الحكومة تتحمل الوزر الأكبر لأزمة فوائد القروض.. بنظر سامي خليفة
زاوية الكتابكتب فبراير 19, 2013, 12:32 ص 534 مشاهدات 0
الكويتية
إسقاط الفوائد عدالة
د. سامي ناصر خليفة
يبدو أن الاتجاه الأهم اليوم في قبول أو رفض إسقاط فوائد قروض المواطنين المستحقة للبنوك المحلية، هو في بحث مدى عدالة هذا القرار، وخصوصا أن هناك من يطرح جملة من المسائل التي تصب محصلتها في عرقلة أي خطوة إجرائية تساهم مساهمة جذرية في حل المشكلة!
ويبقى السؤال الظالم الذي يطرحه البعض بسطحية، وهو ما ذنب من لم يقترض طيلة السنوات الماضية؟! وأين العدالة في المساواة بين من سيستنزف خزينة الدولة بإسقاط فوائد قرضه، وبين من تحمل عبء عدم الاقتراض طيلة
السنوات الماضية؟!
وأحسب أن هذا التساؤل بمنزلة كلمة حق يراد بها باطل، وهو تبسيط في غير محله، إذ لا يجوز النظر إلى طرف المواطن المقترض من دون كشف جرائم الأطراف الثلاثة الأخرى التي ساهمت في ما آلت إليه حال المقترض من انحدار معيشي إلى يومنا هذا، وهي الحكومة والبنك المركزي والبنوك المحلية المقرضة.. تلك الأطراف هي التي ساهمت بتفاقم المشكلة، من خلال التقاعس والتهاون في جملة من الخطوات الوقائية، أهمها دور البنوك في استمالة المواطنين وتقديم مجموعة تسهيلات هدفها إغراء الضحايا من الطبقة التي تعتمد على الراتب الشهري في الإعالة المعيشية - وهم الأغلبية - واستدراج المنتمين لتلك الطبقة للوقوع في
فخ الاقتراض.
أما الطرف الثاني الذي يتحمل المسؤولية المباشرة، فهو البنك المركزي، الذي تهاون في سياسات التسويق التي اتبعتها البنوك المقرضة وتقاعس عن مراقبتها، فضلا عن غياب دوره في حماية المواطن المقترض، عبر إعطائه المشورة الملزمة التي تعينه على فهم سلبيات القروض وطبيعة الفوائد التراكمية من جانب، والوقوف على مواد العقد التي تضعها البنوك المحلية أمام المواطن، وتسعى إلى تمريرها مستغلة جهله. مواد العقد تلك التي فيها الكثير من الألغام التي تحمي البنك المُقرض وتورط المواطن المقترض. فدور البنك المركزي في حماية المقترض من جشع البنوك وطريقة تعاطيها الظالم مع المواطن المقترض، من خلال الاستفادة من جهل الأغلبية بالطرق الحسابية لفوائد القروض، ليفاجأ أنه سيدفع أضعاف ما كان من المفترض أن
يدفع في البداية.
ويبقى الطرف الأهم المتسبب في الأزمة، وهي الحكومة، التي اتبعت سياسة ريعية طيلة العقود الستة الماضية، ساهمت من خلالها في خلق ثقافة الترف المعيشي، ما أدى إلى ارتفاع سقف المظاهر الاجتماعية التي تتطلب من الأسر مواكبتها، في وقت لا تكفي موارد الأسر المالية لتلبية تلك المتطلبات ذات السقف المادي العالي، وكان بإمكان الحكومة أن تمارس دورا توعوياً أكبر، لحماية المواطنين من هذا السقف العالي من الحالة المظهرية.
لذا، وفي ظل هذا التقاعس، كيف نلوم المجتمع إذا ما ذهبت نسبة كبيرة من أفراده إلى الاقتراض، لمواكبة تلك الشكليات الاجتماعية، من أجل البقاء في دائرة وحدود الذوق المعيشي المتوسط.
إنها حقا مأساة تتطلب من نواب مجلس الأمة أن يلقوا اللوم بشكل أساس على الحكومة والبنك المركزي والبنوك المحلية المقرضة، وليس على المواطن المقترض. وإن كانت هناك خطوة عادلة، فتكمن في تحمل الدولة مسؤولية تقاعسها وإيقاف نزيف الفوائد غير المبررة.
وكما اضطرت الحكومة إلى دفع غرامة تزيد على المليارين ونصف المليار دولار لشركة الداو، نتيجة لخطأ ارتكبته، فعليها اليوم أن تنهي أزمة فوائد القروض التي تتحمل هي وزرها الأكبر، إضافة إلى البنك المركزي
والبنوك المقرضة.
تعليقات