'غاية في الغرابة'.. سامي خليفة واصفاً مناخ العمل البرلماني اليوم
زاوية الكتابكتب مارس 12, 2013, 12:45 ص 631 مشاهدات 0
الكويتية
مهزلة وعيب.. يا مجلس
د. سامي ناصر خليفة
مناخ العمل البرلماني اليوم غاية في الغرابة، إذ يتسابق بعض النواب لإقناعنا بأن وسيلة الاستجوابات مرتبطة بشكل كامل مع بقاء هذا المجلس أو رحيله، بمعنى آخر ارتبط في مخيلة هؤلاء البعض من النواب حقيقة وهمية لا معنى ولا قيمة ولا واقع لها، مفادها أن لذة الجلوس على الكرسي الأخضر وتصدّر أسمائهم وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، ستتبدد تلك اللذة وتختفي كالبخار مع تهديد الحكومة بعدم التعاون، مع أول استجواب تكتمل فصوله في المجلس!
وبالطبع هذا الانطباع لم يأتِ من فراغ، بل هناك عاملان رئيسان يضمنان استمراره هما: شعور هذا البعض من النواب بأنه لا يمكن أن تتكرر فرصة وصولهم إلى المجلس مع أي انتخابات قادمة، وخاصة أن هناك نية لبعض من قاطع في المعارضة خوضها من جانب، وإصرار الحكومة على وصف الاستجوابات بكونها أحد معاول هدم العلاقة الإيجابية بين النواب والوزراء، ما قد يؤدي إلى ازدياد فرصة الحل من جانب آخر!
وما يؤسف له أن هناك من النواب من يستخدم تلك التوجسات غير المنطقية لإيهام المواطنين بأن المجلس يجب أن يكون هادئاً وديعاً ومطيعاً وممتثلاً لإملاءات الحكومة، وغاضاً البصر والنظر - وحتى الطرف - عن كل التجاوزات التي يمارسها بعض الوزراء جهاراً نهاراً، ودون أدنى اعتبار لتلك المؤسسة الرقابية الأهم في البلاد!
بل أكثر من ذلك، أننا نجد هؤلاء البعض من النواب باتوا غير آبهين لخطورة تأسيس عرف جديد في المجلس يحول دون حرية البعض الآخر من النواب في اتخاذ كافة الوسائل الرقابية والمحاسبية لردع الوزراء ولجمهم عن التجاوزات التي فاحت رائحتها، ولم تعد تخفى على أحد!
نعم.. لسنا مع مقارنة هذا المجلس مع مجلس 2012 المُبطل، لأن الأخير كان يمثل أسوأ المجالس النيابية أداءً وأكثرها خطورة على السلم الأهلي ووحدة فئات المجتمع وتماسكها، ولكن لا يمكن أن تكون تلك المقارنة ذريعة للتمسك بهذا المجلس أياً كان أداؤه! ولا يمكن أن يكون تبريراً مقنعاً يعطي المجلس الحالي الحق في أن يكون خاضعاً راضخاً خانعاً مستسلماً لإرادة الحكومة، إلى درجة سُلبت حريته في استخدام الأدوات الدستورية في التشريع والمراقبة والمحاسبة، وكأن وجوده أو عدمه سيان!
لذا.. ومن منطلق الحرص الشديد على بقاء هذا المجلس مدته الكاملة، أجد من المهم أن يقدم لنا المجلسان - الوزراء والنواب - ذوقاً آخر يحكم العلاقة بينهما، يعتمد على آلية الند للند، فالمناخ الإيجابي الذي تحتاج إليه العلاقة بينهما لتحقيق الإنجاز لا يعني سيطرة طرف على الآخر، بل في خلق جو توافقي ومناخ من حسن الظن وتحمّل مسؤولية الفريق الواحد الذي يحاسب نفسه حين الخطأ، ولا يمكن أن يتأتى ذلك إذا لم تُرفع يد التأثير والسيطرة الحكومية على النواب والتلويح بتهديدهم بين الحين والآخر من جانب، وإذا لم يتحرر بعض النواب من عقدة التوجّس والتوهّم بأن حق استخدام الأدوات الدستورية مرتبط بديمومة هذا المجلس أو بقائه هو بالذات من جانب آخر!
لذا نقول للنواب.. من المعيب أن تستمر الحال هكذا، فللناس أعين وحواس، وهم يعيشون تفاصيل سلوككم وأدائكم، ولا يمكن أن يقبلوا استمرار تلك المهزلة التي ستؤول نتائجها بالتأكيد لمصلحة المعارضة الإقصائية، وهذا ما
لا نرجوه، ولكن قد يقبل الناس أن يبلعوا الطعم نتيجة لسوء أدائكم! اللهم اشهد أني قد بلغت.
تعليقات