أسلوب الحكومة في إدارة البلد سبب تدهور أحوالها.. برأي المقاطع

زاوية الكتاب

كتب 1158 مشاهدات 0


القبس

الديوانية  /  الكويت عاصمة النفط

أ.د محمد عبد المحسن المقاطع

 

الدول الجادة لديها دائماً رؤية وخطط لسنوات مقبلة، واضحة في معالمها، مستقرة في تنفيذها، وثابتة في سياساتها، ولذلك فإنها ترفع شعارا وعنوانا لكل حقبة زمنية، وهي تبحر نحو تحقيق التنمية الشاملة فيها، كما تحارب الفساد السياسي والفساد المالي، باعتبارهما مدخلا لأي فساد آخر.

أما نحن في الكويت، فنسير بالاتجاه المعاكس لسنّة التطور والتخطيط الطبيعي الذي تمضي نحوه الدول المحترمة، فالبلد ليس له خطط مستقرة وواضحة، بل إن عدم الالتزام بالخطة هو التصرف الطبيعي لسياسات الوزراء، فكل منهم يسير وفق رؤيته ومزاجه ويغير بمسارات ومنهجية الخطة كما شاء، ولا شأن لرئيس الحكومة أو الأجهزة الحكومية التابعة له في تصحيح المسار لمجلس الوزراء، ورئيسه لدينا أضحى مجرد وزير يسير أمور البلد بسياسة ردة الفعل وإطفاء الحرائق، ولا شأن له في وضع السياسات وتنفيذ الخطط، فصارت المادة 129 فعليا حبرا على ورق، وأجهزة الحكومة عاجزة، مما عطل أهم مبادئ الدستور.

ولعله من الأهمية بمكان أن نشير إلى أن الخطة الخمسية الأولى بالدولة 1985 - 2000 كانت تحمل عنوانا مميزا هو «بناء الإنسان الكويتي» وتعتبر بحق خطة تتلمس جوهر عنصر التنمية الذي به تنجح الدول وتتطور، ألا وهو الإنسان، لكنه بقي، وبكل أسف، مجرد عنوان ولم تتحقق متطلبات وركائز تلك الخطة، بل فقد تم هدم الإنسان الكويتي في قيمه وفي حماسه وفي تميزه وفي عطائه وفي جدية تكوينه وتعليمه، وفي ثقافته وسلوكياته، فالفساد الذي لحق بالحكومة ورعته وتسلل للتعليم ونال منه، وتفشى في الوظيفة وهدمها، وساد في المؤسسات وخربها، وامتد للإنسان وجعله اتكاليا أكل الأخضر واليابس، والحكومة تتفرج وتصرح، لكنها تشرف على إنجاح الفساد وهدم الإنسان، حتى أوصلت البلد إلى حافة الهاوية بطريق مسدود بلا جدية ولا أهلية، لأن الحكومة وتشكيلها وأعضاءها أغلبهم غير مؤهلين، فلو سأل أحدنا عن سبب توزير أي منهم، فلن يجد سببا أو أساسا مقنعا سوى أمور عديدة آخرها الكفاءة.

يوم الإثنين الماضي حضرت لقاء رائعا لمبادرة الكويت عاصمة النفط، وقد تم التحاور بوثيقة فريدة أعدها الأخ المهندس أحمد العربيد صاحب المبادرة، وفريق من المتطوعين العاملين معه بالمبادرة، وهي وثيقة تحمل رؤية متقنة لاتجاه حركة الكويت المستقبلي في كل الجوانب، وهو ما يكسبها قيمة مضافة لاعتبارها خطة برامجية للبلد، ينبغي تبنيها بإصدارها بتشريع واحد مختصر، ينقلها من الجهد التطوعي إلى العمل المؤسسي باستقلالية عن البيروقراطية الحكومية وبنموذج عملي لإنجاح مشاريع البلد، فكنت ولا أزال أعتقد أن أسلوب الحكومة في إدارة البلد هو سبب تدهور أحوالها، ولو أوكلت إدارة البلد لشركة من الشركات العملاقة لتحققت التنمية التي يتغنى بها الجميع من دون أن نحقق شيئا في الواقع، فلنأخذ بيد المشاريع الرائدة كما هو الشأن بمبادرة الكويت عاصمة النفط، إذ هذا هو بناء الإنسان بتشجيع إبداعاته.

اللهم إني بلغت..

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك