شركة الكهرباء ومسار التصحيح! بقلم فهد العيلي

الاقتصاد الآن

737 مشاهدات 0



المنشآت المبعثرة التي توحدت عام 2000 تحت اسم ''الشركة السعودية للكهرباء''، لا يمكن أن تكون بأدائها الحالي شركة! ممكن يطلق عليها أي اسم أو أي صفة مؤسسية أخرى لكن في كل الأحوال هي بعيدة تماما عن أداء الشركات وفكرها الاقتصادي والتشغيلي، لذلك ستستمر خسائرها ومشاكلها الإدارية المتراكمة ما لم تهتد إلى مسار السوق الصحيح الذي تعرفه كل شركات الكهرباء في العالم.

سأتجاوز الحديث عن مشكلات الشركة الداخلية لأنها معروفة للجميع وطرحت عبر وسائل الإعلام مرارا، فالدمج الذي مضى عليه 12 عاما أوجد كيانا مترهلا بلا هوية، فلا هي شركة تعمل بآليات السوق وتستثمر رأسمالها ونحاسبها على الأرباح والخسائر، ولا هي منظمة حكومية تعمل وفق تعليمات الدولة ومفاهيمها ''البيروقراطية'' فنصبر عليها على مضض ولا نطالبها بمزيد.

وأزعم أن المتحدث الإعلامي للشركة تعب من الردود على كثير من أطروحات المختصين حول احتكار الشركة صناعة الطاقة، وعدم فتح المجال للمنافسين، والديون المتراكمة للشركة التي جعلتها شبه معتمدة على الدولة كليا، وهيكلها المتضخم بالإدارات والأقسام دون إنتاجية تذكر والهدر المادي المستمر، وسوء إدارة النفقات، وغيرها من المشكلات العالقة بلا حلول جذرية.

وحين تبدو بعض الأطروحات قاسية من وجهة نظر الشركة فلأننا ندرك أنه في أفقر الدول تعد شركات الكهرباء مشروعا مربحا، ولدينا شركة الكهرباء نموذج فريد من الخسائر المتراكمة، ولولا دعم الدولة لتوقفت الشركة عن العمل وسرحت آلاف الموظفين لديها، وليتها تفعل، ففي دوائرها وأقسامها أعداد مهولة من الموظفين الذين يزيدون على حاجتها الفعلية.

وفي كل قسم هناك قيادات تزاحم بعضها على حساب الفنيين والعاملين، الرئيس ونائب الرئيس ونائب نائب الرئيس والمساعد والمساعد التنفيذي والمشرف العام ونواب المشرف ونواب النواب وقس على ذلك من المناصب المتعددة التي أوجدها هيكل الشركة الغريب.

وسأختصر حديثي حول النقطة التي تهمنا كمستفيدين، ويفترض أن تكون المحرك الأول لقيادة الشركة نحو مسار تحقيق الأرباح، وأعني بذلك الخدمات المقدمة وآليات تنفيذها ومؤشرات الأداء المرتبطة بها.

فتقديم الخدمات يتم بطريقة بدائية وعبر دوائر متشعبة من الاشتراطات والأوراق والموافقات والتواقيع وشهور من الانتظار، وفي أفضل الأحوال أسابيع دون مبررات تستحق هذا التعب، ما يجعل ذلك نقطة سوداء في سجل أداء الشركة التي تبيع لنا خدماتها، ومررت شخصيا ببعض المواقف الغريبة، فعلى سبيل المثال استغرق طلب خدمة تقوية العداد الكهربائي للمؤسسة التي أعمل فيها أكثر من شهرين ونصف بعد كتابة ثلاثة خطابات وزيارة ميدانية وموافقة ما لا يقل عن أربعة مسؤولين، وأخيرا دفع الرسوم وتنفيذ الخدمة ببطء قاتل، وما كان لهذا الماراثون ''البيروقراطي'' الذي يمر به الآلاف غيري بشكل يومي في معظم الفروع أن يستمر، لولا غياب الشركة التام وابتعادها عن التعامل مع عملائها وفق آليات السوق الحديثة، باعتبارهم المورد الأول في الرصيد الربحي للشركة.

وقس على ذلك طلبات العملاء المهملة، فتركيب عداد منزلي جديد يستغرق ما لا يقل عن ستة أشهر، ما يضطر أصحاب المنازل لطلب الخدمة وهم في مرحلة البناء لعلمهم بتعقيدات الشركة غير المبررة.

وما يواجهه أيضا أصحاب المصانع من عناء وهم من أهم الشرائح التي تتعامل مع الشركة، وجملة من الخدمات مثل إيصال التيار، أو نقل عداد كهربائي، أو زيادة الأحمال، أو إعادة الخدمة بعد السداد أو تصفية فاتورة كهرباء، هي حق طبيعي للمستفيد ومورد ثمين لمقدم الخدمة، تقدم بهذا المستوى الرتيب والأداء المتواضع.

ولا يمكن مقارنة ذلك بما نشاهده لدى شركات العالم التي تتنافس لتقديم الخدمة في بضع ساعات، وتتنافس عادة شركات الكهرباء في المدينة الواحدة على بضع دقائق فارقة في تقديم الخدمة.

وإذا كنا قد يئسنا من تكرار مطالبنا بتعديل مسار الشركة، وتصحيح أوضاعها، وإعادة تنظيم قطاع الكهرباء بالكامل وتحريره وإدخال المنافسة، وفتح المجال للاستثمارات، واستقطاب عدد من المختصين في تقديم الخدمات المرتبطة بقطاع الكهرباء، ما يسهم في الحصول على الخدمة في وقت قياسي، وأسعار مناسبة، وجودة عالية بعيدة عن الأعطال المتكررة والانقطاعات المستمرة والاحتكار المزمن، وفصل القطاع إلى خدمات إنتاج، ونقل، توزيع، فلا أقل من العمل وفق آليات جديدة تمكن الشركة من مراجعة خدماتها المقدمة بما يضمن لها أن تكون في متناول الناس بعيدا عن التعقيد الذي لا يليق أن يكون مكانه في الشركة 195 على مستوى العالم.

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك