حماية أموال العملاء من الاحتيال .. مسؤولية مشتركة بقلم طلعت زكي حافظ

الاقتصاد الآن

887 مشاهدات 0


 


أكدت أوراق العمل التي قدمت بورشة عمل بعنوان: ''حماية عملاء البنوك''، تحت شعار ''معاً.. لخدمة مصرفية آمنة''، والتي نظمتها شرطة محافظة جدة خلال الفترة 1 إلى 2 من تشرين الأول (أكتوبر) من العام الجاري، على أن حماية أموال عملاء المصارف من عمليات النصب والاحتيال، تعد مسؤولية مشتركة بين الجميع، قاصدة بذلك الجهات الأمنية المعنية بالأمر، والمصارف وعملائها، بما في ذلك شركات نقل الأموال وشركات الحراسات الأمنية.

ويأتي توقيت انعقاد ورشة العمل المذكورة في ظروف اقتصادية ومالية مواتية للغاية، التي تشهد فيها السعودية، طفرة اقتصادية غير مسبوقة صاحبتها وفرة مالية كبيرة، استلزمت توعية جميع أفراد المجتمع، وبالذات عملاء المصارف بتوخي الحيطة والحذر لدى إجرائهم لعملياتهم المصرفية، وبالذات لدى تعاملهم بالنقد، ولا سيما في ظل تنامي أعداد العصابات المتخصصة في الاحتيال المالي على عملاء المصارف، والسطو على أموالهم النقدية لدى مغادرتهم فروع المصارف، ما يؤكده إعلان شرطة محافظة جدة عن القبض على 11 عصابة متخصّصة في الاحتيال المالي خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، ونحو 25 عصابة في العام الماضي، حاولت السطو على عملاء المصارف.

من هذا المنطلق وللرغبة الأكيدة من شرطة محافظة جدة للحد من تنامي هذا النوع من العصابات، وحرصاً منها أيضاً على سلامة وأمن عملاء المصارف، تبنت فكرة عقد ورشة العمل المشار إليها أعلاه، والتي تعد الأولى من نوعها على مستوى المملكة، بهدف مناقشة المختصين في شأن الأمن المالي ومسؤولي المصارف وشركات نقل الأموال والحراسات الأمنية، عن السبل الكفيلة بحماية عملاء البنوك، حيث تتمكن المصارف من الاستمرار في تقديم خدمة مصرفية آمنة لعملائها.

من خلال ست محاور نقاش رئيسة، التي من بينها على سبيل المثال لا الحصر، محور الإعلام المصرفي والتوعية، ومحور الحراسات الأمنية المدنية ما لها وما عليها، ركزت الورشة على المسؤوليات والواجبات المنوطة بالجهات المعنية بالمحافظة على سلامة وأمن عملاء المصارف، حيث قد حددت على سبيل المثال أن للتوعية المصرفية لعملاء المصارف، دوراً مهماً للغاية في الرفع من مستوى الوعي والثقافة المصرفية لدى العملاء كافة، وبالذات فيما يتعلق بحماية أموالهم ومدخراتهم الشخصية، وتجنيبها من أن تكون عرضة ـــ لا سمح الله ـــ لعمليات نصب أو احتيال محتملة، نتيجة لأسباب عدة، من بين أهمها إفراط الثقة بالآخرين والتهاون في المحافظة على البطاقات المصرفية بأنواعها، بما في ذلك الأرقام السرية الخاصة بتلك البطاقات وعدم إفشائها للآخرين تحت أية ظروف.

أوراق العمل بالورشة، ركزت أيضاً على السبل الكفيلة بالارتقاء بأداء الحراسات الأمنية الخاصة، بما في ذلك شركات نقل الأموال، حيث تكون على المستوى الأمني اللائق الذي يحقق الأهداف المنشودة من وراء توظيفها، والتي تأتي في مقدمتها وعلى رأسها، توفير الحماية الأمنية اللازمة لعملاء المصارف في داخل المصارف وفي محيطها؛ ما يتطلب التركيز في المرحلة القادمة على الإعداد الأمني السليم للعاملين في مجال الحراسات الأمنية، بإخضاعهم لدورات أمنية مكثفة في مجال حماية المنشآت الخاصة والمدنية وإصدار رخص تأهيلية معتمدة لهم في مجال عملهم أسوة على سبيل المثال بالشهادات والرخص المعتمدة التي تصدر للمحللين والمستشارين الماليين ومديري الثروات بالقطاع المالي والمصرفي، إضافة إلى ضرورة تحري الدقة لدى اختيار العاملين في مجال هذا النوع من الحراسات، بالتركيز على أهمية توافر مواصفات جسمانية معينة وحس أمني عالي المستوى ورغبة أكيدة للعمل في مجال الحراسات الأمنية. كما طالبت الورشة المصارف بضرورة تكثيف كاميرات المراقبة بداخل الفروع وبمحيطها، وبالذات في مواقف السيارات الخاصة بالعملاء، باعتبارها أماكن محفزة للمجرمين لارتكاب جرائم السطو على عملاء المصارف الحاملين لمبالغ نقدية كبيرة. كما طالبت الورشة المصارف بضرورة تزويد فروعها بأحدث الكاميرات المتوافرة على مستوى العالم من حيث دقة التصوير ونقاوة ووضوح الصورة، وسرعة تزويد مراكز الشرطة والجهات الأمنية المعنية بالأمر بالصور المطلوبة التي تمكنهم من تعقب ومتابعة المجرمين للتعرف عليهم والكشف عن هوايتهم وإلقاء القبض عليهم بالسرعة المطلوبة.

وبالنسبة لعملاء المصارف، فقد وجهت الورشة عديدا من التنبيهات والنصائح لعملاء المصارف، بضرورة توخى الحيطة والحذر لدى تنفيذهم لعملياتهم المصرفية، وبالذات لدى حملهم لمبالغ نقدية كبيرة، محذرة في ذلك بعدم حمل كميات كبيرة من النقد ونقلها من مكان إلى آخر والاستعاضة عن ذلك بالحوالات المصرفية والشيكات المصرفية. وفي هذا الخصوص، أشادت ورشة العمل بجهود المصارف السعودية في مجال التوعية المصرفية، وأشادت بتلك الجهود أيضاً كلمة ''الاقتصادية'' بعنوان: ''الاحتيال المالي ومرحلة الجريمة المنظمة'' في العدد 7116، مؤكدة في السياق نفسه على أن عمليات الاحتيال تشمل أعمال النصب أيًّا كان نوعها، فالاحتيال ليس مقتصراً على عملاء المصارف والنشاط المصرفي فقط، بل هو سلوكٌ إجرامي يضرب في كل مكان متى وجد فرصة سانحة له، مشددة على ضرورة تفاعل العملاء مع ما أصدرته المصارف السعودية من تحذير للعملاء بعد أن أصبحت الاحتيالات شيئاً محتملاً ووارداً على كل عميل، خصوصاً في موسم الصيف خارج المملكة.

خلاصة القول، إن الاحتيال المالي أصبح، وللأسف الشديد وكما أشارت كلمة ''الاقتصادية''، سلوكا إجراميا يضرب في كل مكان متى وجد فرصة سانحة له؛ ما يتطلب تضافر الجهود في مكافحة هذه الآفة المالية والقضاء عليها، باعتبار أن حماية الأموال، تعد مسؤولية مشتركة يتقاسم أدوارها أصحاب العلاقة. فمثلاً الجهات الأمنية مسؤولة عن التحري والتعقب والقبض على المجرمين وتسليمهم للعدالة، في حين أن المصارف مسؤولة عن التوعية، والعملاء مسؤولون عن الامتثال لنصائح المصارف وأخذها والتعامل معها على محمل الجد، وعدم حمل مبالغ كبيرة من النقود ونقلها من مكان إلى آخر، والاستعاضة عن ذلك باستخدام القنوات والخيارات الإلكترونية المتعددة التي وفرتها المصارف للعملاء لإنجاز تعاملاتهم المصرفية بيسر وأمان وبأسرع وقت ممكن.

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك