العشوائية هي مشكلة العمالة الوافدة.. برأي حسن كرم
زاوية الكتابكتب إبريل 18, 2013, 12:38 ص 1446 مشاهدات 0
الوطن
تطفيش الوافدين (2-2)
حسن علي كرم
مع اطلالة استقلال البلدان الخليجية في اوائل السبعينيات من القرن الماضي شهدت الكويت نزوح العديد من الخبرات الوافدة وهجرتها الى تلك الاقطار الخليجية الوليدة. للاستقرار والانخراط في معترك النهضة.
ولعل هجرة الخبرات الوافدة ارض الكويت الى بلاد الاحلام الجديدة قد خلفت فراغاً في الكثير من مناحي الحياة لاسيما في مجالات التربية والتعليم والصحافة والاعلام وغير ذلك من المجالات التنموية في ارض بكر تنهض من الصفر.
الكويت قدمت الكثير من الخدمات الى البلدان القريبة والبعيدة وهي خدمات ليست ملموسة بلمس اليد أو مرئية بالعين. لكن واقعاً خدمات قدمت.. سواء ان اعترف الاخرون او لم يعترفوا من ذلك تطعيم الوافدين بخبرات فنية عملية تناسب البيئة التي وفد اليها الوافد من وطنه الاصلي. خصوصا ان الكثير من الوافدين يأتون الى منطقتنا اما انهم يحملون خبرات فنية بسيطة ومتواضعة قد لا تناسب مع الحداثة التي عليها بلدان المنطقة (الخليجية خاصة) او معدومي الخبرة. اي ان الوافد القادم الينا لا يساهم في النهضة وحسب وانما يتكسب رزقه ويكسب خبرات جديدة تفيده في حياته المعاشية اذا مكث هنا او غادر الى حيث وطنه او اوطان اخرى.
< تطفيش الوافدين:
سياسة منح الوافد اقامة خمس سنوات ثم ترحيله. واستقبال وافدين جدد وهي السياسة الجديدة التي اعلنت عنها وزيرة الشوون الاجتماعية والعمل اخيراً. وهذه السياسة الجديدة لا ادري هل من ابتداعاتها ام انها سياسة الدولة. لكن في كلا الحالين سياسة قاصرة وبالتالي خاطئة فالخمس سنوات يادوب اخذ الوافد انفاسه وعرف راسه من رجليه. ويادوب في بداية اكتساب خبرة محلية تناسب بيئة العمل الكويتية ان كان في مجالات التربية والتعليم او في مجالات المهن والحرف الاخرى والكثير من مجالات الانتاج التي تقوم في البلاد.. فالخمس سنوات لئن كانت خسارة للوافد الذي لم يذق حلاوة الاستقرار وايضاً خسارة للبلاد التي تعلم فيها هذا الوافد واكتسب خبرة حاملاً خبرته الى مكان اخر.. ان سياسة تطفيش إن كان الهدف هو احلال المواطنين محل الوافدين، فهذا قد يكون مقنعاً في بعض المهن او الوظائف لكن لا تنطبق على كل المهن والحرف لاسيما في القطاعات الخاصة والاعمال الحرة. هذا ناهيك عن انعكاس ذلك على الوضعين الاجتماعي والامني.
< الكوتا:
في الشهر الرابع (أبريل) من عام (1991) عقب حرب تحرير الكويت من الغزو العراقي كتبت مقالة في جريدة «الفجر الجديد» وهي الجريدة التي صدرت في حينها وعلى عجالة لتسد الفراغ عن توقف صدور الجرائد اليومية الكويتية المعتادة. والتي قام الغزاة بتدمير وتفكيك مطابعها ونقلها الى العراق. كتبت مقالة حول التركيبة السكانية وحاجة الكويت للعمالة الوافدة. وقد اقترحت في تلك المقالة ان تنحي الحكومة منحى الكوتة اي ان تكون لكل جنسية وافدة نسبة محددة تتراوح مابين %2.5 إلى %5 من مجموع الكويتيين مع الدقة في التركيز على الخبرات والكفاءات المتميزة. خصوصاً ان الكويت في ذلك الوقت وهي خارجة من حرب تدميرية بحاجة الى اعمار. وكان في حينه الوقت مناسباً للدولة بان تقوم بفرض نسب العمالة الوافدة. حيث كانت البلاد شبه خالية من الوافدين بعد الهروب الكبير من البلاد. لكن للاسف ان مقترح الكوتة الذي كتبت عنه وكذلك غيري لم يجد صدى لدى الحكوميين. حيث فتحت ابواب البلاد على مصاريعها لتدفق الوافدين. وهذه المرة غلبت الكثرة على النوعية فامتلأت شوارع الكويت بالعمالة الهامشية الامية التي تفتقر الخبرة الفنية في المجالات التي احتاجتها عملية اعادة الاعمار. لقد طفت العاطفة والحماسة لقدوم الجنسيات التي شاركت جيوشها بتحرير الكويت او التي ناصرت الحق الكويتي، النصيب الاعظم من نسب العمالة ما ادى الى انفلات المعيار بين نسب الوافدين (!!).
< التهديد الأمني:
في كتابه القيم (الكويت.. الغزو وتجديد الذات الوطنية.. ذكريات وتأملات) وتحت عنوان «الاشكالية السكانية» يشير الاستاذ الدكتور حسن علي الابراهيم. الى ان المعضلة الاسكانية شكلت مصدراً للتهديد وعدم الاستقرار في الماضي. مشيراً. «من الاهمية بمكان معالجة هذه القضية على اساس من اعادة التوازن السكاني بحيث يصل ابناء الكويت الى (%70) مقابل (%30) من غير الكويتيين. هذا بخلاف مقترحات اخرى يراها المؤلف تخدم السياسة السكانية. مثل مسألة التجنيس العشوائي وقانون الاقامة وقانون الخدمة المدنية.
< غياب الارادة:
احسب ان تنظيم العمالة الوافدة لا يشكل معضلة انما تكمن المعضلة في غياب الارادة الحقيقية اولاً وعجز الجهاز الحكومي تحديد الاحتياجات الحقيقية للخطط التنموية ولتمرير الحياة اليومية في البلاد.
فمن الهبالة ان نقول عدم حاجة البلاد او اكتفائها للعمالة الوافدة. فكلما اتسعت الاعمال وزادت المناشط زادت الحاجة لليد العاملة الاضافية الا ان الاشكالية تكمن في عشوائية قدوم العمالة الوافدة، دون تحديد للشروط او الخبرة الفنية والمستوى التعليمي..!!
< هيئة القوى العاملة:
ان مقترح انشاء هيئة لجلب العمالة الوافدة بديلاً عن الكفاء اذا كان لهذا المقترح جوانب ايجابية لكن الشيء المؤكد ان سلبياتها اكثر. خصوصاً مع تعقيدات العمل الحكومي والروتين والبيروقراطية السقيمة، ما يؤدي الى تعطيل الاعمال وعرقلة الامور وزيادة الشكاوى ناهيك عن امراض الواسطات وعيني وعينك (!!) علاوة على الانحياز لجنسيات معينة من العمالة الفاشلة وغير المدربة على حساب جنسيات اخرى..!!
< لا خلاف:
لا خلاف الى ضرورة تقنين العمالة الوافدة والتركيز على النوعية بدلاً من العمالة الهامشية، ولا خلاف ان المتاجرة بالاقامات مسألة اخلاقية تدل على الجشع والانحراف الخلقي والديني فضلاً عن ضعف تطبيق القانون ولا خلاف ان احلال الكويتيين محل الوافدين مسألة وطنية وواجبة على الدولة. ولا خلاف قد يوجد من بين الوافدين من يشكل تهديداً. واخلالاً لامن واستقرار البلاد، كل ذلك معروف ومتفق عليه الا ان العلاج لا يستقيم من خلال القرارات الاعتباطية والحلول غير المدروسة.. فذلك قد يكون ضرره اكبر من نفعه..
لقد نشأت الكويت على سياسة الانفتاح، وينبغي ان تبقى سياسة الانفتاح. ولكن مع شيء من التنظيم وتطبيق القوانين. خاصة اذا اردنا لبلادنا النجاح كمركز مالي وتجاري وجذب او جلب الرساميل والاستثمارات الخارجية.
تعليقات