الشعوب لا تشترى بالمال!!

زاوية الكتاب

كتب 1196 مشاهدات 0

المحامي سعد اللميع

بسم الله الرحمن الرحيم

{فَأَمَّا مَن طَغَى وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} النازعات

في الفكر الخليجي تشاهد عوامل مشتركة فيما بين دول التعاون ومؤسساتها ، بحيث يصبح المشهد متشابه فيما بين هذه الدول ، لدرجة تدفع المتابع الى التساؤل متعجباً هل بين هذه الدول حدود؟!

الكبر قد يدفع بعض الخليجيين الى الامتناع عن هذه الاجابة المره وهي حقيقة وحدة الفكر الخليجي ، فهذا الفكر وان اختلفت قوالبه الا انه في حقيقة الامر فكر واحد تدار به كل هذه الدول مستهدفة تحقيق الغايات الفردية ، وهناك مواقف عديدة ظهرت للعلن مؤخراً في قطر والامارات واخيرا في الكويت ، وهذه المواقف تبين حقيقة الحرب الفكرية الدائرة فيما بين الطرفين ، الدولة ومؤسساتها والفرد وحقوقه!

لنبدأ في حادثة سجن الشاعر القطري محمد ابن الذيب ، كتب قصيدة يتغنى بها في الربيع العربي ويتحسر على حال حريات وحقوق المواطن في قطر مطالبا بتحقيق ماتحسر عليه ، فلم يكن من الدولة الا ان جيشت ما تحتاج من مؤسساتها ضد هذا الفرد ليختل ميزان القوى مغيباً عنه العدالة لمعاقبة هذا الشاعر لمجرد انه فكر بالواقع الخليجي المر وانا هنا اقول خليجي لأنه وان كان لايوجد في قطر برلمان الا ان هذا هو حال باقي الدول الخليجية وان وجد بها برلمان فتجده برلمان ذو صلاحيات محدودة ورقبته معلقة بيد السلطة الحاكمة هناك.

وفي الامارات قام مواطن بنقل مجريات محاكمة حساسة ، بتصرف طبيعي من شخص يمتلك عقيدة مؤمنة بالحرية والعدالة واي دولة في العالم لاتخاف من نشر مجريات اي محاكمة وان كانت حساسة وعلة هذا الامر بأن المحاكمات شأن قضائي خالص فالقاضي هو سيد جلساته ان رأى ان هناك وجه للسرية امر بمنع النشر وان رأى غير ذلك فلا سلطان لأي سلطة عليه ، الا فيما يتعلق بالمواطن الاماراتي عبدالله الحديدي ارادت الدولة قمع فكره وايمانه المترسخ بالحرية والعدالة ، فتوجهت الى تجييش ماتحتاج من مؤسساتها لمواجهة هذا الفرد وسجنه لمجرد انه قام بنقل مجريات المحاكمة بتصرف لايمس كيان الدولة بشيئ.

واخيرا في الكويت قام ثلاث نواب اعضاء في البرلمان المبطل بجرم كبير يتمثل بمناهضة الفساد وضرب هياكله الى درجة دفعتهم لأستجواب وزير خزانة الدولة ، وهم لايعلموا بأن ثمن استجواب هذا المسؤول غالياً جداً لدرجة قد تدفع الدولة الى تجييش ماتحتاج من مؤسساتها لضرب ووأد هذا الفكر ، بحيث ستعمل الدولة على تحريف اعمالهم وتحويل كل حرف ينطقون به الى تهم معلبة يساقوا من خلالها الى السجن ، بحيث وصل عدد التهم الموجهة لأحدهم الى اكثر من 70 تهمة ، وهذا الكم من التهم له دلالة واضحة تبين مدى ضعف موقف الدولة صاحبة السلطة والمال ضد مواطن فرد اعزل لايملك الا فكره ، والنتيجة رأيناها بعيّد صدور حكم سجن مسلم البراك بثلاث ساعات حيث تسارعت خطى مسؤول امني كبير الى منزل البراك طالباً شرف القبض عليه متناسياً الحصول على السند الرسمي الذي يخوله القيام بأتخاذ مثل هذا الاجراء!!

في الجهة المقابلة لم نسمع من حكومات هذه الدول الا رد واحد واعوج يتمثل بأدعائهم حول المواطن الخليجي المترف الذي لا ينقصه اي شيئ فهو يعيش حياة مترفه عنوانها المال ، وهذا الرد انما ينم عما هو راسخ في عقيدتهم بأن المال هو كل شيئ ودلالة ذلك اتجاههم نحو التركيز على المقترحات المالية بهدف وأد مثل هذه الطفرات الفكرية التي حلت بالمواطن الخليجي ، وكأنهم وجهوا الدعوة الى أستبدال الكرامة بالمال وهذا ما لايصح فالشعوب لا تشترى بالمال.

بأمثال الحديدي والبراك وابن الذيب.. يصنع التاريخ!!

المحامي/ سعد اللميع

الآن - رأي: سعد اللميع

تعليقات

اكتب تعليقك