على الناجحين إلا يفرحوا كثيرا، فنتائج أمة 2008 تحمل بذور الحل..افتتاحية النهار
زاوية الكتابكتب مايو 19, 2008, منتصف الليل 839 مشاهدات 0
نصائح من مطلعين على بواطن الأمور للناجحين ألا يفرحوا كثيراً
نتائج أمة 2008: مجلس يحمل بذور الحل
المحرر السياسي
لا جدال في ان الاختيار حق مكفول للناخب رجلا كان او امرأة، قبلياً او دينياً، ليبرالياً او مستقلاً، لكن ما يقال في قراءة اولية عن نتائج انتخابات «أمة 2008» يتلخص في «العتب مرفوع» فالنتائج التي لا يستطيع أحد أن يدعي أنها لم تفاجئه لا تعني نهاية المعركة «الانتخابية» بل تؤكد بدايتها وهذه المرة بصراحة، وإذا كان الكلام عبارة عن «همهمة» اليوم، فإن الصراخ سيعلو وأكثر مما نتصور. ولعل أهم سبب قانوني هو قضية وجود شركة الحاسوب الآلي في مكان محظور إلا على لجنة الإشراف على الاقتراع، حتى ولو كان الفرز يدويا والتسجيل آليا والرؤية من خلال البروجكتر. فالمخالفة وقعت مع كل التبريرات، وبإمكان أي مرشح أن يطعن في الانتخابات برمتها، سواء بـ «بينة» تدعم طعنه بالتلاعب أو دون «بينة»، وإلى أن تظهر بيانات «الحاسوب» وينكشف مستور تحالفات ربع الساعة الأخير، والتحالفات المبيتة والمدروسة، فإن الطلاق «البائن» بين المتحالفين قد وقع، ولن تفيد الذين لم يحالفهم الحظ كلمة مثل «هارد لك»، خصوصا الذين جهزوا «بشوتهم» لقاعة عبدالله السالم. وإذا كانت لم تنكشف بعد تفاصيل وآليات تحالفات «تحت الطاولة» فإن الأرقام كافية ليعرف كل واحد مدى فداحة الطعنة التي تلقاها في ظهره، حتى ولو كان التحالف في الموسم الانتخابي مشروعا، ويعتبرها البعض «شطارة» وليست خذلانا. وهذا ليس مهما إذا أخذنا بالحسبان ما ستنبئنا به الأيام القليلة القادمة، لدرجة أن البعض وهم من العارفين ببواطن الأمور ينصحون الناجحين ألا يفرحوا كثيرا لأن العديد منهم يحمل قضاياه على أكتافه وستكون المحاكم مشغولة بهذه القضايا المستعجلة التي تسقط العضوية. وهناك قضايا عدة يمكن عرضها لترسم ملامح الأيام القادمة، أول هذه القضايا وهي لا تمت إلى مشروعية المجلس بصلة هي عدم نجاح أي امرأة في هذه الانتخابات، ما يعني أموراً عدة منها أن المرأة لم تنضج بما فيه الكفاية لتقبل «ضرّة» سياسية، ولهذا فضلت العودة إلى «بيت الطاعة» لتقر مع أسرتها. وثاني القضايا أن الذين «زكتهم» الفرعيات من أبناء القبائل – وقد تم تجريمهم - قد وصل 21 منهم 8 اسلاميون، والذين زكتهم التيارات الإسلامية بلغوا 11 نائبا، ما يعني أن مجلس 2008 هو مجلس قبائل وليس مجلسا كما كان الجميع يتصور أنه خطوة نحو ديموقراطية جديدة على أساس الدوائر الخمس، وهذا يعني أن أكثرية الأعضاء يحملون معهم «بذور حل المجلس» لأنه من الطبيعي أن يتصادموا مع زملائهم النواب، ومن المؤكد أن يتصادموا مع الحكومة مهما كانت تشكيلتها وتوجهاتها، بمعنى أن القضايا التي حلت المجلس السابق مازالت موجودة وبقوة «العديد والعدة» لتتصادم مع أي إصلاح وأي خطة، والأحداث ليست بعيدة لتدخل في منطقة اللاوعي وتتحول إلى أحلام، فهي ماثلة وذات «طنين» في آذان الحكومة لأنها أعلنت الحرب عليها في الحملات وقبل أن تصل إلى المجلس أو حتى تضمن النجاح. أما الإسلاميون الذين انفرط عقد المعتدلين منهم فقد حل محلهم نواب متشددون يبطنون أكثر مما يظهرون وحامت حول بعضهم «شبهات» تورط في قضايا خارجية سببت أذى للكويت، ولن يتورعوا عن طرح قضاياهم في قاعة عبدالله السالم التي يقول البعض انها ستتحول إلى ساحة قتال في قلب الديموقراطية بدلا من الذهاب إلى أقاصي الأرض للقيام بهذه المهمة، خصوصا إذا كانت تقابلهم أو تجاورهم تيارات أخرى لا تقل عنهم تشددا مع اختلاف المنطلقات «الفقهية» التي يكفر حملتها كل منهم الآخر. وإذا كان الأمل معقودا على الشباب الذين صدقوا أن البلاد مقبلة على التغيير والتنمية فخاضوا غمار المعركة الانتخابية فإنه ليس بإمكان هؤلاء أن يخوضوا قتالا من نوع آخر، ولهذا فلم يجدوا لهم مكانا في معمعة الانتخابات ولن ينخدعوا بتقبيل السيوف اللامعة كثغر «عبلة»، ويبقى الحكماء الحلماء مهما قويت شوكتهم فإنهم سيجدون أنفسهم غير قادرين على إدارة «الأزمات» وسيكتشفون «أن السيف أصدق انباء من الكتب»، أما الوجهاء الذين اعتاد عليهم المجلس وقد أصبحوا قلة، فمن الطبيعي أن يلتفتوا إلى مصالحهم مثل «أغنياء الحرب»، والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو هل هناك من كان يقول: «اشتدي يا أزمة تنفرجي» ولهذا عمل على اشتدادها من أجل مشاريع أخرى تجعل منه «مرجعا» سياسيا. وفي كل الأحوال فإن الذين اسهموا في إنتاج هذا المجلس سيكتشفون ولو متأخرين أنهم اسهموا في «إيقاظ» ما كان نائما، وأنهم عبثوا في أهم صرح من صروح البلاد وهي ديموقراطية الدستور الذي يبدو أن هناك من يريد أن يعلقه، وليس عيبا أن نعترف بخطأ المراهنة على الدماء الجديدة، مع أننا كان يجب أن ندرك أننا نلعب في الوقت الضائع ونحن نرى «زيم» الفرعيات. لكن فسحة الأمل مازالت معقودة على القيادة الحكيمة وعلى حكومة قوية تقارع الحجة بالحجة والبرهان بالبرهان وتترك اللاعبين في الساحة لتلتفت إلى التنمية والبناء وهذا هو الصك الذي تقدمه لمن أولاها الثقة.
تعليقات