شركة تدريب من أجل الجودة بقلم د. صالح السلطان

الاقتصاد الآن

648 مشاهدات 0



عقد لقاء الثلاثاء الماضي ضم مسؤولين من وزارة العمل وصندوق تنمية الموارد البشرية، والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية والغرفة التجارية الصناعية في الرياض وعددا من رجال الأعمال.

من أهم النقاط المثارة في اللقاء موضوع التدريب.

لا شك في أهمية التدريب التقني والمهني في زيادة إنتاجية الفرد. وذلك يسهم في زيادة الدخل الوطني، ويحسن مستوى معيشة المجتمع. وتزداد أهمية التدريب التقني والمهني في ظل المتغيرات الدولية والتطورات التقنية السريعة التي يمر بها العالم.

لكن وضع التدريب في بلادنا عليه ما عليه من مآخذ. كثرة تشتكي من نقص تدريب المتقدمين على عمل. كثرة تشتكي من ضعف تأهيل خريجي معاهد التدريب الحكومية أو الخاصة.

فتحت معاهد وبرامج تدريبية غلبت عليها ''ولا أقول كلها'' السطحية والمتاجرة بالتدريب. وضعت أو استوردت برامج تدريب لا تصقل المتدرب صقلا كافيا للقيام بالعمل على الوجه المطلوب. فتح باب الإعانة لبرامج تدريب دون تمحيص وضبط ورقابة كافية، فاستغلت الإعانة لغير ما وضعت له.

هل أقبل الشباب على التدريب كما خطط له؟ سمعت من كثيرين أجوبة خلاصتها أن الأكثرية لم تستفد أو لم تصمد. والأسباب كثيرة. كوجود وعود، في مصداقيتها شك، أو تدني مكافأة التدريب، أو مستواه. من الأسباب أن ثروة النفط السريعة السهلة تصنع بيئة تميل إلى السهل. أما الصعب فيعطى للآخرين.

لن يقوم صاحب العمل بتدريب أو تحمل تكلفة تدريب ''أو بعضها'' موظف لا يضمن استمراره عنده ردحا من الزمان. وحتى لو ضمن، فإنه سيفكر كثيرا في تكلفة التدريب والعائد منه. إن التدريب الجيد مكلف؛ لأنه يحتاج إلى وقت ونفقات عالية وموارد بشرية متميزة وتنظيمات وسياسات جادة تضمن اكتساب المتدربين قدرا كبيرا من المهارات. ولا يقدر على ذلك إلا الشركات المميزة ذات القدرات الإدارية والفنية والمالية العالية. تلك الشركات وضع نظامها ''السيستم'' وثقافة العمل فيها يد عاملة أو جهات مشهود لها بالكفاءة والانضباط. وقليلة هذه الشركات.

ما الحل؟

لكل طارح أن يطرح مقترحه. وكاتب هذه المقالة يطرح ما يراه.

أرى تأسيس شركة كبرى للتدريب، يملكها أو يساهم في تأسيسها صندوق تنمية الموارد البشرية. لكن التأسيس وحده لا يكفي.

يجب أن يضع نظام هذه الشركة وثقافتها وطريقة ِإدارتها جهات كالجهات التي بنت شركات مثل ''أرامكو'' و''سابك''.

وفي إطار صناعة هذه البيئة، هناك حاجة إلى وجود آليات جديدة لوضع حوافز تعمل على رفع الملاءة وتحسين الجودة في تقديم التعليم والتدريب الفني والمهني.

هناك حاجة إلى أن تشمل معالجة الوضع إدخال تحسينات الجودة في مجموعة واسعة من القضايا كتطوير المناهج واختيار المدربين، وقياس المخرجات، والمراقبة والإشراف، ووضع معايير التأهيل ومنح الشهادات.

ويمكن الاستفادة من خبرات دول لها سمعة حسنة في التعليم والتدريب. طبعا تقف الدول الغربية على رأس هذه الدول. وخلاف الدول الغربية، اكتسب التعليم والتدريب في بعض الدول العربية سمعة وعُرف بالجودة. من وجهة نظري، تقف تونس على رأس هذه الدول. هذه الدولة هي من أولى دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي جعلت ضبط الجودة أحد مكونات إصلاح نظام التدريب المهني. وعملية الضبط عملية معقدة نسبيا، وتحتاج إلى شرح طويل. وتطلبت وقتا لتصبح فاعلة كما خطط لها.

باختصار، يحتاج تحويل التدريب من تدريب منخفض الجودة إلى تدريب عالي الجودة إلى إصلاحات شاملة. أساس هذه الإصلاحات العمل على تحقيق خمسة جوانب: التنظيم ''السيستم'' والحوكمة والتمويل والجودة ومشاركة القطاع الخاص. وأرى أن تأسيس شركة كبرى ببنية متطورة وصارمة من البداية هو المفتاح لتحقيق هذا التحول.

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك