انقسامات الحراك الشعبي ليست عيباً.. هكذا تعتقد عواطف العلوي

زاوية الكتاب

كتب 709 مشاهدات 0


الكويتية

مندهشة  /  دود قز.. كويتي شعبي..!!

عواطف العلوي

 

حضرت قبل ليلتين مؤتمرا لحركة حدم (الحركة الديمقراطية المدنية) تلبية لدعوة من رئيسها المناضل طارق المطيري، وهنا أعني كلمة (مناضل) بكل ما تحمله من صمود وثبات واستمرارية ومثابرة. ولفت نظري في المؤتمر وأسعدني نجاح الحركة في جمع عدد كبير من الأسماء والشخصيات تمثل أطيافا متنوعة من المعارضة تحت سقف واحد، ما كانت لتلتقي لولا مبادرة «حدم» تلك، وهذه وحدها نقطة تسجَّل لصالح الحركة.
 كلكم تتفقون معي على أن مرحلة الاحتجاجات والشعارات والتهديدات لم تعد تجدي، ولا تأتي بثمر، وإن أتت به فهو ثمر «مُمَخمخ» مأخوذ خيره. وكلكم لا حظتم تفكك الحراك الشعبي وتحلله وانقساماته التي باتت واضحة للعيان، ولا أزعم أن هذا عيب، بل ربما كان هو الخطوة الصحيحة لتنظيف الحراك مما علق به، وبلورة الرؤية والتحرر من المجاملات والتبعية العمياء غير المبنية على قناعة، والتوجه إلى تأسيس حركات سياسية متنوعة تحمل رؤى من زوايا مختلفة، وبمناهج للتطبيق تتوافق مع تلك الرؤى، كل حسب التيار الذي يرسمه، وهذا الميدان يا حميدان يسع كل المتنافسين ما دام الهدف مصلحة الوطن والمواطنين، وفي النهاية ستتعثر وتتساقط وتتناثر كل المجاميع الهشة كقطع الشطرنج، ولا يستمر منها ولا يصمد إلا القوي الراسخ ذو النهج القائم على معايير وأسس واضحة ناضجة، وقراءة موضوعية للواقع وتشخيص علمي له.
وكلنا نتعطش لدولة تكون فيها الديمقراطية حقيقية وليست مجرد رتوش وماكياج يخفي خلفه وجها قبيحا للاستبداد والتفرد بالرأي والتهميش والإقصاء، دولة العدالة والحريات التي يتمتع الجميع تحت مظلتها بحقوقهم الإنسانية والاجتماعية والفكرية كافة، دولة القانون والمساواة والكرامة التي لا يضام فيها إنسان ولا يهان. دولة تخضع فيها القرارات للسيطرة الوطنية فقط بمعزل عن أجندات البلدان المحيطة.
كلنا نحلم ببناء اقتصاد تتنوع فيه مصادر الدخل، توازيا مع تقليل الاعتماد على النفط، وهيكل وظيفي مبني على احتياجات البلد، وتعيينات في المناصب تعتمد الكفاءات ومبدأ تكافؤ الفرص وليس المحسوبيات والتبعيات لهذا التيار أو ذاك.
كلنا نتساءل متى ينتهي مسلسل الفساد الذي نخر البنية التحتية للبلد، وطال كل مرافقه حتى تغلغل في المؤسسة البرلمانية نفسها، ولم نعد نرى مشروعا واحدا بلا مخالفات أو تجاوزات أو سرقات واختلاسات..!
ولكن.. كيف لكل أحلامنا وأمانينا تلك أن تتحقق في ظل حكومة فشلت في تقديم برنامج واضح الأهداف وآليات التنفيذ منذ خمسين عامًا، كيف يتأتّى لنا أن نصلح، والشفافية أمر غير وارد في سياسة السلطة، من أين لنا أن نصنع مستقبلا نضمن فيه الحفاظ على نصيب الأجيال القادمة من ثروات البلد، إذا لم يكن بوسعنا وقف استنزاف تلك الثروات، وإغلاق حنفية الهدر التي تركتها حكومتنا مفتوحة بلا حدود، تصب في أرصدة فئة قليلة تعد على الأصابع على حساب بقية الشعب، دون أن نملك مساءلتها ومحاسبتها محاسبة حقيقية حازمة..؟!     
الحل هو ما طرحته حركة «حدم» منذ بداية تأسيسها وحتى اليوم: الحكومة المنتخبة. لم يعد هذا المشروع ترفا سياسيا، بل ضرورة ماسة وعاجلة نابعة من خوف الشباب وقلقهم على هذا الوطن، لينقذوا به ما يمكن إنقاذه، ويصلحوا ما أفسدته الحكومات الفاشلة السابقة. ولأنه لم يعد هناك وقت نبدده في صراعات ومناحرات بيزنطية جوفاء، فإنني آمل من حركة «حدم» أن تركز في المرحلة القادمة على تحديد كل الخطوات الصغيرة والآليات المقننة للوصول إلى الحكومة المنتخبة، وإقناع الناس بها وتخفيف مخاوفهم منها، وطمأنتهم إلى أنها ثوب حرير نسجه دود قز كويتي ليسع الجميع بلا تمييز، وهذا طريق لعمري ليس بسهل، بل كما قال د.شفيق الغبرا مليء بالتعرجات والالتواءات والخسائر والانقسامات والتراجعات.
ثقتي قوية بأن جهود شباب حدم جادة وعزيمتهم مخلصة، وليست مجرد فزة.. لحصن البصرة..!

الكويتية

تعليقات

اكتب تعليقك