منطقة اليورو تخاطر بإثارة تدافع لسحب الودائع بقلم فولفجانج

الاقتصاد الآن

641 مشاهدات 0


 

قال السير ميرفين كينج ذات مرة 'إن من غير المنطقي إثارة تدافع لسحب الودائع من المصارف، لكن من المنطقي المشاركة فيه حين يبدأ'. وبالطبع، كان محافظ بنك إنجلترا على حق. وصباح السبت الماضي، ربما أثار وزراء مالية منطقة اليورو تدافعا على المصارف. مع الاتفاق على فرض ضريبة على الودائع المصرفية في قبرص تكون منطقة اليورو فعليا قد عجزت ـــ بالمعني الكامل لذلك ما عدا التسمية ـــ عن ضمان تأمين الودائع بالنسبة للودائع المصرفية. ويعود هذا الضمان إلى عام 2008، بعد انهيار مصرف ليمان براذرز، وهو يتألف من سلسلة من الضمانات المنسقة على الصعيد الوطني. وقد أرادوا به نقطة سياسية مفادها أن جميع المدخرات آمنة. أنا استخدم عبارات مثل 'بالمعني الكامل لذلك ما عدا التسمية' وكلمات مثل 'فعليا'؛ لأن قبرص من الناحية القانونية لم تعلن العجز أو تفرض خسائر على المودعين. لكنها فرضت ضريبة بنسبة 6.75 في المائة على الودائع التي تصل إلى 100 ألف يورو، وضريبة بنسبة 9.9 في المائة على الودائع التي تزيد على هذا الحد. وهذه من الناحية القانونية ضريبة على الثروة، ومن الناحية الاقتصادية تخفيض استثنائي في قيمة الودائع.

وأنا كنت أفضل التخفيض الاستثنائي، أو ضريبة على الودائع التي تزيد على 100 ألف يورو ـــ الجزء الذي لا يغطيه ضمان تأمين الودائع. فلا يوجد أي سبب أخلاقي أو اقتصادي لحماية الأجانب الذين قرروا تخزين مبالغ كبيرة في حساب مصرفي قبرصي أيا كانت الأسباب. وهذه الضرائب الاستثنائية أيضا ستكون متماشية مع فلسفة التأمين على الودائع. فالغرض منها ليس توفير حالة اليقين المطلق، وإنما تهدف إلى منع التدافع لسحب الودائع من المصارف، التي تحدث عادة عندما تلاحق صغار المودعين. أما مخططات التأمين على الودائع المصممة تصميما جيدا فهي تفرض سقوفا.

ولم أصدق الأمر عندما سمعت أن وزراء مالية منطقة اليورو يلاحقون صغار المودعين في قبرص. لكنني أتفهم السبب الفني البحت الذي دفعهم لذلك؛ إذ لا يمكن لمنطقة اليورو أن توافق على خطة إنقاذ كامل تصل تكلفتها إلى 17 مليار يورو.

فقد رفض الألمان تقديم قرض لكونهم متيقنين أن قبرص ستعجز عن سدادة؛ لذلك تم تخفيض المبلغ إلى عشرة مليارات يورو. وكان فرض الضرائب الاستثنائية على الودائع السبيل الوحيد للمشاركة في تمويل هذا المبلغ، خصوصا أنهم عندما أجروا حساباتهم اكتشفوا أن الودائع الكبيرة لن تكون كافية.

لذلك اختاروا فرض ضريبة على الثروات دون أن يحققوا كثيرا من التقدم، مع أنها لا تشتمل على إعفاء حتى بالنسبة إلى الأشخاص ذوي المدخرات الصغيرة جدا.

وإذا كان أحد يرغب في تغذية المزاج السياسي بالتمرد في جنوب أوروبا، فهذا هو الطريق. ستكون العواقب السياسية على المدى الطويل لهذا الاتفاق ضخمة. وعلى المدى القصير، فإن الخطر يكمن في تعميم حالة الذعر بحيث لا تكون مقتصرة على قبرص وحدها.

وبالنسبة لليونان، قال وزراء المالية: 'لا داعي للقلق، إنها حالة استثنائية'. وينطبق ذلك على المعنى القانوني الضيق للغاية. ففرض ضريبة على السندات في اليونان هو في الواقع مختلف عن فرض ضريبة على المودعين في قبرص. وعندما يكررون هذا في أي مكان آخر، ستكون حالة استثنائية أخرى.

وما لم يكن هناك مهلة لصغار المدخرين، فإن معظم المدخرين القبرصيين سيتصرفون بعقلانية إن هم أقدموا على سحب بقية أموالهم ببساطة لحمايتها من مزيد من الضرائب الاستثنائية. وسيكون منطقياً بالنسبة إلى المدخرين في أماكن أخرى في جنوب أوروبا الانضمام إليهم. فالتجربة القبرصية تقول لهم 'إن الملاءة المالية لنظام التأمين على الودائع جيده بقدر قوة الدولة'. وبالنظر إلى نسبة دين القطاع العام في إيطاليا، أو إلى مديونية القطاع العام والخاص في إسبانيا والبرتغال، لا توجد في كل الأحوال وسيلة تسمح لهذه الحكومات بضمان جميع ودائع البنوك بإمكاناتها الذاتية.

وقد أظهرت خطة إنقاذ قبرص أن الدول الدائنة ستصر اعتبارا من الآن، على أن إنقاذ البنوك يجب أن يكون بتمويل مشترك من المودعين.

والشيء المحير حقاً هو لماذا لم يسحب الناس أموالهم من قبل؟ ألم يقرؤوا الصحف؟ ربما يثقون بالرئيس الجديد لقبرص الذي كان قد وعدهم بأنه لن يقبل بهذا؟ ولماذا كان هناك عدد قليل جدا من حالات هروب الودائع في أماكن أخرى في جنوب أوروبا؟ هل هم أيضا يثقون بحكوماتهم؟ والأهم من ذلك، هل سيتسمرون في هذا؟

وتوجد ضمن منطقة اليورو بعض العوائق المؤسسية التي تمنع التدافع على المصارف لسحب الودائع. فبعض الدول تفرض قيودا على السحب اليومي ـــ ظاهريا لمكافحة غسل الأموال. وليس من السهل فتح حساب مصرفي في بلد أجنبي. وفي كثير من الحالات تحتاج إلى إقامة. وربما تحتاج إلى السفر إلى هناك شخصيا، وقد تحتاج إلى التحدث باللغة المحلية ـــ أو على الأقل الإنجليزية.

لكن أنا لا أشعر بارتياح لتلك العوائق. فبمجرد أن تصل المخاوف إلى المنطقة الحرجة، سيقوم الناس بحسب الودائع وسيصبح التدافع على المصارف حالة مستديمة. لقد كان هناك كثير من الرضا عن النفس بشأن أزمة منطقة اليورو خلال الأشهر الثماني الماضية.

يعتقد كثير من الناس أن الأزمة قد انتهت لأن ماريو دراجي، رئيس البنك المركزي الأوروبي، قدم ضمانا بأن يكون البنك مقرض الملاذ الأخير. ويفهم المودعون المصرفيون الآن أنه إذا كانت الأزمة قد انتهت، فإن ذلك لم يكن إلا لأن منطقة اليورو وجدت مصدرا جديدا للتمويل هو مدخراتهم.

ليس لديّ أية فكرة هل سيكون هناك تدافع على البنوك في الأسابيع القليلة المقبلة أم لا. لكن بالتأكيد حدوثه سيكون منطقيا.

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك