التقارب بين طهران والقاهرة كما يراه فهد العازب ليس لأجل الاقتصاد
زاوية الكتابكتب إبريل 13, 2013, 12:07 ص 1080 مشاهدات 0
الوطن
على رسلك / ما سر التقارب بين الثورة الخمينية والجماعة الإخوانية في مصر؟
د. فهد عامر العازب
جمهورية مصر العربية مركز قوي تتوازن به المنطقة سياسياً وعقائدياً وفكرياً وقد فرحنا عندما سقط نظام حسني مبارك واستبدل بنظام استبشرنا به خيراً ولا سيما ان له توجهاً اسلامياً ممثلاً بجماعة (الاخوان المسلمين) وزادت امانينا ان يكون هناك تغيير نحو الايجابية سواء كان على الصعيد الداخلي او الخارجي وازالة جور (الضباط الأحرار) المتراكم على هذه الدولة الاسلامية المهمة.
وبعد مضي اكثر من سنة على استبدال النظام القديم (بجماعة الاخوان المسلمين) المتمثل برئاسة الدولة ظهر لكل متهم بشؤون مصر الداخلية والخارجية ان هناك اخلالاً في توازن مواكز القوى في المنطقة المتمثل بتقارب وانفتاح الحكومة المصرية على الثورة الخمينية التي تسود الجمهورية الايرانية وهذا الانفتاح لم يسبق لمصر منذ ظهور الثورة الخمينية، فمن مظاهر هذا الانتفاح وجود آثار ملموسة في تصدير الثورة الخمينية الى ارض مصر من انشاء حسينيات جديدة وتقوم على كفالتها الثورة الايرانية والدعوة للتشيع في اوساط الاحياء الفقيرة بالقاهرة وتدشين اكبر دار نشر شيعية بمصر الدار الفاطمية، بميزانية ضخمة والتي تدعمها حكومة طهران!! والسماح بمرور سفن حربية ايرانية في السويس!! وغيرها من مظاهر الانفتاح فكثرت الاسئلة من هنا وهناك عن سر الانفتاح والتقارب بين الثورة الخمينية والحكومة المصرية الحالية؟.
فكان احد أكثر الاجوبة على هذا السؤال هو: عدم وجود دعم مالي لحكومة الاخوان المسلمين في مصر مما جعلهم يضطرون للذهاب الى ايران لتسديد هذه الحاجة!!
والجواب هذا بعيد عن الصحة فقد دعمت الدول الخليجية لاسيما الكويت والسعودية وقطر حكومة محمد مرسي مالياً بمساعدات لم تعطها لهم ايران حتى ان بعض هذه الدول كقطر دعمت ثورة الاخوان في مصر دعماً لا حدود له بل سخرت امكانياتها في هذا المجال ومنها قناة الجزيرة التي اسهمت في انجاح هذه الثورة وايضا قبل يومين اعطت الدوحة القاهرة سندات تجارية بقيمة ثلاث مليارات دولار، فدولة قطر وحدها قدمت دعماً كبيراً لحكومة محمد مرسي ما لم تقدمه اي دولة اخرى ومنها طهران.
واما الجواب المنطقي والذي اراه صحيحاً في سبب الانفتاح والتقارب بين طهران والقاهرة في الوقت الحالي (هو انبهار واعجاب قادة ومفكري الاخوان المسلمين بالثورة الخمينية واعتبار ان افكار الخميني في انشاء الدولة اكثر استيعاباً وواقعية من افكار (سيد قطب) وغيره من مفكري الاخوان كما سيأتي! فهذا الجواب ليس من ضرب الخيال بل لحقائق ومعلومات موثوقة من كلام قادة ومفكري الاخوان المسلمين وسأذكر بايجاز ما يدل على صحة هذا الجواب من كلام مؤسس جماعة الاخوان المسلمين (حسن البنا) رحمه الله ومنظري الجماعة في الوقت المعاصر ايضا.
أولاً: ما ذكره (محمود عبدالحليم) المبايع لحسن البنا وعضو اللجنة التأسيسية للاخوان المسلمين في كتابه (الاخوان المسلمين احداث صنعت) ص 357، يقول بنصه:
.. رأى حسن البنا ان الوقت قد حان لتوجيه الدعوة الى طائفة الشيعة فمد يده اليهم ان هلّموا الينا فأنتم اخواننا في الاسلام وهيا نتعاون معا على إقامة صرحه واستعادة مجده، وقد وجدت دعوته هذه من الشيعة اذاناً صاغية اذ اسعدهم ان سمعوا لأول مرة منذ مئات السنين صوتاً ينضح بالحب ويدعو الى الاخوة الاسلامية فقدم الى مصر شيخ من كبار مشايخهم في ايران وهو الشيخ محمد تقي قمي والتقى بحسن البنا وحسن التفاهم بينهما….) الخ.
وقد يقول قائل ان الثورة الخمينية جاءت بعد (حسن البنا) فما وجه الربط بين هذه الحادثة والثورة الخمينية والتي اتت بعده؟؟ فالجواب: ان الثورة الخمينية اتخذت قضية التشيع غطاء لها وسترا في دعم ثورتها ومآربها وكان حسن البنا يعطي مؤشراً واضحاً ان من ابجديات الاخوان المسلمين التقارب مع الشيعة وهذا ما قد وافق هوى الثورة الايرانية وبهذا اتضح وجه الربط حتى تأثر بعض القادة من الاخوان المسلمين في مصر بالثورة الايرانية وتشيعوا لها كأمثال الدمرداش العقالي وغيره.
ثانيا: ما ذكره المنظر الأول لجماعة الاخوان المسلمين د. يوسف القرضاوي عن الثورة الايرانية والثناء عليها في كتابه (امتنا بين قرنين) ص 113: حيث لم يثبت اسلامية الدول الاسلامية الا دولتان الأولى وهي ايران والثانية دولة (حسن الترابي) الاخواني في السودان!! قال: (دولتنا للاسلام: ومن ثمرات هذه الصحوة ودلائلها الحية: قيام ثورتين اسلاميتين: اقامت كل منهما دولة للاسلام تتبناه منهجاً ورسالة في شؤون الحياة كلها عقائد وعبادات واخلاقا»..
أما الثورة الأولى: فهي الثورة الاسلامية في ايران التي قادها الامام آية الله الخميني.. وكان لها ايحاؤها وتأثيرها على الصحوة الاسلامية في العالم وانبعاث الامل فيها بالنصرة الذي كان الكثيرون يعتبرونه من المستحيلات.
والثورة الثانية: هي ثورة الانقاذ الاسلامية في السودان سنة 1989 اي بعد ثورة ايران بعشر سنوات) انتهى.
وظاهر كلام القرضاوي هذا لم يثبت اسلامية الدول الاسلامية بما فيها المملكة العربية السعودية ولا مصر التي انجبته ولا قطر التي آوته واكرمته!! فلا يرى الدولة المسلمة الا جمهورية إيران وثورة حسن الترابي التي حدثت في السودان!! وهذا امر غريب وعجيب ثالثا: ما ذكره المنظر الثاني لجماعة الاخوان المسلمين وهو رئيس وزراء في تونس (راشد الغنوشي).
أ – فقد اثنى الغنوشي على الثورة الايرانية ورئيسها الخميني ثناء عطراً، وذلك في لقاء في قناة (محور الاماراتية) حيث قال الغنوشي (الافكار التي تلقيناها من فكر سيد قطب لم تكن تستوعب طبيعة صراعات الدولة، لذلك جاء فكر الخميني ليقدم لنا افكاراً وأطراً يمكن الاستفادة منها!!) انتهى، فقد اعتبر الغنوشي أفكار الخميني افضل بمراحل من أفكار سيد قطب!!
ب – بل جعل الخميني من المجددين بالاسلام وذلك في مقالته المسماة (قادة الحركة الاسلامية) حيث صدر المقال بحديث النبي صلى الله عليه وسلم (ان الله يبعث لهذه الامة على رأس كل مئة سنة من يجدد لها دينها) وذكر من العلماء المجددين (البنا والمودودي والخميني)!!
ج – جعل الغنوشي الخميني من آبائه الروحيين وذلك في مقدمة كتابه (الحريات العامة في الدولة الاسلامية) نشره مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت عام 1993م!!
فهذه حقائق ودلائل تثبت ان هناك انبهاراً واعجاباً من قادة ومفكري جماعة الاخوان المسلمين بالثورة الايرانية وعلى رأسها الخميني وان التقارب والانفتاح بين طهران والقاهرة ليس لأجل الاقتصاد والمادة اكثر مما هو تقارب فكري ومنهجي.
واخيراً لابد ان اوضح قضية مهمة وهي ما ذكرناه من حقائق وادلة ليس القصد منها التشفي ولا التنقص كما يفهمه البعض ولكن القصد منه الخوف على ابناء امتنا لكيلا يتأثرون بهذا الانفتاح فتتصدر لهم الثورة الايرانية والتي قطعاً سيكون لها جناح عسكري وسياسي في بلادهم مثل حزب اللات في لبنان ولا ننسى ايضا ما تفعله ايران باخواننا في سورية ودعمها اللا محدود لنظام الطاغية بشار في قتل الابرياء هناك، فهل من المبادئ الاسلامية والعرفية ان تمد يدك لظالم وتنفتح له!!
فاسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى ان يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.
تعليقات