عندما ترتفع أسعار الفائدة بقلم مارتن فيلدشتاين

الاقتصاد الآن

672 مشاهدات 0



إن أسعار الفائدة الطويلة الأجل الآن منخفضة إلى مستويات غير قابلة للاستمرار، وهذا يعني نشوء فقاعات أسعار السندات وغيرها من الأوراق المالية. وعندما ترتفع أسعار الفائدة، وهو ما سيحدث بكل تأكيد، فإن هذه الفقاعات سوف تنفجر، وتهبط أسعار هذه الأوراق المالية، ويلحق الضرر بكل من يحملها. وبقدر ما تحتفظ به المصارف والمؤسسات المالية الأخرى المفرطة في الاستعانة بالروافع المالية (الاستدانة) منها، فإن الفقاعات المنفجرة قد تؤدي إلى الإفلاس وانهيار الأسواق المالية.

وتشكل أسعار الفائدة المنخفضة للغاية على سندات الخزانة الأميركية الطويلة الأجل مثالاً واضحاً لسوء التسعير الحالي للأصول المالية. فسعر الفائدة الاسمي على سندات الخزانة لعشر سنوات أقل من 2 في المائة. ولأن معدل التضخم أيضاً 2 في المائة، فإن هذا يعني سعر فائدة حقيقيا سلبيا، وهو ما يؤكده سعر الفائدة على سندات الخزانة المحمية ضد التضخم لعشر سنوات 0,6- في المائة، التي تعدل سعر الفائدة والدفعات الأساسية وفقاً للتضخم.

تاريخيا، كانت أسعار الفائدة الحقيقية على سندات الخزانة لعشر سنوات أعلى من 2 في المائة؛ وبالتالي فإن سعر اليوم أدنى بنحو نقطتين مئويتين عن متوسطه التاريخي. ولكن هذه المعدلات التاريخية كانت سائدة في أوقات عندما كان مستوى العجز المالي وديون الحكومة الفيدرالية أقل كثيراً من المستوى الحالي. وفي ظل التوقعات بارتفاع عجز الموازنة ليصبح 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية العقد المقبل، ونسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي التي تضاعفت تقريباً في غضون الأعوام الخمسة الماضية ولا تزال مستمرة في النمو، فإن أسعار الفائدة الحقيقية على سندات الخزانة لا بد أن تكون أعلى كثيراً مما كانت عليه في الماضي.

والسبب وراء انخفاض أسعار الفائدة الطويلة الأجل اليوم إلى حد غير قابل للاستمرار ليس غامضا. فقد عملت سياسة ''شراء الأصول الطويلة الأجل''، والمعروفة أيضاً بالتيسير الكمي، على الإبقاء عمداً على أسعار الفائدة الطويلة الأجل منخفضة. ذلك أن بنك الاحتياطي الفيدرالي يشتري سندات الخزانة والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري الطويل الأجل بمعدل 85 مليار دولار شهريا، أي نحو 1020 مليار دولار سنويا. ولأن هذا الرقم يتجاوز حجم العجز الحكومي، فإن هذا يعني أن الأسواق الخاصة لا تحتاج إلى شراء أي من الديون الحكومية الصادرة حديثا.

وقد أشار بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى أنه سوف ينهي برنامج شراء الأصول الطويلة الأجل في نهاية المطاف ويسمح لأسعار الفائدة بالارتفاع إلى مستويات أكثر طبيعية. ورغم أنه لم يشر إلى توقيت رفع أسعار الفائدة أو إلى أي مدى، فإن مكتب الموازنة التابع للكونجرس يتوقع أن يرتفع سعر الفائدة على سندات الخزانة لعشر سنوات إلى ما يتجاوز 5 في المائة بحلول عام 2019، ويظل أعلى من ذلك المستوى على مدى السنوات الخمس التالية.

وتفترض أسعار الفائدة التي يتوقعها البنك المركزي الأوروبي أن التضخم في المستقبل سوف يكون 2,2 في المائة فقط. وإذا تبين أن التضخم أعلى من ذلك (وهي نتيجة مرجحة تماماً لسياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي الحالية)، فإن سعر الفائدة على السندات الطويلة الأجل قد يرتفع بالقدر نفسه.

إن المستثمرين يشترون السندات الطويلة الأجل بأسعار الفائدة المنخفضة حاليا لأن أسعار الفائدة على الاستثمارات القصيرة الأجل الآن قريبة من الصفر. أو بعبارة أخرى، يحصل المشترون على عائد حالي إضافي بنسبة 2 في المائة في مقابل تحمل المخاطر المترتبة على الاحتفاظ بسندات طويلة الأجل.

وهي استراتيجية تضمن خسارة المال في الأرجح ما لم يكن المستثمر حكيماً ثاقب النظر أو محظوظاً بالدرجة الكافية لبيع السند قبل أن ترتفع أسعار الفائدة. وإذا لم تكن هذه هي الحال، فإن الخسارة في سعر السند سوف تبدد الفائدة الإضافية التي اكتسبها، حتى ظلت الأسعار بلا تغيير لخمسة أعوام.

والولايات المتحدة ليست الدولة الوحيدة، حيث أسعار الفائدة الحقيقية الطويلة الأجل منخفضة للغاية أو سلبية. فأسعار الفائدة الطويلة الأجل في ألمانيا وبريطانيا واليابان منخفضة على نحو مماثل. ومن المرجح في كل من هذه الدول أن ترتفع أسعار الفائدة في السنوات القليلة المقبلة، وهو ما من شأنه أن يفرض خسائر على حاملي السندات الطويلة الأجل، بل ربما يزعزع استقرار المؤسسات المالية.

حتى لو تؤدي الاستراتيجيات النقدية الحالية التي تنتهجها الاقتصادات المتقدمة الكبرى إلى ارتفاع التضخم، فربما ننظر إلى هذه الأيام باعتبارها الزمن الذي شهد سياسة رسمية أدت إلى خسائر فردية وعدم استقرار مالي عام.

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك