عن أسئلة 'العدالة' الغائبة في أزمة القروض.. تكتب منى العياف

زاوية الكتاب

كتب 749 مشاهدات 0


الأنباء

طوفة عروق  /  أسئلة 'العدالة' الغائبة في أزمة القروض والمديونيات الصعبة

منى العياف

 

ما ان لاحت في الأفق بارقة أمل، منحنا إياها مجلس الأمة لحل مشكلة «فوائد القروض» التي أثقلت كاهل المواطنين البسطاء لسنوات وسنوات، بسبب أخطاء لا تخفى على أحد، وقعت فيها الحكومة، وبنكها المركزي، وأيضا ملاك البنوك، وأصحاب الدماء الزرقاء الذين يتحكمون في الاقتصاد، وسبق أن كانت لهم صولات وجولات ايام قانون المديونيات الصعبة وحتى الآن.. حتى أشهروا كل أسلحتهم في وجه المجلس الحالي منذ أن بدا اقتراح حل المشكلة الذي ينهي الأزمة وشيك التطبيق.. ونازعا لفتيل الأزمة.

***

لقد جندت الصحف المعبرة عن هؤلاء عناوين صفحاتها للتباكي على «العدالة» دون وجل من غياب هذا السؤال عندما باركت نفس المجموعة باختلاف توجهاتها وسعت في ليلة ظلماء إلى اقرار قانون «المديونيات الصعبة»!

فأين «العدالة» آنذاك؟! وهي كانت غائبة عندما وفرت الحماية لـ «مليارات الأثرياء» والتي خرجت بأمان إلى البنوك الخارجية بينما أدخل أصحابها في برنامج «المديونيات» وهو اجراء كانت الصحف ترى فيه في ذلك الوقت أيضا انقاذا للكويت؟!

لم يأت أحد على ذكر «العدالة» في ذلك الوقت، لأنها سقطت بين أنياب هؤلاء التجار والساسة الذين يبيعون اليوم علينا بضاعة بائسة لا يؤمنون بها وهي العدالة وشرف الخصومة!

***

ففي الحقيقة نعلم جيدا أن غالبية هؤلاء ممن يتحدثون عن العدالة وينادون اليوم بإسقاط هذا المرسوم، هم من الطبقة التي قاطعت الانتخابات (التجار والقوى السياسية).

هم اليوم الذين يخرجون بكل الوسائل الاعلامية ليتباكوا على هذا المرسوم الذي يخدم البسطاء من الشعب الكويتي!

أنا لا أزايد على أحد ولكنني أضع النقاط على الحروف، فمن المضحك المبكي أن السيد أحمد باقر الذي صال وجال في سنة 93 لاقرار قانون المديونيات الصعبة يخرج علينا اليوم قائلا: «ان الاسقاط يخالف تقارير مستشاري الحكومة العالميين ماكنزي والبنك الدولي وبلير»!

كما أن مركز الشال الذي يديره الخبير الاقتصادي جاسم السعدون والذي تنزه تقاريره عن الهوى السياسي الخالص خرج علينا قائلا: «إن اسقاط فوائد القروض صفقة رديئة بين الحكومة وأعضاء في مجلس الأمة، وصلب الصفقة هو مكافأة مَن صوّت من النواب على تأجيل الاستجوابات»!

***

٭ هكذا! فأين النزاهة والاستقلالية هنا؟ بالله عليك هل هذا بالفعل رأي اقتصادي ام رأي سياسي ووجهة نظر؟!

من المحزن، بل لعله من المخزي أيضا ان من قاطعوا الانتخابات يستكثرون على المجلس الحالي «بوصوت» حل مشكلة استفحلت حتى في عهودهم، مشكلة اكتوى بها الناس، بل انهم نكاية في أعضاء هذا المجلس يرفضون ان يكون لهم هذا الانجاز وهذا الشرف!

٭ وكان غريبا جدا الى حد صادم ولافت للنظر ان الاخ جاسم السعدون لم يتطرق أبدا في تعليقه لا هو ولا القوى السياسية إلى المتسببين في المشكلة! انها اسئلة لا يريدون طرحها ابدا!

٭ في الوقت الذي اعترف فيه محافظ البنك المركزي الحالي بأن البنك تقاعس في تلك الفترة عن مهمته الرقابية، فاننا لم نسمع مطلقا من غرفة التجارة او من القوى السياسية الأخرى انهم ألقوا باللوم على «البنوك» التي كانت سببا اساسيا في الكارثة باجراءاتها الخطيرة بحق المقترضين ولم يطل هذه البنوك، للأسف أي عقاب حقيقي لتهديدهم الناس في أموالهم وحرياتهم وكل ما سلبوهم إياه بالباطل!

***

فرغم كل هذه الحقائق الظاهرة المؤسفة، لم نر أحدا يوجه اللوم لهذه البنوك على هذه الأخطاء التي حدثت ولم يسأل احد هذا السؤال أبدا!

٭ هؤلاء صبّوا جام غضبهم على هذا المجلس الذي يتصدى لحل المشكلة، حتى لا تكون له أفضلية على المجالس الأخرى!!

٭ أنتم فقط لا تتحدثون عن المساواة وعن الفواتير والخسائر.. ولم تتحدثوا أبدا عمن اقترض وأسباب اقتراضه ولم تجروا أي دراسة للمركز المالي لكل مقترض!

٭ كلكم تتحدثون اليوم عن المساواة والعدالة في الوقت الذي شاركتم فيه بامتهان عندما قمتم بإقرار «المديونيات الصعبة» التي أكدت المحكمة (التمييز) عدم دستوريتها لعدم العدالة والمساواة فيها!

***

٭ ومن الغريب ان احدا منكم لا يعرف ما الذي توصلت اليه اللجنة المالية، والتي احيي رئيسها النائب يوسف الزلزلة ومقررتها النائبة صفاء الهاشم على جهدهما المبذول هما وزملائهما الآخرين في اللجنة، حتى أمكنهم التوصل الى صيغة مشتركة بين الاطراف لحل جزءا من المشكلة.

لقد بذل هؤلاء الأفاضل أقصى ما عندهم من مجهود واستطاعوا ان يحلوا جزءا من هذه القضية التي نشأت منذ العام 2003، لأنهم لا يملكون ان يجيروا الأنظمة المصرفية الثابتة عالميا لأمور شعبية دون ان ينظروا الى الجوانب الفنية والتي تحد من التصرف غير المنطقي للأمور السياسية التي قد تؤثر على نظامنا المصرفي، مع اخذهم بالأخطاء الفادحة التي قامت بها البنوك لاستغلال الناس.

***

أريد أن أقول في النهاية ان اي مشكلة لا يمكن ان توضع لها حلول مثالية فهذا مستحيل والحلول لن ترضي جميع الأطراف ولن تحقق العدالة المطلقة أو تكون تعويضا لغير المستفيدين وهناك حالات كثيرة ساهمت الدولة فيها في حل مشاكل فئة دون اخرى لكن إجمالا فإن هذا المجلس بهذا الدور الذي يلعبه والجهد الذي يبذله هو مصدر ينبغي ان يكون مصدر اعتزاز لنا جميعا، فهو يعمل جاهدا لإزاحة الغمة عن البعض الذي اكتوى بنار فوائد القروض وهم 66.555 ألف مواطن، وان اختلف الجميع حوله إلا انه يبقى انجازا حقيقيا نشكر المجلس عليه، أما المتربصون بهذا المجلس من التجار والقوى السياسية التي قاطعت هذا المجلس فكان عليها ان تخرج من معسكر «المصلحة» العمياء الذي سقطت فيه.. وأن تسأل ألم يئن الأوان لمعاقبة البنوك التجارية على جرائمها بحق المدينين؟!

***

ثم هل يجب ان يحاكم محافظ البنك المركزي على تقاعسه عن مباشرة مهمته في الرقابة على البنوك؟

هذه الأسئلة التي يجب ان تتداول اليوم بين القوى السياسية وليس الادعاء بوجود صفقة حكومية ـ نيابية!

اتقوا الله!

والعبرة لمن يتعظ!

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك