هل نحن بحاجة إلى مصحات اجتماعية بقلم د. فهد صالح عبدالله السلطان

الاقتصاد الآن

1163 مشاهدات 0


   

في تقديري أنه ليس ثمة مهدد للتنمية الوطنية لأي بلد أخطر من الأمراض الاجتماعية... والملفت للأمر أنه مع إيمان الشعوب بخطورة الأمراض الاجتماعية إلا أن اهتمامها غالبا ما ينصب على الأمراض البدنية عضوية أو نفسية فقط، حيث تنشأ لها المصحات وتصنع لها الأدوية وتقام لها الصيدليات.

والحقيقة أن خطر الأولى –أعني الاجتماعية – يفوق خطر الثانية، خاصة عندما نتذكر أنه خطر متعد وليس لازما. على العكس من معظم الأمراض البدنية.

المتتبع لمستوى التقدم الحضاري لأي شعب من الشعوب يلاحظ أن حضارة هذا المجتمع أو ذاك وإنتاجيته ونموه الاقتصادي والمستوى الصحي لأفراده ومساهمته في ركب الحضارة العالمية... الخ ما هو إلا نتاج للعادات والتقاليد والظواهر الاجتماعية فيه.

من خلال قراءة شخصية -غير علمية- حاولت أن أقف على بعض العادات والأمراض الاجتماعية المتفشية في مجتمعنا الكريم. وقد تلاحظ للفقير إلى ربه أن هناك عددا من العادات الاجتماعية السيئة التي ربما تمثل عائقا من عوائق التنمية الوطنية بمفهومها الشامل.

تتصدر تلك العادات السلبية في مجتمعنا ما يلاحظ من أننا نميل بطبعنا إلى عدم التسامح وحب الانتقام، وعدم الصبر على أذى الآخرين والانتصار على النفس. وهي في الواقع تمثل عادات اجتماعية ربما ساهمت بدرجة كبيرة في تفشي أمراضا اجتماعية أخرى، وأضحت عائقا من عوائق التنمية.

يبدو أن السبب الرئيس لتفشي هذه العادة السيئة هو ضعف الإيمان. تجمع الأديان السماوية كلها على أن تقوى الله هي الدافع الرئيس للنجاح والفوز بالدارين. ونص القرآن الكريم صراحة على أثر التقوى .. ومن يتق الله ويؤمن برسوله يجعل له كفلين من رحمته. ومن يتق الله: يجعل له مخرجاً، يرزقه من حيث لا يحتسب، يجعل له من أمره يسرا، يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا.

لم يسلم زعيم أو قائد أو حتى نبي أو رسول من إساءة الآخرين فكيف نتوقع السلامة من الآخر.. المهم هو أن نتقبل إساءة الطرف الآخر على أنها ضريبة من ضرائب النجاح وأن نتعامل معها وفق المنهج الإسلامي القويم.. وأن لا نكتفي بالعفو فقط عمن أساء إلينا. بل نحاول أن نكرمه ونستغفر له ونطلب له الهداية. «فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله».

إذا كنا نطمح في مغفرة الخالق فلنعف عن المخلوق «ألا تحبون أن يغفر الله لكم». العفو من خصائص المتقين الذين نالوا محبة الله «والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين». والانتصار على النفس من صفاة القادة الشجعان وشيم النبلاء. يقول هاري إس ترومان «من خلال قراءاتي لقصص العظماء، وجدت أن أعظم انتصاراتهم كان يتمثل في انتصارهم على أنفسهم». والملاحظ أن لذة العفو أكبر من لذة الانتقام.

وباختصار فإن الذي أردت التذكير به هو أننا بحاجة إلى مراجعة النفس والوقوف مع الذات ومحاولة تلمس المسار الصحيح في علاقتنا الاجتماعية والعملية.

 

 

الآن:الجزيرة

تعليقات

اكتب تعليقك