«عضلات» قطر المالية توجد لها مكانا تحت الشمس بقلم رولا خلف

الاقتصاد الآن

571 مشاهدات 0


 

في عالم يشهد ندرة في رأس المال وتعاني اقتصاداته، تفرد قطر عضلاتها المالية في كل مكان، ضامّة إليها بنايات مميزة، وأندية رياضية، ومصارف عالمية، وعلامات تجارية شهيرة.   وليست الشركات والعقارات هي فقط التي تجتذبها، بل تعتبر ثروتها المدعومة بثالث أكبر احتياطيات الغاز الطبيعي في العالم، سلاحا قويا في سعيها من أجل نفوذ سياسي عبر الشرق الأوسط الذي يمر بمرحلة انتقالية.   فقد جاءت نصيرة الثورات العربية مع حزم مالية سخية لنجدة حكومتين يقودهما الإسلاميون في مصر وتونس (أنفقت نحو خمسة مليارات دولار لدعم الاقتصاد المصري). وهي من بين المؤيدين الأكثر صخباً للثوار في سورية، وقبل ذلك في ليبيا، الذين ساعدتهم في تأمين المال والسلاح. إنه تحول مذهل لما كانت ذات يوم دولة خليجية خلفية تعيش في ظل جارتها العملاقة المملكة العربية السعودية. والبلد الذي يبلغ عدد سكانه 1.9 مليون فقط، 20 في المائة فقط منهم مواطنون، مدفوع بالحاجة لتنويع الاقتصاد المحلي وبطموح لترسيخ نفسه قوة إقليمية. ومع أن ترويجها لذاتها يتناقض بشكل صارخ مع نهج المملكة العربية السعودية الأكثر هدوءا في السعي نحو العالمية، إلا أن قطر واقعية للغاية، وتسعى إلى موطئ قدم قوي تجارياً وسياسياً أينما ترى فرصة لذلك.   ولأنها موجودة وسط منطقة دائمة الاضطرابات، فإن إنفاق قطر الذي تسعى من ورائه إلى تحالفات عالمية، يكتسي طابعا تأمينيا أيضا. فبحسب برقية دبلوماسية أمريكية مسربة، قال حمد بن جاسم آل ثاني، رئيس الوزراء القطري، لمسؤول أمريكي عقب تبرع قطر بـ 100 مليون دولار لضحايا إعصار كاترينا: 'ربما نعاني كاترينا الخاص بنا ذات يوم'. ويمكن أن تأخذ مثل هذه العاصفة هيئة هجوم أمريكي على إيران، التي يمكن أن تغلق مضيق هرمز وتقطع صادرات قطر الحيوية من الغاز الطبيعي المسال.   والطموحات القطرية يحركها الأمير حمد بن خليفة آل ثاني، ويتم تنفيذها جزئياً من خلال رئيس الوزراء. ويتزايد أيضا إشراك تميم بن حمد آل ثاني، ولي العهد، في إطار إعداده للخلافة.   لكن مع النشاط المفرط يأتي الجدل، وتمثل أحدث جدل في تحقيق تجريه المملكة المتحدة فيما إذا كان بنك باركليز قد قدّم قرضا إلى قطر لتمويل حصة في المصرف عام 2008. وأثارت استثمارات الدوحة في فرنسا (التي تدرس أيضاً دعما ماليا لصندوق سيديره الرئيس السابق نيكولا ساركوزي) رد فعل سياسيا أيضاً. وفي منطقة الشرق الأوسط نفسها حصلت قطر على كثير من المنتقدين والمعجبين. فبعضهم ينظر إليها على أنها المنقذ، ويراها آخرون متطفلا مؤذيا. ويقول مقربون من العائلة الحاكمة القطرية، إنها اعتادت الجدل، من خلال إخمادها العديد من الحرائق التي أشعلتها تغطية قناة الجزيرة، الذراع الإعلامية التي كانت أول من وضع قطر على الخريطة العالمية. لكن بعضا ممن يقدمون المشورة لقطر أشاروا إلى أن أكثر ما أزعج قيادة البلاد هو النقد الذي يشوّه صورة المستثمر الداهية الذي يحاول ترسيخها.   تقوم قطر بالعديد من الغزوات في الخارج من خلال شركة قطر القابضة، الذراع الاستثمارية المباشرة لهيئة الاستثمار القطرية، وهي صندوق الثروة السيادية، الذي وصلت قاعدة الأصول خاصته إلى 100 مليار دولار منذ إنشائه عام 2005. وتُعتبَر هيئة الاستثمار القطرية عاملا مساعدا لسياسة الدوحة الخارجية، حيث تقيم الاستثمارات المشتركة مع الدول الشريكة في الصناديق، من إندونيسيا إلى ليبيا.   وقال أحمد السيد، الرئيس التنفيذي لشركة قطر القابضة: 'ما نهتم به في المقام الأول هو عائدنا من الاستثمار'. وأضاف: 'في النهاية، نحن نستثمر نيابة عن الأجيال المقبلة (...) لكن إذا كان ذلك يؤدي أيضاً إلى شراكة مجدية خارج نطاق الأرباح، فسيكون ذلك جيدا للجميع'.   ووفقا لديفيد روبرتس، من المعهد الملكي للخدمات المتحدة، لا توجد استراتيجية شاملة لهيئة الاستثمار القطرية بخلاف 'التكتيكات الأساسية، الذكية والعامة'. وأضاف: 'الاستراتيجية هي الاستثمار بكثافة إذا كنت تريد السيطرة، الاستثمار إذا كانت هناك صفقة، الاستثمار إذا كان يمكنك تأمين نقاط سياسية، الاستثمار في الصناعات ذات الأهمية البالغة، والاستثمار في مختلف القطاعات والمناطق'.   اثنان من أسواق قطر المفضلة هما المملكة المتحدة وفرنسا، حيث الكثير من الشركات التي تدعمها الدولة والأفراد ممن يمتلكون العقارات القيّمة، بما في ذلك شارد في لندن وبنايات على جادة الشانزليزيه في باريس. ووجود الدوحة المالي المتزايد جعل منها حليفا تعتمد عليه لندن وباريس خلال الأزمات في الشرق الأوسط، كما قدّم للدوحة حلفاء أوروبيين. وفي أحدث تعبير عن اهتمامها بالمملكة المتحدة، بدأت قطر محادثات بشأن ما قيمته عشرة مليارات جنيه إسترليني من مشاريع البنية التحتية، بما في ذلك الاستثمار في 'الصرف الصحي الفائق' جنوبي لندن.   ولاحظ مصرفيون ومستشارون ماليون، إن الأولوية في قطر تحولت من كسب الدعاية إلى العائدات المرتفعة. وأشاروا أيضاً إلى دور صانع الملوك الذي تلعبه الدوحة في عملية دمج بين شركتي إكستراتا وجلينكور، باعتباره مثالا على تطور أكبر. وقال أحد المستشارين 'في الماضي كان من الممكن أن تقوم قطر بصفقات كبيرة ثم تتلاشى، لقد كانت تريد فقط عناوين الصحف، ولكن الآن هدفها هو كسب المال

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك