مسؤول هولندي يهز منطقة اليورو بشدة غير مسبوقة بقلم جيروين دسيلبلويم
الاقتصاد الآنمارس 31, 2013, 11:50 ص 380 مشاهدات 0
لم يتوقع أي شخص أن يكون وزير المالية الهولندي الجديد مصدرا للإثارة. ''ممل ومسؤول'' هذه كانت الوصفة التي قدمها أحد نواب حزب العمل البارزين في البرلمان خلال المفاوضات الخاصة بالائتلاف في أواخر العام الماضي، وكان هو الشخص الذي انتهى به الأمر بحصوله على الوظيفة، جيروين دسيلبلويم.
وكانت الحقيقة نوعا ما مختلفة. وبعد مرور خمسة أشهر تجاهل دسيلبلويم قائمة مسؤوليات وظيفته بطريقة ما. فقد قتل الرجل الذي يرأس أيضا مجموعة اليورو -الكيان السياسي لعملة أوروبا الموحدة- صفة الملل التي عرف بها بتعليقات قليلة غير مدروسة جيدا بشأن من يجب أن يتحمل الخسائر عندما تفشل المصارف.
وقد أشارت ملاحظاته إلى حدوث تغير كامل، حيث قال: إنه في حين كانت الحكومة في وقت سابق من أزمة منطقة اليورو هي من تدفع إلى حد بعيد مقابل عمليات الإنقاذ التي تتم في دول مثل أيرلندا وإسبانيا، كان النهج في أحدث منطقة صراع -قبرص- إشارة إلى الأشياء التي ستحدث. فالآن سيدفع المستثمرون من الأشخاص ''و ليس الهيئات''، بما فيهم كبار حملة السندات، بل والمودعون غير المؤمَّن عليهم، الثمن فيما سيكون العرف الجديد في إدارة الأزمة في منطقة اليورو. ويقول مبرهنا: ''بما أن الأزمة تبدو الآن وكأنها تتلاشى، أعتقد أنه يتعين علينا أن نكون أكثر جرأة قليلا في التعامل مع هذا الأمر''.
وقد أفزعت كلماته الأسواق. لكن بالنسبة لأولئك الذين راقبوا حياته المهنية، لن تكون مثل هذه الفظاظة أمرا مفاجئا. فقد كان الاقتصادي السابق في مجال الزراعة بشفتيه المضمومتين وسلوكه الحاد البغيض -وقد تلقى في إحدى المرات رسالة نصية من زعيم حزبه يأمره بالابتسام أكثر في اللقاءات التي تجرى معه- دائما يشعر بالارتياح الأكبر عندما يلعب دور المصلح الصارم.
ويقول بوريس فان دير هام، العضو البرلماني الاشتراكي السابق: ''لدى الهولنديين سمعة قديمة الأجل باعتبارهم صرحاء ومنفتحين، ودسيلبلويم مثال كلاسيكي ''على ذلك''. وبوجوده في بروكسل، يكون الأمر أشبه قليلا بصدام ثقافي، وكأن لديك غرفة مليئة بأشخاص يشربون النبيذ وفجأة يأتي شخص ما هنا اعتاد أن يشرب اللبن''.
وقد تم تشجيع سلوك دسيلبلويم الحازم على التطور في إيندهوفن، إحدى المدن الصناعية في جنوب هولندا، حيث ولد منذ 47 عاما لزوجين يعملان كمدرسين ليس لديهما انتماءات سياسية. وبدأ اهتمامه بالسياسة في عام 1983، مدفوعا بالاحتجاجات الحاشدة ضد صواريخ كروز الأمريكية التي دفعت مئات الآلاف من الشباب الهولندي للدخول في حركات يسارية.
وبعد استكمال دراساته في جامعة فاجينينجين، وهي بلدة صغيرة في وسط هولندا، حيث لا يزال يعيش مع رفيقته وطفليهما المراهقين، عمل في سلسلة من الوظائف في السياسة الزراعية قبل الدخول في مجال السياسة.
وكانت فترته الأولى في البرلمان في عام 2000 غير ملحوظة، لكنه بدأ يظهر مسحة غير تقليدية في فترته الثانية، عندما انضم إلى ما يسمى حملة ''المهندسون الحمر''. حيث ارتدى ثياب عمل قرمزية مع اثنين آخرين من أعضاء البرلمان، أحدهما هو ديدريك سامسوم، الذي أصبح الآن زعيم حزب العمل، لانتقاد حزبهم لانقطاع الاتصال بينه وبين قاعدته.
وقاد في وقت لاحق لجنة برلمانية أصدرت تقريرا لام بشدة الإصلاحات التعليمية، التي صممتها في الغالب حكومات حزب العمل. وقال فان دير هام، الذي عمل على هذا التقرير: ''لم يلطف التقرير على الإطلاق. فهو يفضل خلع الضمادة فجأة''.
وتدريجيا، أظهر نفسه أيضا كشخص أشبه بفيلسوف أخلاقي من طراز قديم، يدعو لإجراءات استيعاب أكثر صرامة، ويطلق حملة صليبية ضد العري والعنف في ألعاب الفيديو.
وكانت ترقيته لوظيفة سياسية أعلى جزئيا بفضل سامسوم صديقه القديم في حملة ''المهندسون الحمر'' الذي أوضح في محادثات الائتلاف مع رئيس الوزراء الليبرالي، مارك روتا، أنه يريد أن يصبح ملازمه وزير المالية الجديد.
ومنذ البداية، أكد دسيلبلويم التزامه بالانضباط المالي ليختصر بذلك الطريق مرة أخرى في مواجهة القدر الضئيل من التطلعات إلى ديمقراطي اشتراكي. وساعد هذا على اكتساب ثقة ألمانيا، حليفة هولندا في سياسات منطقة اليورو، وهو الأمر الذي أصبح اعتبارا رئيسا عندما انتهت فترة جان كلود يونكر كرئيس لمجموعة اليورو في العام الماضي.
وعلى الرغم من الحكم على بعض وزراء المالية في الدول التي قدمت دعما في خطط الإنقاذ المالي بأنهم قادرون من الناحية الفنية، تم استبعادهم من البداية. فقد أبطل كل من الوزير الألماني والفرنسي تأثير بعضهما بعضا، تاركين دسيلبلويم كخيار افتراضي مفاجئ.
ولم تكن بدايته سهلة. فقد قاوم المسؤولون الفرنسيون اختياره حتى اللحظة الأخيرة. وامتنع الإسبان، وهو ما كان يحتمل أن يكون نذير شؤم يدل على وجود شقاق بين الشمال والجنوب. وانعطف دسيلبلويم عن الحديث لمثل هذا الانقسام من خلال التأكيد على الإخفاقات الخاصة بدولته. فبينما تقاتل إسبانيا في مواجهة جبل من ديون الإسكان، تفعل هولندا الشيء نفسه. وتماما مثلما تناضل لشبونة لتوجه ضربة لأهداف العجز، تناضل لاهاي.
ويقر قائلا: ''أنا حديث العهد جدا بموضوع مجموعة اليورو هذا. وعندما أتيت إليه، اعتقدت أن الأمر كله متعلق بالشمال والجنوب: فالشمال كان يبلي بلاء حسنا، والجنوب يتعرض للمتاعب، والشمال كان بشكل أو بآخر يفرض الإجراءات والبرامج على الجنوب''.
لكن بالنسبة لما حدث في محادثات قبرص ذات الأهمية الحاسمة، يصر على اتفاق مدريد، ولشبونة، وروما، خصوصا باريس جميعا على وجود حاجة لجعل النظام المصرفي ينكمش. وقال: ''موضوع الشمال والجنوب هو في الحقيقة تحليل سطحي''.
ومع ذلك، فإن افتقار دسيلبلويم لباقة الدبلوماسية جعل بعض المعلقين يحنون على نحو غير متوقع إلى وقت وجود يونكر ذي المهارة السياسية. ومع ذلك، يصر كبار المسؤولين الذين عملوا مع الاثنين على أن جميع المقارنات ليست في صالح يونكر. حيث يقال: إن دسيلبلويم يدير بشكل فعال وصارم، دافعا خلال بنود جدول الأعمال، ومصيغا لتوافق بطريقة لم يفعلها في كثير من الأحيان يونكر الذي كان في بعض الأحيان يتسم بالعشوائية. وبينما كان يونكر هدفا لازدراء مستتر على نحو طفيف في باريس وبرلين، اكتسب دسيلبلويم سريعا ثقة العاصمتين على سواء.
إنه هذا الدعم من قبل برلين -أول وأهم عاصمة تدعمه ليحصل على مهمة مجموعة اليورو- الذي يجعل مركزه آمنا مهما كانت الخلافات التي يجازف بالدخول فيها. وتحميل المستثمرين الأفراد عبء عمليات الإنقاذ المالي الذي كان أولوية بالنسبة لبرلين منذ عملية الإنقاذ اليونانية الأولى، في شهر أيار (مايو) من عام 2010، ليتم منعها من قبل باريس والبنك المركزي الأوروبي. وفي عهد دسيلبلويم، لديهم الآن توأم روحي.
تعليقات