقيات التي
توقع عليها اهتماماً وذلك من خلال اعمالها في قوانينها الوطنية وهذا مافعلته الكويت
عام 1964 فيما يتعلق بهذا الموضوع، ففي بحث للمحامي علي بو هلال يشير الى أن
الاتفاقية العربية رقم 1976 بشأن المرأة العاملة في مادتها رقم 7 على أنه (لا يجوز
تشغيل النساء ليلا، وتحديد الجهات المختصة في كل دولة المقصود بالليل طبقا لما
يتمشى مع جو كل بلد وموقعه وتقاليده، وتستثني من ذلك الأعمال التي يحددها التشريع
في كل دولة). فقانون العمل المصري رقم 137 لسنة 1981، نصت مادته رقم 152 على أنه
(لا يجوز تشغيل النساء في الفترة ما بين الثامنة مساء و السابعة صباحا الا في
الأحوال والأعمال والمناسبات التي يصدر بتحديدها قرار من وزير الدولة للقوى
العاملة). وقانون العمل اللبناني في 1964 جاء في المادة رقم 26 منه (يحظر تشغيل
النساء ليلا في الصناعات الميكانيكية و اليدوية كافة، مابين الساعة الثامنة
مساءوحتى السادسة صباحا. وكذلك القانون رقم 8 للعام 1980 بشأن تنظيم علاقات العمل
في دولة الامارات العربية المتحدة. وقد حظرت المادة 27 تشغيل النساء ليلا وجاء فيها
(لايجوز تشغيل النساء ليلا مدة لا تقل عن احدى عشرة ساعة متتالية تشمل الفترة بين
العاشرة مساء والسابعة صباحا). والمرسوم بقانون رقم 23 لسنة 1976 باصدار قانون
العمل في القطاع الأهلي في البحرين حيث حظرت المادة59 منه تشغيل النساء ليلا وجاء
فيها بين الساعة الثامنة مساء والسابعة صباحا و يستثنى من ذلك دور العلاج و المنشآت
الأخرى التي يصدر قرار بشأن العمل بها من وزير العمل و الشؤون الاجتماعية). وكذلك
القانون العراقي والسوري والعماني والليبي والسوداني كلها جاءت على هذا المنوال.
لكن احدث التشريعات التي صدرت هو التشريع القطري والذي نص في المادة (95) (يحظر
تشغيل النساء في غير الأوقات التي يصدر بتحديدها قرار من الوزير). من خلال ذلك كله
يتبين لنا ان المشرع الكويتي وفي نصه المقترح للمادة 23 لم يخرج عن القوانين
المقارنة في الدول العربية أو الخليجية حيث كان النص السابق ' لا يجوز تشغيل
النساء ليلا ويستثنى من ذلك دور العلاج الاهلية والمؤسسات الأخرى التي يصدر بشأن
العمل بها قرار من وزير الشؤون الاجتماعية والعمل. واما النص المقترح «لا يجوز
تشغيل النساء ليلا في الفترة ما بين الثامنة مساء والسابعة صباحا، وتستثنى من ذلك
المستشفيات والمصحات ودور العلاج الاهلية والمؤسسات الاخرى التي يصدر بها قرار من
وزير الشؤون الاجتماعية والعمل.على ان تلتزم جهة العمل بتوفير متطلبات الامن لهن مع
توفير وسائل الانتقال من الى جهة العمل». فكان الاجدر والاولى من المشرع الكويتي
الابقاء على نص المادة الاصلي ـ فيما يتعلق بالمواعيد ـ وترك التفصيل للوائح
المنفذة من باب حسن التشريع والمرونة، بحسب الاوقات التي يحددها وزير الشؤون الا
انه والحق يقال ليس التغيير الجذري الذي يخل باصل المادة ولا يحدث التزامات على
اصحاب المهن فالامر له ضابط وهوالاحالة للائحة يضعها وزير الشؤون سواء بالنص الاصلي
أو المقترح. ومع ذلك اضفى النص ضمانة لحماية المرأة التي تعمل ليلا وهي توفير
متطلبات الامن ووسائل الانتقال وهنا الاضافة الفعلية لنص المادة 23. وباعتقادي ان
التغيير الجذري جاء على نص المادة 24 من قانون العمل في القطاع الاهلي حيث كان نص
المادة «يحظر تشغيل النساء في الصناعات أو المهن الخطرة والمضرة بالصحة التي يصدر
بها قرار من وزير الشؤون الاجتماعية والعمل». والنص المقترح «يحظر تشغيل المرأة في
الاعمال الخطرة او الشاقة او الضارة صحيا». كما يحظر تشغيلها في الاعمال الضارة
بالاخلاق والتي تقوم على استغلال انوثتها بما لا يتفق مع الاداب العامة. وكذلك يحظر
تشغيلها في الجهات التي تقدم خدماتها للرجال فقط. ويصدر بتحديد تلك الاعمال والجهات
قرار من وزير الشؤون الاجتماعية والعمل. والعلة بهذا التشريع والذي سنته المنظمات
الدولية وتبنته القوانين الوطنية بشأن قاعدة حظر التشغيل الليلي للمرأة تكمن في
اعتبارات عديدة حصيلتها المحافظة على صحة المرأة وتجنيبها مخاطر الاجهاد في العمل
الليلي باعتباره اشد تعبا من العمل نهارا، ووقاية لها من اضراره الاجتماعية ومخاطره
الاخلاقية نتيجة لقضاء الليل خارج المنزل ومحافظة على دورها الاجتماعي داخل اسرتها
وعدم تقويضه واهداره. اما المخالفات المادية التي تغيرت نحو الزيادة بنصوص المواد
فهي أمر لازم فالدولة تراجع هذه المخالفات بكل القوانين التي تنظمها ولكم في قانون
البلدية خير مثال، كما ان اضافة الضبطية القضائية هي مكنة لموظفي الدولة لاحداث
التطبيق الفعلي للقوانين، كما هو شأن بالقوانين التي تعالج المخالفات، ويبقى الضابط
المهم ان وزارة الشؤون هي المعنية بوضع الضوابط واللوائح المنظمة. يبقى ان نعلق على
أمر مهم جدا ان قانون العمل بالقطاع الأهلي معروض على مجلس الامة من قبل السلطة
التنفيذية فكان الاجدر والاولى عدم اجراء التعديل الجزئي واجراء التعديل الكلي عند
طرح القانون برمته على المجلس. والمشكلة الحقيقية هو التفسير التآمري الذي يسيطر
على عقول الكثيرين والذي يشغل جهد ووقت البلد بأزمات مفتعلة مان تهدأ واحة حتى
يثيرون الأخرى. واعتذر عن الاطالة.... * المحامية أسراء
المعتوق
الوطن
تعليقات