الطلب على الطاقة والتنويع الاقتصادي بقلم سعود بن هاشم جليدان

الاقتصاد الآن

534 مشاهدات 0


 


أصدرت أخيرا أكبر شركة طاقة ونفط في العالم (وهي شركة إكسون موبيل) أحدث نشرات تطلعاتها السنوية عن الطاقة. وتتضمن النشرة تطلعات طويلة المدى، وبالتحديد حتى عام 1440 عن التطورات المتوقعة في الاقتصاد العالمي واستهلاك الطاقة وإمداداتها. وقد تنبأت النشرة بأن يزداد عدد سكان العالم بنحو الربع، وأن ينمو الناتج الحقيقي المحلي للعالم بمعدلات نمو سنوية تصل إلى 2.8 في المائة، أي بنحو 130 في المائة خلال الـ30 عاماً الممتدة بين عام 2010 وعام 2040. وستسهم كل من الولايات المتحدة والصين بنحو خمس النمو الاقتصادي العالمي خلال الفترة، حيث من المتوقع أن يتضاعف الناتج القومي الصيني بنحو أربع مرات. وسيصاحب النمو الاقتصادي نمواً في الطلب على الطاقة، لكن بمعدلات أقل من النمو الاقتصادي العالمي، حيث ستنمو احتياجات الطاقة العالمية بنسبة 1 في المائة سنوياً؛ وهو ما يعني أن استهلاك الطاقة العالمي سيرتفع بنحو 35 في المائة فقط طوال فترة العقود الثلاثة. ويعود تراجع معدلات نمو استهلاك الطاقة العالمية إلى انخفاض كثافة استخدام الطاقة في الناتج القومي العالمي مع مرور الوقت، وذلك بفضل إحلال رأس المالي محل الطاقة، والتحسينات التقنية في استهلاك الطاقة، وحدوث النمو في قطاعات الخدمات الأقل استهلاكا للطاقة.

وسيأتي النمو في الطلب على الطاقة من الدول الصاعدة والنامية، وخصوصاً الصين والهند وباقي آسيا، بينما سيتجمد استهلاك الدول المتقدمة عند مستوياته الحالية. وسيترتب على هذا حدوث تغير كبير في خريطة تجارة الطاقة، حيث ستتركز بدرجة أكبر مع الدول الصاعدة والنامية وخصوصاً في آسيا. ومن المتوقع عند نهاية الفترة أن يصل استهلاك الدول الصاعدة والنامية إلى نحو ضعفي استهلاك دول منظمة التعاون والتنمية بعدما كانت حصتاهما متساويتين في عام 2010. وتوقعت النشرة بأن تشكل مصادر الطاقة التقليدية معظم مصادر الطاقة في عام 2040، وأن يشكل الطلب على النفط والغاز في ذلك العام نحو 60 في المائة من الطلب الكلي العالمي على الطاقة، مرتفعاً من المستويات الحالية البالغة 55 في المائة. وسينمو الطلب على الغاز الطبيعي بدرجة قوية أو بحدود 65 في المائة خلال الفترة، وسيحل محل الفحم الحجري كثاني مصدر للطاقة، ومع هذا سيحافظ النفط على مركز الصدارة في مكونات الطاقة، لكن معدلات نمو الطلب عليه خلال الفترة ستكون بحدود 25 في المائة فقط. وسيأتي معظم النمو في الطلب على النفط من قطاع المواصلات، وخصوصاً المرتبطة بالقطاع التجاري.

وتوقعت التطلعات أن يأتي النمو في إنتاج السوائل من مصادر الإنتاج غير التقليدية في المياه العميقة ومن الزيوت الرملية والصخرية. وسينمو إنتاج أمريكا الشمالية من السوائل (النفط الخام + سوائل الغاز) بنحو 40 في المائة، أما إنتاج أمريكا اللاتينية من السوائل فسينمو بنحو 100 في المائة، وذلك بسبب نمو إنتاج البرازيل من المياه العميقة واستغلال نفوط فنزويلا الرملية. وسينمو إنتاج الشرق الأوسط من السوائل بنحو 45 في المائة. وسيوفر نمو إنتاج السوائل في منطقة الشرق الأوسط نحو 40 في المائة من النمو المستقبلي العالمي في إنتاج السوائل عند نهاية الفترة.

ولم تبين النشرة تفاصيل نمو إنتاج البلدان، لكن من المؤكد أن تتحمل المملكة مسؤولية كبيرة في تلبية النمو المستقبلي على النفط الخام وسوائل الغاز. وتبدو نشرة عملاق الطاقة متفائلة إلى حد ما بخصوص مستقبل الاستهلاك العالمي من النفط وتبعث على شيء من الطمأنينة حيال استمرار الطلب العالمي على هذه المادة الحيوية، وهذا يصب في مصلحة المملكة. وما زالت المملكة تملك احتياطيات نفطية ضخمة تفوق ما أنتجته خلال الـ70 عاماً الماضية، حيث أنتجت المملكة نحو 140 بليون برميل من السوائل ولديها في الوقت الحالي احتياطيات نفطية تقارب ضعف ما أنتجته في السنوات الماضية. ومن المتوقع أن يستمر إضافة مزيد من الاحتياطيات بسبب التطورات التنقية أو العثور على مزيد من الثروات النفطية، لكن وتيرة العثور على اكتشافات نفطية كبيرة في المملكة تباطأت كثيراً خلال السنوات الماضية. وهذا التباطؤ هو مؤشر على أننا قد نكون وصلنا إلى مرحلة الذروة في احتياطيات النفط؛ ما يعني أن تكاليف إنتاج النفط ستبدأ بالارتفاع مع مرور الوقت، كما يعني أن علينا أن نتخذ إجراءات أقوى وأكثر فاعلية لزيادة مستويات التنويع الاقتصادي، حيث حققنا نجاحاً محدوداً في مجال التنويع الاقتصادي خلال العصر النفطي الذي بدأ في المملكة منذ أكثر من 70 عاماً.

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك