العمالة السائبة واستباحة الاقتصاد الوطني! بقلم د. محمد بن سعود المسعود
الاقتصاد الآنإبريل 14, 2013, 4:51 م 494 مشاهدات 0
لم يعد من الممكن بقاء حال العمالة السائبة في السعودية كما هي عليه دون تصحيح، وتعديل. إن الجزء السيئ من استباحة السيادة الوطنية، ــــ العمالة العابرة للحدود ــــ أو المتخلفة عن الخروج بعد شعيرة ونسك الحج والعمرة. أو تلك التي تتكسب بالطرق المحرمة، ــــ عمالة التستر ــــ كونها تخالف شروط الإقامة. والوفاء بالشرط في العقود الآزمة واجب، والمشروط عدم عند عدم شرطه، كما يقرر الفقهاء والعلماء. وعلى هذا يكون الكسب غير جائز؛ كونه يلحق الضرر البيّن باقتصاد أمة مسلمة وبلد مسلم، أتاح له فرصة القدوم إليه للكسب والعيش الكريم فيه. بشروط يجب عليه عدم الخروج عليها، و الوفاء بها كاملة. بل قاعدة ''أوفوا بالعهود'' وقاعدة ''المؤمنون عند شروطهم'' تجعل الوفاء بشروط الإقامة واجب شرعا حتى في بلاد غير المسلمين. لعموم حرمة عدم الوفاء بالعهود. ووجوبها على من يتعهد بالوفاء بها.
إن هذه المقدمة ضرورية للتذكير، بأن كل بلد له حرمة وسيادة مطلقة على أراضيه، وأن الدولة هي صاحبة الولاية في تشريع شروط إقامة غير مواطنيه فيه. وإن معاقبة الخارج على النظام، أو ترحيله لا يعتبر تصرفا غير ـــ إنساني ــــ أو غير أخلاقي بالمطلق.
إن القيام بالعدل والقسط بين الناس، يفرض تصحيح ما هو قائم، لعظيم الضرر الهائل على البلاد والعباد، الذي يسببه هذا ــــ الاحتلال ــــ البغيض لجميع فرص الكسب المشروعة للمواطنين، وللمقيمين بالطرق النظامية أيضا.
إثارة مشاعر العامة، بتصوير ــــ المراجعة والتصحيح - على أنه ''نكران للجميل'' أو حرب ضروس بدوافع ''عنصرية'' غير دقيق، وفيه خطل نتمنى ألا يكون متعمدا.
فمن الحقائق التي لم تعد سرا، أن العدد يتحرك تصاعديا بجنون. وأن قطاعات كثيرة من الطبقة الوسطى من المواطنين، باتت تتراجع عن موقعها لتصطف مع الفقراء والأقل دخلا. وإن جيلا بأكمله لا يمكن حشره في - التوظيف الحكومي - وأن جنسيات كثيرة شكلت ما يشبه التكتل والتنظيم والمافيا فرضت نفسها بقوة لطرد المواطن من قطاعات حيوية. مثل سوق التجزئة، والمقاولات، وصيانة السيارات وغيرها كثير. من خلال سياسة تكسير العظام في الأسعار - أو المصادر غير المشروعة للمواد.
العملة المزيفة دائما تطرد العملة الصحيحة من السوق. إن حجم الجرائم الاقتصادية، والبنيوية، الهائلة التي تحدثها هذا القسم من العمالة غير المشروعة. والتي تطرد الفرص العادلة من السوق. كما جعل كل شيء قابلا لأن يكون مزيفا وغير حقيقي حتى الدواء، والتلاعب بتاريخ صلاحية الطعام، وبيع الطعام الفاسد في المطاعم بعد مواراة فساده بالنكهات الصناعية، وأحيانا الكيماوية. ودون ريب أن الضحايا ليست المواطن السعودي وحده. لمثل هذه الفوضى. والذي يحدثها هذا الجيش الهائل من العمالة الخارجة على سيادة الدولة ونظامها العام.
في كل دول العالم، هناك ضوابط صارمة جدا لنظام الإقامة وإن بعض هذه الدول تقوم بدهم من يتخلف عن تجديد إقامته وفرض الترحيل القسري عليه فورا. فقط لكونه تأخر عن تجديد إقامته بحسب شروط الإقامة. كما أن العمل له ضوابطه المقيدة للجميع، وأن لا أحد يخرج عنه ولا عليه. كما لا يستطيع أحد أن يتصور هذا الفعل إلا وهو ــــ تحضر ـــــ وحضارة، ورقي. وتطور، وتنظيم للبلاد، ولسوق العمل العادلة! ولتحسين مستوى الأجور للمواطنين. ولعدم إيجاد خلل في التركيبة السكانية تفاقم من مشكلة البطالة والفقر.
على الجميع اليوم.. أن يدرك أن - هذه الحلول - موجعة جدا في أولها، هي جراحة مؤلمة جدا، ومعيقة للحركة في أولها، كما أنها ستجعل الناس تدفع ثمن خطيئة المسؤولين في كل الوزارات التي تسببت فيما وصلنا إليه. وستجعل المواطنين، يدفعون ثمن ــــ هدايا التأشيرات - في مرحلة سابقة من الزمن، وستجعلنا نشعر بالفراغ المروع من شيء اعتدنا عليه، وألفنا وجوده، وتعايشنا مع آثاره.. وفساده، والعبور عبر المنخفض في السعر لينتهي لنزيف حاد تجاوز أكثر من 14 مليار ريال شهريا. والمال الذي يتم إخراجه بطرق غير مصرفية يتجاوز هذا بكثير. من دولة ريعها يتساند إلى النفط حصرا.
إن هذه الحملات لن تجد لها سبيلا، لمن احترم شروط إقامته في بلاد الحرمين، ولمن عمل بالطريقة التي كانت مشروطة عليه في أصل نظام وقانون - العمل والعمال - فيها. وهذا هو الواجب عمله مذ زمن متباعد. وليس من الآن.. وليس هبة هوجاء يعقبها خمود ثلجي.. وصقيع بارد يسمح للجميع الانزلاق بكل سهولة فوقه.
ومن أجل الصدق النقي في مثل هذه الحملات، ينبغي أن تنال الجميع، ونعني بالجميع - الجميع فعلا! الأمير والخفير، الغني والفقير.
بعض القطاعات المواطنون فيها مجرد أصفار.. والرقم الوحيد فيها - هم - مثل شركات سيارات الأجرة في المدن الكبرى.
كما أن الصرامة لا تتعارض مع عدم التعجل في فرض فراغ.. لم يستعد الناس له، ولم يستحضر السوق بدائله المشروعة.
تعليقات