أهالي 'أم قصر' يتظاهرون على الحدود الكويتية
عربي و دوليأكدوا رفضهم تنفيذ قرارات الأمم المتحدة بإخلاء منازلهم ومزارعهم
مارس 9, 2013, 3:31 ص 4425 مشاهدات 0
بعد عقدين من الزمن على إصدار مجلس الأمن الدولي قراره رقم 833 الذي يقضي بترسيم الحدود بين العراق والكويت، أبدى سكان مدينة أم قصر العراقية، جنوب محافظة البصرة، تخوفهم من ضياع 200 منزلا وعدد من المزارع ومرفأ ومناطق نفطية جراء بدأ تثبت الدعامات الحدودية بين البلدين. وتجمع العشرات من أبناء مدينة أم قصر التي تعد من أكبر موانئ العراق المطلة على الخليج العربي، قرب الدعامات التي وضعت لترسيم الحدود للتعبير عن سخطهم لهذه الإجراءات، خاصة أنهم يمتلكون مزارع واسعة ضمن هذه المنطقة، وكشف مسؤول محلي عن أن إجراءات الحكومة العراقية لتعويض المتضررين من العملية بطيئة جدا مما قد يسبب تشريد العائلات التي تسكن قرب تلك الدعامات. وقال مدير ناحية أم قصر صالح عبد المهدي لـ«الشرق الأوسط» إن «عملية تثبيت الدعامات الحدودية ومد الأنبوب الأمني بدأت فعليا وإن أكثر من 200 منزل وعدد من المزارع ومرفأ للزوارق البحرية كان مقرا لقيادة القوة البحرية ومناطق نفطية عراقية مشمولة في عملية ترسيم الحدود»، مبينا أن «أهالي المنطقة متخوفون من استقطاع منازلهم إما لفائدة الجانب الكويتي أو المنطقة المحرمة للحدود التي دخلت إلى 7 كيلومترات عن الحدود السابقة قبل عام 1991». وتابع أن «إجراءات الحكومة العراقية بتعويض أهالي منطقة نواب الضباط الواقعة في الطرف الغربي لمركز ناحية أم قصر، أكثر المناطق المتضررة بالترسيم، بطيئة جدا ولم يتم بناء مجمع سكني لهم أو تعويضهم ماديا، الأمر الذي قد يتسبب بتشريدهم».
وكان مجلس الأمن الدولي أصدر عام 1993 القرار رقم 833 الذي يقضي بترسيم الحدود بين الكويت والعراق، والممتدة بطول نحو 216 كم، وأدى تطبيق القرار بشكل جزئي في عهد النظام السابق إلى استقطاع مساحات واسعة من الأراضي العراقية في ناحيتي صفوان وأم قصر وضمها إلى الأراضي الكويتية.
وتظاهر العشرات من أبناء ناحية أم قصر للاحتجاج على عملية ترسيم الحدود واستقطاع الأراضي من العراق. وقال علي يعقوب، صاحب أحد المنازل المهددة بالإزالة في عملية الترسيم، إن «قوات حرس الحدود العراقية أبلغتنا قبل أيام بضرورة إخلاء المنازل لغرض مد الأنبوب الأمني»، مبينا أن «الحكومة لم توفر لنا البديل ولم تصغ إلى مطالبنا وفرطت في أرضنا التي ولدنا فيها». وتابع أن «هناك الكثير من أهالي المنطقة لا يقبلون بالتعويض المادي والتفريط في الأرض، لذا لن ننتخب ممثلي حزب المالكي في انتخابات مجالس المحافظات المقبلة الذي لم يراع حقنا في الأرض التي نملكها بسندات أصلية».
إلى ذلك، قال أحمد الخفاجي، صاحب مزرعة مستقطعة ضمن الحدود، إن «العملية التي تنفذ حاليا في تثبيت الأنبوب قسمت مزرعتي إلى قسمين الأمر الذي يجعلني لا أستطيع الاستفادة منها»، مبينا أن «الحكومة لم تعوضنا حتى اللحظة رغم كل الوعود السابقة». وطالب الخفاجي الحكومة العراقية، بالكف عن التفريط بمزيد من الأراضي لمصلحة الكويت دون مراعاة مصلحة مواطنيها.
بدوره، حذر رئيس إحدى منظمات المجتمع المدني في البصرة من أن «خطوة ترسيم الحدود بهذه الطريقة والتي تؤدي إلى تفريط العراق بأراضيه السيادية ستتحول إلى قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي وقت»، مشيرا إلى أن «العراقيين يشعرون أصلا أن لهم حقوقا في الأراضي الكويتية فكيف سيقبلون التفريط بأراضيهم؟»، داعيا «الحكومة الكويتية إلى التروي وعدم القبول بهذا التقسيم كي لا يخلق المزيد من العداء الشعبي العراقي لهم وأن يعملوا على تطمين العراقيين وعدم سلب أراضيهم».
وتساءل الناشط العراقي الذي فضل عدم نشر اسمه قائلا: «لماذا يجب أن تطبق قرارات مجلس الأمن بحذافيرها على العراق، بينما تهمل في جميع أنحاء العالم وخصوصا إسرائيل؟ ولماذا تصر الكويت على استلاب أراض عراقية تعرف أنها ليست من حقها؟»، محذرا «من فوران شعبي قد يهاجم المنطقة الحدودية لاسترجاع الأراضي العراقية».
يذكر أن الكثير من المسؤولين العراقيين اعترضوا بعد عام 2003 على استكمال إجراءات ترسيم الحدود البرية بين البلدين وفق القرار رقم 833، باعتبار أن القرار فرض على العراق تحت الضغط الدولي وفي ظروف غير اعتيادية، إلا أن التقارب العراقي - الكويتي خلال السنوات الأخيرة دفع ببغداد إلى اتباع مبدأ التراضي مع الكويت بغية الخروج من طائلة البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وذلك بإنهاء ملفات الأسرى والمفقودين الكويتيين والخطوط الجوية والدعامات الحدودية والتعويضات.
كما أن نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الأسبق الشيخ الدكتور محمد صباح السالم الصباح أكد على أهمية التقرير الثالث للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الصادر عام 2011 والمعني بالتقدم المحرز نحو الوفاء بالمسؤوليات الموكلة لبعثة الأمم المتحدة للمساعدة في العراق (يونامي).
وقال الشيخ الدكتور محمد صباح السالم في بيان ل (كونا) آنذاك 'ان التقرير يعبر عن قلق الأمم المتحدة تجاه تطبيق العراق لالتزاماته التي نصت عليها قرارات مجلس الأمن وتبيان الاخفاقات العراقية في هذا الملف اضافة الى ابرازه للعناصر التي تدخل في صلب اهتمامات الكويت وموقف المنظمة الدولية بشأنها.
وأوضح الشيخ الدكتور محمد الصباح في هذا الصدد ان أهمية التقرير تكمن في تركيزه على عدة أمور هي أولا في عدم تأكيد العراق على استعداده للقيام بصيانة العلامات الحدودية بين الكويت والعراق وعدم قيامه بسداد حصته المالية لهذا المشروع وتنويه الأمين العام بأنه قد وجه رسالة الى الحكومة العراقية بهذا الشأن ولم يحصل على رد منها حتى تاريخه'.
وتابع قائلا «ثانيا تشديد الأمين العام على العراق بأهمية الالتزام بمسألة تعويضات المزارعين العراقيين بمقتضى قرار مجلس الأمن رقم 899 حيث لا تزال الحكومة العراقية تماطل في ازالة المزارع المتجاوزة على الحدود الكويتية ودفع مبالغ التعويضات والمودعة في حساب الأمم المتحدة منذ عام 1996».
وأضاف الشيخ الدكتور محمد الصباح ان النقطة الثالثة التي يركز عليها التقرير هي «تذكير الأمين العام بان كي مون للحكومة العراقية بأهمية الاثبات لمجلس الأمن بحدوث تقدم ملموس وسريع حول الالتزامات المتبقية ذات الصلة بالكويت وتحديدا مسألة المفقودين الكويتيين والممتلكات المفقودة ومشروع صيانة العلامات الحدودية ومسألة تعويض المزارعين العراقيين».
وفي هذا السياق أكد الشيخ الدكتور محمد الصباح بانه «اذا ما أراد العراق الخروج من مظلة الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة فان الطريق الى ذلك يكون عبر تنفيذه لالتزاماته المشار اليها تلك والواردة في تقرير الأمن العام هذا».
يذكر ان الشيخ الدكتور محمد الصباح قد وجه قبل صدور هذا التقرير رسالة الى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في 11 يوليو 2011 تتعلق بالالتزامات المتبقية على العراق وفقا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة الصادرة تحت الفصل السابع من الميثاق في اطار بند «الحالة بين العراق والكويت» وعلى وجه الخصوص القرارات 687 و1991 و833 و1993 و1284 و1999 و1956 و2010.
واشتملت الرسالة على عدة مواضيع أهمها مسألتا الأسرى واعادة الممتلكات والأرشيف الوطني حيث عبرت عن ترحيب الكويت بقرار مجلس الأمن الذي اتخذه في جلسة المشاورات غير الرسمية المنعقدة بتاريخ 22 يونيو الماضي بتمديد ولاية المنسق الدولي رفيع المستوى السفير غينادي تاراسوف لمتابعة ملف المفقودين وملف الممتلكات والأرشيف الوطني والذي لم يطرأ عليه أي تقدم يذكر.
كما تناولت الرسالة مسألة صيانة العلامات الحدودية حيث عددت الأسباب التي تعوق الأمم المتحدة عن مواصلة تنفيذ مهامها في هذه المسألة وهي عدم قيام العراق بازالة التجاوزات والعوائق على الحدود بما فيها تلك التي تمنع الرؤية بين العلامات الحدودية اضافة الى عدم قيام العراق بتسديد نصيبه المتبقي من تكاليف مشروع الصيانة والبالغ 600 ألف دولار وتحديد موعد للبدء في تنفيذ المرحلة الأخيرة من المشروع.
وكان وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري قد أكد خلال مؤتمر صحافي عقده مع نظيره الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح في الكويت خلال زيارته في فبراير الماضي على'ان اللجان الخاصة وبإشراف الأمم المتحدة تعمل حالياً في الكويت لوضع العلامات الحدودية مع العراق'.
وأكد زيباري أن 'عمل هذه اللجان يجري وفقا لقرار مجلس الأمن'، وأكد أن 'تحديد العلامات الحدودية بين البلدين يجرى بشكل 'لا يقبل الشك والتأويل'، لافتاً إلى أن 'الحكومة العراقية ستعمل على تعويض المزارعين المتضررين من رسم هذه العلامات الحدودية'.
تعليقات