قضايا البلد ضاعت بين ضعف الحكومة وخلل البرلمان.. هذا ما يراه النيباري
زاوية الكتابكتب مارس 27, 2013, 12:47 ص 1119 مشاهدات 0
القبس
إسقاط القروض.. بين التكسب الشعبي وتشجيع الاستهلاك
عبد الله النيباري
هيمنت قضية شراء الدولة للقروض الاستهلاكية والمقسّطة وإسقاط فوائدها على نشاط مجلس الأمة والحكومة على مدى ثلاثة أشهر، وأخذت شكل صراع بين المجلس والحكومة، وتصاعدت إلى لجوء أعضاء المجلس لإشراك أو إحراج سمو أمير البلاد رئيس الدولة، ما يُعد إخلالاً بالنظام الدستوري. فالأمير يُمارس صلاحياته من خلال وزرائه، ولا يجوز أن يُقال - كما صرَّح الأعضاء - أن يعطي موافقته من دون دراسة الموضوع مع الحكومة.
أخطر ما كشفت عنه قضية القروض، هو الخلل الجسيم في مؤسساتنا، مجلس أمة وحكومة، وضعف أدائها في معالجة قضايا وهموم البلد والمجتمع، فالمجلس يبحث عن مكاسب انتخابية، والسلطة وحكومتها تبحثان عن كسب ولاء المجلس، وبين ضعف وخلل المؤسستين تضيع قضايا البلد وأهله.
قد لا تكون كلفة شراء القروض، البالغة قيمتها بين 700 - 900 مليون دينار أو أكثر، مشكلة، فارتفاع دخل البلد من تصدير النفط إلى 30 مليار دينار (100 مليار دولار)، وتحقيق فائض قد يصل إلى عشرة مليارات دينار، يشجعان على توغل العبث والهدر في التصرف بالمال العام.
تنافس السلطتين
التنافس بين المجلس والحكومة على توزيع المنح والهبات وضخ التدفقات النقدية وقوة شرائية في أيدي الناس يؤدي في النهاية إلى تغذية النهم الاستهلاكي على سلع وخدمات مستوردة ترتفع أسعارها لتلتهم كل زيادة أو منحة مالية.
مجالس الأمة تتسابق في تقديم المنح والهبات من المال العام، سعياً لكسب أصوات الناخبين، والسلطة والحكومة، بضعفهما وغياب رؤيتهما، همُّهما كسب ولاء أعضاء المجلس.
وفي خضم هذا الصراع ضاعت قضايا البلد وتضخمت المشاكل، وضمرت جهود التنمية وتدهور ما تؤديه الدولة من خدمات في كل مناحي الحياة، صحة وتعليماً وإسكاناً، وتوفير فرص العمل وطرقاً ومروراً وتلوث البيئة.. والحبل على الجرار.
قضية قديمة
قضية تدخُّل الدولة لشراء قروض المواطنين المقسَّطة والاستهلاكية أثيرت عام 2007 وعام 2008، في وقت تضخمت فيه هذه القروض والمقترضين، عدداً وقيمة، وبرزت ظاهرة تضخم نسبة ما يدفعه المقترض من راتبه.
في تلك المرحلة بلغ عدد القروض 489 ألف قرض لعدد مقترضين بلغ 363 ألف مقترض، وزاد إجمالي رصيد المديونية على خمسة مليارات دينار، انقسمت بين قروض مقسَّطة التي تمنح لمدة 15 سنة، وبحد أقصى 70 ألف دينار، بلغ إجمالي رصيدها القائم، آنذاك، نحو ثلاثة مليارات ونصف المليار دينار، وقروض استهلاكية، وهي الأكثر عدداً والأقل قيمة، وتمنح لمدة خمس سنوات، وبلغت قيمتها أكثر قليلاً من مليار دينار.
وكانت أعباء هذه القروض ثقيلة، بسبب ارتفاع سعر الفائدة، وتعدد القروض لبعض المقترضين، وصل بعضها إلى خمسة وعشرين قرضاً للفرد الواحد!
حالياً، تقلص عدد المقترضين إلى نحو 67 ألفاً، وحجم القروض وصل إلى 700 مليون، قد ترتفع إلى 900 مليون، إذا أضيفت القروض الإسلامية.
تقلص عدد المقترضين وانخفاض رصيد مديونياتهم يعودان إلى سداد بعضهم لمديونيته، أو إعادة جدولتها، أو استفادة البعض من صندوق المتعثرين، خصوصاً بعد التشدد في تطبيق تعليمات البنك المركزي الصادرة عام 2008 لتصحيح أوضاع هذه القروض، بألا تتجاوز قيمة القسط الشهري 50 في المائة، خفضت إلى 40 في المائة من صافي راتب المقترض، بعد خصم ما عليه من التزامات، وأصبحت القضية محصورة في رصيد القروض المقسّطة لـ 67 ألف مقترض، بقيمة إجمالية 700 مليون بمتوسط عشرة آلاف دينار، وهذا يعني أن جزءاً كبيراً منها متوسط مديونيته خمسة آلاف أو أقل لكل مقترض. أما القروض الاستهلاكية التي تمنح بحد أقصى 15 ألف دينار، فتسدد خلال خمس سنوات، والمفروض أنه تم سدادها في الفترة من 2008 إلى نهاية 2012، باعتبار أن مدتها خمس سنوات.
سجال حاد
فإذا كان هذا هو حجم القروض، وهذه أبعادها، فهل كانت تستحق الانشغال بها على مدى ثلاثة أشهر؟
تصريحات وتهديدات وسجال حاد تكاد تكون يومياً مع وزير المالية والتهديد باستجوابه، وهل يستخدم الاستجواب في حالة خلاف الرأي؟ ثم تقديم تقرير للجنة يقرّه المجلس بحالة استعجال، من دون الالتفات إلى ما شاب التقرير من نقص في البيانات وعيوب في الصياغة وغموض في العبارات يصعب فهم المقصود وكيفية تطبيقها وعلى من تقع المسؤولية، وغياب تحديد تقديري للكلفة.
وتعقيدات تطول كيفية فرز القروض المعاد جدولتها وتقديم تعديلات أثناء الجلسة، ثم عدم تضمين التقرير رأي الحكومة، ورفض طلبها بتأجيل اتخاذ قرار، لإعطائها فرصة، لإبداء رأيها في التقرير. لماذا كل هذا الاستعجال والدربكة؟ وكيف يتسنى للرأي العام ممارسة دوره الرقابي في تقييم أداء الأعضاء في هذا الشأّن، من دون توافر بيانات وافية؟
تعليقات