دفاع عن الرأسمالية دون إقصاء الصين بقلم جون أوثرز

الاقتصاد الآن

680 مشاهدات 0


 


هل تفككت الرأسمالية؟ هذا سؤال مثقل بالاحتمالات سأحاول أنا وبعض الكتاب في 'فاينانشيال تايمز' الإجابة عنه الأسبوع المقبل في سلسلة 'المناظرات العظمى' التي تعقدها الصحيفة في بكين وشنغهاي وهونج كونج.

سأقول إن الرأسمالية لم تتفكك، وهذا موقف لا يحظى في وقتنا الحاضر بشعبية، بعدما جعل انهيار السوق في عام 2008 استقرار النظام المالي العالمي تحت المساءلة، وأدى إلى ركود عظيم وتدخل حكومي كبير.

لكن بعد ترتيب الأرقام لبرهة، نجد أنها قضية من السهل تناولها. فالرأسمالية تبدو سليمة بلا ريب. ولأسدي معروفاً لخصومي، هاهي الأسباب التي أبقت الرأسمالية وحالت دون انهيارها.

ابتداء، يجب أن تقاس الأنظمة الاقتصادية بنتائجها. ومن حيث نمو إجمالي الناتج المحلي تظهر الرسوم البيانية أن الرأسمالية مازالت في صحة جيدة، وأن إجمالي الناتج المحلي العالمي ارتفع خلال الأزمة.

وكان هذا بفضل صعود العالم النامي الذي سيتجاوز العالم المتقدم هذا العام، ما يشير إلى أن سوء توزيع الثروة في العالم يمكن أن يصحح نفسه في ظل الرأسمالية. وإذا ما نظرنا فقط إلى البلدان التي كانت في نادي الدول المتقدمة قبل الأزمة، فستبدو الصورة مختلفة. فقد هبط إجمالي الناتج المحلي في عام واحد هو 2009، ثم عاد للنمو منذ ذلك الحين. و'الركود العظيم' هو أسوأ ما عانته الرأسمالية منذ الحرب – قبل ذلك لم يختل إجمالي الناتج المحلي للفرد في غرب أوروبا والولايات المتحدة منذ عام 1945، طبقاً لبيانات تاريخية كبيرة جمعها الراحل أنجوس ماديسون – ولم يكن بذاك السوء.

ذلك الركود كان لديه تأثير أعمق على التجارة العالمية، إذ هبطت الصادرات العالمية 26 في المائة في الـ 12 شهرا التي تلت انهيار 'ليمان براذرز' في أيلول (سبتمبر) 2008. والتجارة، أو أخيراً 'العولمة'، تجعل الرأسمالية تعمل.

والانتعاش اللاحق كان فورياً، فمنذ الصدمة الكبرى في صيف عام 2009 ارتفع حجم التجارة العالمية 49 في المائة، كما يقول صندوق النقد الدولي.

وهذا جعلها تصل إلى درجة عالية جديدة. ففي الـ 13 عاما منذ مطلع الألفية وحدها، وهي فترة انفجرت فيها فقاعتا أصول في الغرب، ارتفعت الصادرات العالمية 212 في المائة. لذا، سرعة الانتعاش كانت مذهلة. وأياً كان النظام الذي يستخدمه العالم، من الصعب القول إنه 'منهار'.

وإذا تجاهلنا النتائج، ربما يتسنى القول إن هذا تم تحقيقه فقط بالتخلي عن الرأسمالية. إنها الملاذ الأخير للعديد من المتحاورين للتراجع عن المراوغة حول التعريفات.

لا يوجد شخص مثل ماركس يمكنه أن ينَّظر للرأسمالية التي لايزال الكثير منها غامض. مثلا، هل الصين رأسمالية كما تبدو لكثيرين، أم أنها شيوعية كما يستمر الحزب الحاكم في وصف نفسه؟.

ربما يحاول المتناظرون أن يستغلوا التعريفات القديمة. فبالنسبة لـ 'أكسفورد'، الرأسمالية هي 'نظام اقتصادي وسياسي يتم فيه التحكم في تجارة وصناعة البلد من ملاك القطاع الخاص من أجل الربح، بدلاً من الدولة'.

وبناءً على هذا التعريف، فإن الرأسمالية في مشكلة لأن الدولة أقدمت على عدة تدخلات منذ الأزمة. ففي الولايات المتحدة مصرفا الرهونات العقارية الكبيران، 'فاني ماي' و'فريدي ماك'، تتحكم فيهما الدولة الآن. وفي الصين كان التوسع النقدي والمالي الضخم عام 2008، الذي انتشل العالم من الركود، مدفوعاً من الدولة.

لكن الرأسمالية قابلة للتكيف وربما يكون هذا هو سر نجاحها. تعريفات القواميس تحولت مع مرور الوقت. وأحدث تعريفاتها طبقاً لموسوعة ويكيبيديا، أنها أنموذج لتفكير السوق الحرة إذا ما كانت هناك سوق على هذا النحو. وتقول الموسوعة إنها معنية 'بالملكية الخاصة (وليس التحكم) في السلع الرأسمالية ووسائل الإنتاج، مع صنع السلع والخدمات للربح'. والعناصر التي تتعلق بالرأسمالية تشمل 'تراكم رأسمال والأسواق التنافسية ونظام أسعار' – لكن ليس غياب الدولة.

وهذا قريب من المفاهيم الحالية للرأسمالية، وكل عناصرها تبقى سليمة. وبصرف النظر عن أزمة عام 2008 وتدخل المصارف المركزية للإبقاء على عمل الأسواق، ما زالت الأسواق، وليس الحكومات، هي التي تضع الأسعار.

حقاً، لقد كان انهيار السوق دليلاً على فشل عام. والتراجع الجماعي للعديد من فئات الأصول المختلفة أظهر أن كثيرا منها كان مسعرا بأسعار غير صحيحة عندما حلت الأزمة. لقد حدث سوء توزيع في رأس المال والرأسمالية لم تكن تعمل بأفضل ما لديها.

الأسواق الحرة قابلة للتكيف، وعلى أصحاب المشاريع الرأسماليين أن يتغلبوا على الإخفاق – وأن يستفيدوا من التدمير الخلاّق.

وهذا ينطبق حتى على السوق نفسها، فالابتكارات مثل المشتقات الائتمانية لم تساعد على التحكم في المخاطرة كما اعتقد كثيرون مسبقاً. وهناك بحث الآن عن طرق جديدة للاستثمار. وفي هذه الأثناء تكيفت أسعار السوق مع مستويات سمحت بانتعاش التجارة والنمو.

نعم، الأسواق الرأسمالية في حاجة إلى مساعدة من الدولة لتصحيح مسارها. لكن الرأسمالية تتطلب حكم القانون. وحتى في أكثر الأنظمة التي لا تسمح بعدم التدخل الحكومي، على شخص ما أن يشرف على حقوق الملكية. الرأسمالية ليست فوضوية.

وهذا في حالتي على الأقل. ولنرى الآن إذا ما كانت ستجعلني أكسب الجمهور إلى صفي في الصين، التي قدمت طريقتها المميزة من الرأسمالية نمواً يزيد على 7.5 في المائة سنوياً لعقود من الزمن.

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك