أين اقتصادنا في هذه المعادلة؟ بقلم فواز حمد الفواز

الاقتصاد الآن

926 مشاهدات 0



تقدم شركة bridgewater بقيادة ري داليو معادلة للنجاح الاقتصادي. تذكر الدراسة العوامل التي تقود إلى الاختلافات النسبية في النمو الاقتصادي أربعة وهي: القدرة التنافسية والمديونية والثقافة والحظ. الدراسة شملت دولا متقدمة ودولا نامية لمدة عشر سنوات. لم تشمل دول شرق أوسطية عدا تركيا، ولكنها شملت دولا نفطية مثل روسيا والمكسيك وفنزويلا، التي أصبحت مثالا على سوء الأداء بالرغم من الثروة النفطية (أو لعله بسببها) والظروف الموضوعية الأخرى مثل توافر الماء. لعل المكسيك التي بدأ اعتمادها على النفط يقل في أحسن حال من روسيا وفنزويلا. ما يهمني أن الدول النفطية لم تُعط حقها لأن طبيعة اقتصاداتها تختلف جذريا، وخاصة ذات الكثافة السكانية القليلة نسبيا.

هذه العوامل بينهما تداخل في التأثير، فمثلا القدرة التنافسية لها علاقة وثيقة مع الثقافة التي، أحد مكوناتها أخلاق العمل والنظرة للتعليم وواقعة الحقيقي. إذا كان هناك صعوبة في فصل العلاقة بين القدرة التنافسية وتأثير الثقافة المتشعب والعميق، فكيف سنتفهم دور الحظ. بهذه الخلفية المعقدة دعنا نحاول استقراء مكانة المملكة في هذه المعادلة المشاكسة.

قبل الخوض في أجزاء المعادلة لا بد من ذكر أن النمو الحقيقي في اقتصادنا لا يتناسب مع مستوى المصروفات الحكومية المتنامية، والنمو الحقيقي في المتوسط أقل من النمو السكاني، كما أن هناك عيوبا هيكلية مثل ضعف الإنتاجية ومحدودية كفاءة سوق العمل والبطالة وصعوبة التعامل مع غلاء الأراضي. بالرغم من هذه الأسباب إلا أن المصروفات الحكومية العالية حققت نموا اقتصاديا، ولكنه يختلف جذريا عن نمو مستدام مصدره القدرات الذاتية (القدرات التنظيمية والإنتاجية وسلسلة القيمة المضافة)، ولكن للإنصاف لا بد من دور حكومي، ونقل ثروة مالية لإحداث اختراقات تنموية مثل البنية التحتية، وتحسين حالة المواطن الصحية والغذائية، ودعم الصناعة في المراحل الأولية والصعبة. ولكن الاستمرارية تتطلب فكرا جديدا. ولذلك علينا مراجعة حالتنا من خلال عناصر المعادلة.

التنافسية ما زالت ضعيفة بسبب اعتماد الغالبية على الحكومة، مما قلل المجهود العضلي والذهني الذي يبذله الموطن العادي، وجعل الاستهلاك محور النشاط الاقتصادي على حساب الإنتاج. التعامل مع عوامل التنافسية يتطلب تخصيص فاعل وإرجاع المجتمع إلى ما قبل السبعينيات، وهذا تحد من العيار الثقيل. المديونية كانت عاملا سلبيا مؤثرا منذ 1984 ولمدة تزيد على عقد، استطاعت المملكة التغلب عليها بسبب ارتفاع أسعار النفط، خاصة في السنوات العشر الأخيرة، وكذلك بسبب قدرة الحكومة على السيطرة على المصروفات قبل ذلك بسنوات قليلة. توافر رصيد مالي يبلغ نحو 600 مليار دولار يجعل المملكة في مأمن نسبي، ولكن الميزانية اليوم تصل إلى أكثر من 200 مليار دولار، ولذلك فإن الرقم ليس مهولا، كما أن المصروفات الحكومية الثابتة في تزايد مؤثر. ولذلك فإن هذا العامل في وضع جيد ولكنه عالي الحساسية وسريع الحركة. الثقافة لا تقاس بالمال ولكن محصلتها المعنوية سلبا وإيجابا قد تكون عاملا حاسما في تماسك المجتمع وقناعته بوضوح النهج ورغبته الحقيقية في التعلم وأخلاقيات العمل. وأخيرا الحظ، ذلك العامل المارد الذي يحلو للبعض وصفه بأنه مُكمل - بمعنى أنه لما تعجز العوامل الأخرى عن التفسير نلجأ إليه، ولكن للحظ دورا في تغير أنماط التجارة والأعمال وحتى الموارد، فمثلا تتغير طرق التجارة، والشمس تصبح مصدر طاقة بعد أن كانت عامل جفاف، وظهور قيادات إدارية جديدة.

ما الحل؟

لما يكون الثقافة والحظ عاملين فليس هناك معادلة سحرية. ولكن الثابت هو مدى الحاجة لدراسات معمقة عن الاقتصاد الوطني، وهذا لم تقم به وزارة الاقتصاد التي لديها خبراء من كل أنحاء العالم دون قيمة تذكر. كما أن وزارة المالية لم تُوظف اقتصاديا مقيما حتى قبل سنتين. لماذا تستطيع وزارة العمل ولم تستطيع وزارة الاقتصاد؟ أردنا فقط التساؤل واستفزاز الفكر.

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك