النمط الاستهلاكي في السلوك دمّر الدولة وأجهزتها.. برأي المقاطع
زاوية الكتابكتب مارس 14, 2013, 1:15 ص 647 مشاهدات 0
القبس
الديوانية / كرة القروض.. ومبدأ المساواة
أ.د محمد عبد المحسن المقاطع
منذ إثارة موضوع القروض الاستهلاكية ووضع المتعثرين في مجلس الأمة قبل 7 سنوات تقريباً، والحكومة في حالة من اللاحسم، على الرغم من أن مستشاريها، وعلى رأسهم بنك الكويت المركزي، كان لهم رأي واضح ومستقر بعدم إسقاط القروض، لوجود العديد من التداعيات الاقتصادية والمالية ذات الأثر السيئ على البلد وعلى العمل المصرفي، بل إن بعض الوزراء - وفي مقدمتهم وزير المالية مصطفى الشمالي - كانوا على قناعة صارمة بعدم إسقاط القروض والتعامل مع حالة المتعثرين فعليا من خلال صندوق المتعثرين فقط.
وقد ظلت كرة القروض تتدحرج يوما تلو الآخر، ويزداد حجمها، كما هو شأن كرة الثلج، وذلك بسبب عدم إغلاق الحكومة لهذا الباب بصورة نهائية، وفي كل مرة تقول الحكومة رأيها بالاتجاه الرافض مع إبقاء الباب مفتوحا لتسويات أو لمعالجات، مما يعيد هذا الموضوع إلى الواجهة في كل مرة، ويبدو أن الحكومة في هذه الأيام تعيش حالة القلق نفسها وربما تريد أن تتكسب سياسيا من خلال هذا الموضوع في مواجهة بعض الأرضية السياسية التي فقدتها نتيجة مقاطعة الانتخابات من البعض، مع إحراج الاتجاهات السياسية المعارضة (ما يسمى الأغلبية) قدر المستطاع.
وللأسف، أن يكون هذا هو حال إدارة الشؤون الحكومية في البلد من التسويف والتأجيل والتأخير وعدم البت والتسوية وإعادة النظر في الموضوع الواحد مرات عدة، حتى تتعالى الأصوات وتتزايد حالات الاصطفاف في مواجهة الحكومة، بما يجعلها في حالة أشد من التردد وعدم القدرة على اتخاذ القرار، وهو ما نراه في موضوع القروض اليوم، كما أنه للأسف أن تكون نهاية المطاف في حل هذا الموضوع من خلال فكرة شراء القروض في محاولة لإسقاط فوائدها وإعادة جدولتها! إذ ان ذلك يعني ان تصبح الدولة هي الدائن، والمواطن هو المدين وفي ظل الحال المعتاد عليها في البلد، فإنه إن تم هذا الحل فلن يكون هناك سداد من أي مواطن لدينه الذي هو للدولة، فالمواطن لا يسدد فواتير الكهرباء، ولا يريد أن يخصم من مرتبه، حينما يغيب عن العمل، وبالتالي، وكما حصل في السابق لن تستطيع الدولة أن تحصل ديونها من المواطنين، والأخطر من ذلك أن الحل المقترح فيه مخالفات خطيرة للدستور، حتى وإن صدر بقانون وبموافقة من مجلس الأمة! وتتمثل المخالفة في إهدار مبدأ المساواة والعدالة الاجتماعية، بحيث يصدر تشريع لمصلحة مواطنين ويتضرر آخرون منهم، لأنهم ليسوا ضمن هذه الفئة، وقد يفتح أبوابا أخرى لمطالبات مماثلة، ومن ذلك مطالبات من خسر في البورصة بسبب أزمة 2008 بتعويضه عن خسائره، ومطالبة من خسر في العقار بسبب الأزمة نفسها بتعويض مماثل، وهكذا حتى تصبح حالنا هي - فقط - أن ندور في فلك السلوك الخاطئ الاستهلاكي للمواطنين، وهو أمر لا يجوز أن يتم تحمل مسؤوليته من قبل الدولة، فذلك هو التفريط في المسؤولية، وهو التعويد على النمط الاستهلاكي في السلوك الذي دمّر الدولة وأجهزتها في كل النواحي.
اللهم إني بلَّغت.
تعليقات