معالجة 'القروض' تحتاج إلى خطوات تنموية أخرى.. هكذا يعتقد فهد الصباح

زاوية الكتاب

كتب 1315 مشاهدات 0


النهار

رأي اقتصادي  /  إسقاط القروض لا يكفي

م. فهد داود الصباح

 

اقر مجلس الامة قانون معالجة قروض المواطنين في مداولته الاولى، وهي خطوة كبيرة في تصحيح خلل استمر لسنوات وعانت منه شريحة عريضة من الكويتيين، ومن المتوقع أن يمر القانون في مداولته الثانية لان التوجيهات الاميرية السامية، واستنادا الى ما نشر في الصحف، واضحة في شأن انهاء هذه المعاناة ورفع الغبن عن المواطنين المقترضين، ورغم أن هذه المسألة سابقة في تاريخ الدول، إلا انها تعبر عن حكمة ولي الأمر في معالجة كل مشكلات مواطنيه، بالتالي هي موضع ترحيب شعبي كبير، وتظهر نتائجها الايجابية في المستقبل، وبخاصة مردودها على الاقتصاد الوطني.
معالجة قضية قروض المواطنين تحتاج الى خطوات تنموية اخرى، لا تقل اهمية عن خطة التنمية، خطوات تتصل مباشرة بمعالجة الاسباب التي ادت بنحو 340 الف مواطن الى الاقتراض، وجعلت نصفهم يتعثر في السداد، وهي لا تقتصر على تصحيح سياسة الائتمان المصرفية او الصرامة في المعايير التي يضعها البنك المركزي، إنما في تنويع مصادر الدخل والافساح في المجال للمبادرة الفردية أكثر في تنويع دخل المواطن، ووضع سياسة اقتصادية لا تقوم على الريعية المفرطة، مع عدم الخروج على قواعد  الرعاية التي تضمنها الدستور، بمعنى أن تحفز الدولة المواطن على الانتاج مقابل المكافأة، وتزيد من مرونة القوانين فيما يتعلق بتشجيع القطاع الخاص ككل على زيادة مشاركته في الاقتصاد الوطني، ولا تبقى الدولة رب العمل الوحيد.
من نافلة القول أن الطبيعة الاقتصادية الخليجية تقوم على الاعتماد شبه الكلي على منتج وحيد يتحكم فيه العرض والطلب، وسياسة تنويع مصادر الطاقة التي بدأت تفكر فيها العديد من الدول، وتسعى إليها، ومن ضمنها بعض دول الخليج العربية، اكان في مجال الطاقة البديلة، او تنويع مصادر الدخل، وبناء على المعطيات العلمية بات من شبه المؤكد أن في الثلاثين سنة المقبلة سيكون هناك العديد من البدائل للنفط كمصادر للطاقة، ورغم التزايد الحالي في الطلب عليه إلا أن ذلك لا يعني الركون الى استمرارية النفط كمصدر للطاقة، وهو ما يجب أن يؤخذ في الحسبان وان يسعى مجلس الامة والحكومة معا الى وضع القوانين والخطط التي تمنع تكرار ظاهرة القروض بهذا الشكل الذي وصلت اليه في السنوات الاخيرة وفي الوقت نفسه لا تجعل المواطن يقع تحت ضغط الحاجة والاقتراض والتعثر في السداد، وهذا لا يتحقق بالقرارات المستندة الى قصر نظر اقتصادي او الى حسابات انتخابية او خضوع لقوى الضغط الاقتصادي في المجتمع إنما الى تأن ونظر الى المستقبل، فاذا كان الكويتيون اليوم 1,3 مليون نسمة فانهم سيصبحون بعد ثلاثين عاما ضعف هذا الرقم، وسيحتاجون الى ضعف مساحة الارض للاستثمار السكاني، بالاضافة الى بنية خدمات اكبر من المتاح اليوم، ورغم أن التقدم التكنولوجي سيخفف الكثير من الاعباء عن كاهل المواطن إلا أن ذلك لا يعني انه لا يحتاج الى خدمات أصبحت من البديهيات بالنسبة للانسان، وكل هذا يعني أن يمنح المواطن حرية أكثر، اكان فيما يتعلق بالاعمال الحرفية او الشركات او غيرها من الوسائل الانتاجية.
كل هذا يجب أن يكون الخطوة الثانية للمجلس والحكومة معا، اي أن يعمل على خطط تنموية حقيقية لا تقوم على الريعية المطلقة كما هي الحال مع خطة التنمية الحالية التي من المفترض أن يكون العام المقبل اخر اعوامها، رغم انها لم تنفذ كلها حتى اليوم، ولهذا لا بد من العمل فورا على وضع خطة تنمية حقيقية تستند الى تنمية الانتاج الوطني ككل، وتنمية الانسان وتشجيع المبادرة الفردية، والا فان مشكلة القروض ستتجدد بعد اعوام قليلة وسنعود الى الدوامة ذاتها من المطالبة باسقاطها، وكأننا لاطبنا ولا غدا الشر.

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك