قبرص والخليج.. في الأزمات تكمن الفرص بقلم الاقتصادية

الاقتصاد الآن

614 مشاهدات 0


 

 

لتطمئن الأسواق المالية الخليجية؛ فتداعيات الأزمة المالية ـــ الاقتصادية التي تضرب قبرص لن تصل إليها. فإذا كانت الأزمة الاقتصادية العامة التي تمر بها القارة الأوروبية مع روابطها وتداعياتها، لم تؤثر في المنطقة، فإن أزمة تدور في محيط جزيرة صغيرة كـ ''قبرص'' لن تقترب منها، بل إن الأزمة نفسها أقل حدة على أوروبا مقارنة بغيرها من الأزمات المشابهة. الاقتصاد القبرصي صغير، وغير متشابك مع المنطقة الخليجية، على عكس الحال مع اقتصادات أجنبية أخرى. ولا توجد مبررات حاسمة لتوسع نطاق المحنة الاقتصادية القبرصية على الاتحاد الأوروبي. فهي في النهاية ـــ على سبيل المثال ـــ أصغر وأوضح من مثيلتها اليونانية. كما أن تداعياتها السياسية المحلية، أقل حدة من تلك التي سادت اليونان وإسبانيا وغيرهما، قبل الصفقات الإنقاذية الأوروبية معها، وبعدها. وإن حدث وتوسعت، فـ ''الاتحاد'' بكل مصائبه سيحتويها، ليس حباً في قبرص، بل حرصاً على ما تبقى من هيبته الاقتصادية (ومعها السياسية) أوروبياً وعالمياً. لكن هذا كله، لا يعني أن محنة قبرص ستنتهي في زمن أقل من انتهاء المحن الأخرى المشابهة. هي جزء من الفوضى الاقتصادية الأوروبية ـــ العالمية، لكن ضرباتها ستتركز محلياً أكثر.

وكما هو معروف. في الأزمات تكمن الفرص أيضاً. والقدرة المالية الخليجية (حتى في أوقات الأزمة العالمية الكبرى)، توفر لدول الخليج مساحات واسعة من الاستثمار على الساحة الأوروبية، بما في ذلك قبرص نفسها. صحيح أن الشروط الأوروبية التي فُرضت على قبرص مع تقديم صفقة الإنقاذ، تتضمن ضرائب عالية جداً على الودائع التي تفوق قيمتها الـ 100 ألف يورو، إلا أن الفرص المتاحة ليست مصرفية، وخصوصاً في هذا الوقت بالذات. ستحد هذه الشروط ـــ القيود مما تبقى من جاذبية في القطاع المالي القبرص ــــ إن وجدت أصلاً ــــ لكنها لن تقترب من قطاعات استثمارية أخرى واسعة، تبقى مخاطرها قليلة. وفي الواقع، هذا هو الوقت الملائم للمصادر الاستثمارية الخليجية، لشراء الأصول ليس في قبرص فحسب، بل في بقية القارة الأوروبية. والاستثمارات الخليجية تصاعدت كثيراً في هذا المجال في أعقاب الأزمة الاقتصادية العالمية، ولا تزال هناك مجالات كثيرة تستوعب استثمارات جديدة.

ليس هناك روابط اقتصادية عميقة بين دول الخليج العربية وقبرص. لكن يمكن أن تنشأ هذه الروابط في ظروف اقتصادية ناجمة عن أزمة توافر الفرص، وتأخذ شكلها المتطور المستدام في المرحلة المقبلة، ولا سيما أن أحداً لا يتوقع انهياراً كاملاً للاقتصاد القبرصي. سيمر هذا الاقتصاد حتماً بكل المراحل التي تمر بها الاقتصادات التي تواجه أزمات ومصاعب، لكن يبقى هناك مَن يمنع الانهيار، وهذا وحده ضامن في زمن الأزمات، بصرف النظر عن ''شروط ومنغصات المانع''. صحيح أن أوروبا كلها تمر بأسوأ أزمنتها الاقتصادية قاطبة، لكن الصحيح أيضاً أنها لا تزال تملك الأدوات اللازمة للمواجهة، ولا تزال ترى في اتحادها الصيغة الأمثل ليس لوحدتها فقط، بل لاستمرارها قوية. ليس مهماً إذلال مَن لم يقع في أوروبا لأولئك الذين وقعوا. هذا أمر طبيعي، بل ضروري للاستهلاك السياسي المحلي.

الاتحاد الأوروبي كله، يسوق منذ ما بعد الأزمة الكبرى للمناخ الاستثماري فيه. والاستثمارات الناجحة هي تلك التي يمكنها أن تحدّد الفرص المثلى؛ فالفرص تختلف قيمتها حسب الحالة العامة والبيئة الآنية. ففي قبرص ''كما اليونان وإسبانيا والبرتغال وإيرلندا وحتى فرنسا'' فرصاً استثمارية متعدّدة. وبالنسبة للأموال الخليجية الباحثة عن الاستثمارات، فإنها تدخل سوقة محتاجة، تفرض شروطها عليه؛ ما يعزّز الأمان أكثر لهذه الأموال. إنها عملية باتت تقليدية، في زمن لم يتوقع أحد على وجه الأرض أنه سيأتي

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك