موقف الشيعة من النظام الإجرامي في سوريا.. ما بين الأجندة الأيرانية والمقدسات الإسلامية!
زاوية الكتابكتب مارس 16, 2013, 10:05 ص 4933 مشاهدات 0
في البداية نود الإشارة أننا لسنا بصدد تقييم طائفة 'العلويين' ومناقشة معتقداتهم فكل الطوائف محترمة ، فقط نريد أن نصل إلى جذور علاقتهم بالشيعة.
مسمى 'علويين' عبر التاريخ أُطلق على جماعات مختلفة ارتبطت بالإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) بفكره ، أو بمنهجه ، أو بذريته ، أو حتى بالمغالين المعتقدين بألوهيته - والعياذ بالله- !! .
تعددت أماكن وطقوس الجماعات 'العلوية' ، منهم من سكن في الجبال الساحلية السورية ، وفي لبنان ، وتركيا ، والمغرب ، واليمن ، وعددهم يبلغ حوالي 40 مليون نسمة.
بالنسبة للعلويين 'النصيريين' في سوريا ولبنان -المعنيين في حديثنا- فتاريخهم يعود إلى القرن 2 هـ ، وينسبون إلى محمد بن نصير النميري.
أحيطت الطائفة العلوية النصيرية بهالة من 'الضباب' السياسي والفكري والعقائدي على مدى قرون طويلة ، واُختلف كثيرا في تشخيص هويتها.
كان المرجع الأعلى الراحل الإمام السيد محمد الشيرازي -رحمه الله- يحمل هَم قضية العلويين في سوريا ولبنان ، فكلف شقيقه الشهيد السيد حسن الشيرازي بإستكشاف أمرهم عام 1970م.
ذهب الشهيد السيد حسن إلى سوريا ، والتقى بكبار علماء العلويين ، ثم أصدر بيانه الشهير أنهم مسلمين شيعة وأن 'العلويين' و 'الشيعة' كلمتان مترادفتان ، وبعد ذلك أقدم على تأسيس الحوزة العلمية الزينبية عام 1975م ، وقد اغتاله نظام البعث العراقي في بيروت عام 1980م.
ما سبق كان ديباجة مختصرة لشرح طبيعة العلاقة التاريخية والإرتباط العقائدي بين 'الشيعة' و'العلويين النصيريين' ، فهما طائفتان لا مذهبان ولكليهما طريقته.
وكما هو مشهور فإن عائلة 'الأسد' الحاكمة في سوريا من العوائل 'العلوية النصيرية' ، وكذلك الشاعر 'ادونيس' ، و'ممدوح عدوان' ، وغيرهم.
في الجانب السياسي لم يُخفِ الرئيس السوري الراحل 'حافظ الأسد' علاقته الحميمة بإيران ، فقد كان من أوائل الحكام الذين أعلنوا مباركتهم للثورة عام 1979م ، و لم تقتصر علاقته بمجرد المباركة، وإنما وقف بكل 'ثقله' مع النظام الإيراني في الحرب مع العراق عام 1988م ، وقد أمر بالختم على جواز سفر السوريين جميعا حينها (صالح للسفر إلى جميع أنحاء العالم ما عدا اسرائيل والعراق) .
ومع تأسيس 'حزب الله' اللبناني والإجتياح الاسرائيلي لبيروت عام 1982م قدم 'حافظ الأسد' للحزب كل أشكال الدعم 'اللوجستي' من على الأراضي السورية ، ولم يقتصر الأمر على دعمه لحزب الله فقط ، وإنما عمل الأمر ذاته مع حركة 'أمل' الشيعية التي يتزعمها رئيس مجلس النواب 'نبيه بري' لاحقاً.
وعندما نجح 'حزب الله' بإجبار الجيش الإسرائيلي على الإنسحاب من الجنوب عام 2000م كان من الطبيعي أن يُحسب هذا النجاح لنجله الرئيس'بشار' الذي خلف والده بعد وفاته.
زرت سوريا مرة واحدة بحياتي عام 2000م ، رأيت جميع المتناقضات مجتمعة في هذا البلد! فساد لأعلى مستويات ، دعارة ، مخدرات ، وحريات دينية مطلقة! ولكنني اتخذت قرارا حينها أنني لن أعود إليها نهائيا ، على الرغم من بقائي هناك فقط 3 أيام ، من شدة عدم تحملي للوضع السيء الذي شاهدته!
كم تحسرت على هذا البلد الذي يضم خيرات لا تُحصى مما حباها الله تعالى ، لكن هذا حال بلدان وشعوب كثيرة مع أنظمتها المستبدة!
عندما اتفقت غالبية دول العالم على اسقاط نظام الرئيس بشار الأسد كشف النظام عن وجهه الحقيقي 'المخفي' ، فبدأ بقتال شعبه دون أدنى رحمه ، ولا يزال سفكه للدماء مستمرا .
ما هو الموقف الايراني وموقف حزب الله و أمل؟ كانت هنا المفاجأة للبعض والصدمة من موقفهم المتناقض الداعم 'علناً' و'ضمناً' لنظام 'بشار' وسفكه للدماء!
مهما كانت مبرراتهم وحديثهم عن 'اسرائيل' وخطرها والحرب الأمريكية بالوكالة حسب تسميتهم.. هل هناك في الدين ما يبرر القتل وسفك الدم ودعم القاتل!!
أما بقية الشيعة فما سبب تخوف بعضهم وسكوت البعض الآخر؟ جزء غير قليل منهم يتساءل : ماذا سيكون مصير مقدساتنا الدينية بأرض الشام؟ هذه هي الحقيقة ، ولا شك أن الإعلام الإيراني الرسمي أو المدعوم من النظام بالتأكيد نجح في خلق هذا التخوف لديهم إلى حد سيء جداً ، بل راح إعلامهم يبث المقاطع المصورة الكاذبة والمفبركة عن ما أسماه بتفجير المراقد والأضرحة لبث الكراهية في نفوس الشيعة ، ومن باب 'التهويل' وتحقيق المزيد من الدعم 'المعنوي' لنظام بشار أمام خصومه ، حيث تأكدت بنفسي من كذب كثير من هذه المقاطع المصورة من خلال بعض العلماء المتواصلين مع إخواننا في سوريا ، وربما تساعد بعض المواقف الطائفية 'الحقيقية' والمشاهد العنيفة في تعزيز هذه القناعة فيهم أحيانا كثيرة!!
بل أنني لازلت أتذكر كيف قال أحد رجالين الدين اللبنانيين الموالين للنظام الإيراني يوماً أنه في حال سقوط 'بشار' فإن ذلك يعني تحقق احدى علامات الساعة وخروج الإمام المهدي المنتظر (ع) !!
د.علي عباس النقي
رئيس المكتب السياسي لحركة المحافظين الإصلاحية
تعليقات