قانون الإعلام الموحد صادم.. هكذا يعتقد وليد الرجيب
زاوية الكتابكتب إبريل 10, 2013, 1:11 ص 606 مشاهدات 0
الراي
أصبوحة / مزيداً من القوانين القمعية
وليد الرجيب
لا يمكننا نحن المهتمين بالكلمة والثقافة والابداع الا أن نندهش ونتفاجأ من حجم التدهور غير المسبوق في التعامل مع حرية الرأي والتعبير في الكويت، التي ما فتئت تتباهى بالديموقراطية وبسقف الحريات الذي طالما رفع من شأنها بين الشعوب العربية.
فتفاصيل مشروع ما سمي بـ«قانون الاعلام الموحد» الذي نشرت جريدة «الراي» أمس جزءه الأول، حيث تنوي الحكومة تقديمه لمجلس الأمة تمهيداً لاقراره، يشكل صدمةً وفعلاً غير قابل للتصديق في عصر ثورة المعلومات وتطوّر تقنيات التدوين والتواصل الالكتروني، التي أصبحت سمةً من سمات العصر وانجازاً علمياً يسهّل حياة البشر على الكرة الأرضية في جميع المجالات التعليمية والتجارية والثقافية والادارية والشخصية، لا يمكن تصور حياتنا العصرية من دونها مثلها مثل كل منجزات العلم التي يسّرت حياة البشرية.
هذا المشروع بقانون يُعد اساءة بالغة لمكانة الكويت العربية والدولية في مجال الحريات وحقوق الانسان، كما يعد انتهاكاً خطيراً لحرية الرأي والتعبير، ويلغي حقاً من الحقوق الأساسية والأصيلة في دستور دولة الكويت التي تكفلها جميع مواثيق المنظمات الحقوقية الدولية.
هذا التراجع الخطير في السياسات الحكومية هو فصل من فصول نهجها الجديد في الانفراد بالسلطة وقمع الحريات وملاحقة ومحاكمة النشطاء والشباب والنواب السابقين، هذا النهج البوليسي والقمعي خلق للمرة الأولى في تاريخ الكويت سجناء رأي ومعارضين سياسيين.
لقد شهدت الكويت في السنوات السابقة تضييقاً ممنهجاً على مصادر المعرفة والمعلومات في معرض الكتاب، وهو النشاط الذي يشكل أهم فعالية ثقافية سنوية، يحدث ذلك في الوقت الذي بدأت فيه بعض الدول ومنها الخليجية التي كانت أكثر تشدداً بفتح معارضها دون أدنى رقابة، حيث لم يعد من الواقعي منع الاطلاع في عصر أتاح كل ذلك من خلال وسائل النشر والتدوين الالكتروني، الذي أصبح وسيلة التواصل بين المثقفين والمبدعين بجمهورهم، وسهّل التعلم والتثقيف ووصول الأعمال الابداعية الى المتلقي.
لقد أصبح النشر الالكتروني جزءاً من الحياة الثقافية المعاصرة، وأصبحت المواقع والمجلات الالكترونية الثقافية والعلمية والمهنية، وسيلة من وسائل نشر الثقافة والابداع الأدبي بأنواعه، والفنون التشكيلية والموسيقية والدراسات النقدية، اضافة الى التعلم الأكاديمي الالكتروني، أو ما يسمى «التعلم عن بعد».
ان التضييق على الحريات من خلال هذا المشروع المهين للانسان الكويتي، لن «يساهم في دعم وتعزيز الحريات الاعلامية» كما ذكر معالي وزير الاعلام، بل سيحول دولة الكويت الى دولة استبدادية ستثير سخط الناس وغضبهم، ولن تلجمهم عن البحث عن وسائل أخرى للتعبير عن الرأي، وخاصة أن التكنولوجيا تتطور بسرعة يصعب ملاحقتها بقوانين أو من دونها.
لن ينسى الشعب الكويتي هذه المرحلة المظلمة من حياته، ولن ينسى الاساءة البالغة التي يمكن أن تلحق به وبسمعة بلده في حال أقره مجلس الأمة، الذي لا أحد يعوّل على معارضته لأنه ألعوبة بيد الحكومة اضافة الى أنه فاقد للشرعية الشعبية والسياسية.
فرحمة بالكويت وأهلها من هذا التدهور المستمر، وهذا النهج الذي عفى عليه الزمن والذي لن يزيد الناس الا غضباً على السلطتين التنفيذية والتشريعية، ولتلتفت الحكومة الى التنمية الحقيقية والمستحقة منذ زمن طويل والتي يكون محورها الانسان الذي يعيش في بيئة الحرية.
تعليقات