محمد المقاطع يرى في حكم سجن البراك قسوة واضحة

زاوية الكتاب

كتب 1229 مشاهدات 0


القبس

الديوانية  /  جرائم الرأي.. وذمة الوزراء المالية

أ.د محمد عبد المحسن المقاطع

 

قرأت وبصورة كاملة الحكم الذي أصدرته محكمة الجنايات بحق عضو مجلس الأمة السابق مسلم البراك والذي قضت فيه بحبسه 5 سنوات مع الشغل والنفاذ، وقد أشرت في مقالة سابقة نشرت في 6 فبراير 2013 بشأن ضرورة المواءمة في الأحكام القضائية حينما تكون الجرائم التي تنظر فيها المحاكم تخالطها أبعاد سياسية وحرية الرأي، فيصبح الحذر في بحثها والحكم فيها صنوين لتطبيق القانون وتوقيع الجزاء المناسب، وتلك موازنة مهمة لا يجوز إغفالها عند نظر مثل هذه القضايا، وقد كان هذا سببا لانتقادي لأحكام قضائية أصدرتها المحاكم بحبس بعض المغردين وأعضاء مجلس امة سابقين في المقال المشار اليه أعلاه في 6 فبراير 2013 بعنوان «العدالة الجنائية».

وأجدني اليوم وامام الحكم الجديد بحبس مسلم البراك 5 سنوات اؤكد الرأي نفسه، وأقف الموقف نفسه، فانا لا ادعو الى التجاوز عما يكون في الأفعال والأقوال من اعمال مجرمة ينبغي ان تكون تحت طائلة القانون واحكام القضاء، غير ان الحكم الصادر واضحة فيه قسوته في المدة الزمنية التي حكم بها، وهي 5 سنوات وكان يمكن ان يكتفي بمدة اقل من ذلك حتى لا يكون البعد السياسي وحرية الرأي سببا للتشدد في العقوبة، بل هو بالتأكيد سبب للتخفيف منها، وهو ما افتقده الحكم الذي أصدرته محكمة الجنايات يوم الاثنين الموافق 2013/4/15، فضلا عن ان الحكم (مع التقدير والاحترام) هو عنوان للحقيقة، كما نقول في المصطلح القانوني، غير ان الإجراءات وضمانات التقاضي مسألة لا يجوز التفريط فيها او التخفف منها، خصوصا حينما تكون طبيعة الجريمة فيها بعد سياسي، وضمن عداد جرائم الرأي، وهو ما تشددت فيه المحكمة حينما لم تمنح فرصة إضافية للتأجيل مع احترامنا لما انتهت اليه من رأي ان المتهم ومحاميه اخذوا فرصا كافية للدفاع.

• • •

• لقد سجل فرنسوا هولاند رئيس جمهورية فرنسا سابقة مهمة للتطبيق العملي للشفافية وكشف الذمة المالية للوزراء لديه بعد ان أحرجت حكومته بخبر إثراء احد وزرائها المستقيلين بفضيحة مالية بمبلغ يقدر بـ 600 الف دولار، فما كان منه إلا ان طلب من كل وزرائه الإفصاح الفوري عن ذممهم المالية وإعلانها على موقع الحكومة في موعد أقصاه 2013/4/15، ومن لا يستطيع منهم القيام بذلك عليه ان يستقيل، وما ان جاء هذا الموعد الا وقد كانت كل الذمم المالية للوزراء الـ 38 في حكومته منشورة على موقع الحكومة بجميع املاكهم، مما يؤكد شفافيتها وحرصها على نزاهة أعضائها المالية. والمفارقة الكبيرة هو ما نجده لدينا في الكويت، فعلى الرغم من ان مشاريع الذمة المالية تاهت في دهاليز مجلس الامة منذ عام 1992 وحتى اليوم وصدور قانون كشف الذمة المالية ضمن قانون مكافحة الفساد قبل 6 أشهر في الكويت، فإننا لم نجد – على الرغم من الأحاديث الكثيرة عن الفساد المالي لدى النواب والوزراء - ايا من أعضاء مجلس الامة او الوزراء يكشف عن ذمته علانية وبصورة كاملة بعيدا عن بعض الاستعراضات الاعلامية التي قام بها بعض النواب من دون جدية كافية، ومن دون شفافية دقيقة، وقد طالبت منذ اكثر من سنتين ان يتم ايداع هذه الذمم المالية لدى 5 جمعيات نفع عام ويسمح لها بكشفها اعلاميا، لكن لم يقبل بذلك اي من الاعضاء او الوزراء، ولهذا الامر دلالته الخطرة فقد يفهم على ان الفساد لدينا محمي ومحصن ومتستر عليه، وان من يدعي محاربته ربما هو متورط فيه.

اللهم اني بلغت.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك