لابد أن نتقبل بعض «العقاب» لحل الأزمة المرورية.. برأي حامد الحمود
زاوية الكتابكتب فبراير 14, 2013, 1:07 ص 972 مشاهدات 0
القبس
بعض العقاب ضروري لحل مشكلة المرور
د. حامد الحمود
في اللقاء الذي نشرته القبس بتاريخ 2013/2/9 مع المهندس نزار الصايغ مدير إدارة الرقابة الهندسية في قطاع الرقابة والتفتيش التابع لوزير الدولة لشؤون البلدية، قدم الصايغ تحليلاً فنياً لأسباب تفاقم مشكلات المرور في الكويت. وركّز في وصفه للمشكلة على عدد السيارات التي تنساب يومياً من الطرق الرئيسية إلى مدينة الكويت، مبيّناً أنه في يوم الخميس 2012/11/22، وهو اليوم الأعلى في عدد المركبات، بلغ عدد المركبات التي دخلت مدينة الكويت 323302 مركبة، وأنه في هذا الشهر دخل مدينة الكويت ما يقارب 7.9 ملايين مركبة. قد ذكرني هذا اللقاء مع المهندس الصايغ بمقال نشرته في مجلة «المهندسون» منذ أكثر من عشرين سنة، بعنوان «لكي لا يغطي الاسفلت المدينة»، وكان المحور فيه أن مشكلات الكويت المرورية لن يحلها مزيد من الطرق فقط، وإلا فإن معظم الكويت ستغطى بالاسفلت.
هذا، ومع أن المهندس الصايغ تحدث عن أسباب المشكلة من ناحية فنية، وهي زيادة عدد المركبات المتوجهة إلى مدينة الكويت، نتيجة لتزايد عددها الإجمالي، بسبب ارتفاع عدد السكان إلى 3.8 ملايين نسمة. وحذّر من أن الطرق الجديدة لن تحل المشكلة، وعزا ذلك إلى الكثافة السكانية التي تفاقمت في السنوات الأخيرة حول مدينة الكويت، نتيجة لزيادة نسبة البناء، إلا أنه لم يتطرق إلى اقتراح حلول تعتمد على تحفيز مالك المركبة على أن يستخدم سيارته يومياً بمعدل أقل. فالمشكلة أساساً نابعة من الارتفاع الكبير في عدد السيارات نتيجة لارتفاع متوسط دخل الفرد في الكويت. ويزيد من هذه المشكلة انخفاض تكلفة البنزين، وغياب استثمار الدولة في شبكة نقل عام لتوفير البدائل عن استخدام السيارة أو المركبة.
ومدينة الكويت ترتبط بالضواحي بشعاع من الطرق الحديثة تقطعها طرق دائرية تسهّل الانتقال من منطقة إلى أخرى بسهولة، ولكن هذه السهولة لن تتحقق إذا تجاوز معدل انسياب المركبات معدلاً معيناً. هذا، ويتم، حالياً، تنفيذ مشاريع ضخمة في اتجاه الجهراء، وإذا أضفنا تكلفة جسر جابر إلى الطرق التي يجري تنفيذها، فإن تكلفتها الإجمالية ستكون بالمليارات وليس بالملايين. والغريب في الأمر أن جسر جابر لا يتضمن سكة حديد. لذلك، فإن افتتاحه سيؤدي الى تفاقم مشكلة المرور داخل مدينة الكويت. فالمشكلة المرورية لن تحل بعد إكمال هذه المشاريع، بل ربما ستتفاقم نتيجة إلى تدفق أسرع للمركبات إلى داخل المدينة، خصوصاً في فترات الذروة. هذا إذا استمر المخطط في النظر إلى حل المشكلة في صرف على مشاريع طرق من دون النظر في حلول تحفز مالك السيارة إلى استخدام أقل، فإن الكويت والذي من المتوقع أن يبلغ عدد سكانها 5.340 ملايين في عام 2030 ستختنق من أزمة المرور.
وبالتأكيد، فإن المواطن والمقيم يكره أن يكون رفع أسعار البنزين جزءاً من الحلول السلوكية التي ستحفزه إلى استخدام أقل لمركبته، ولكن ما من خيار عن ذلك. فقد أصبح عقاباً ضرورياً لنتملك سيارات أصغر حجما وبعدد أقل. ومع أن الدولة قد تأخرت في الاستثمار في النقل العام، إن كان ذلك ببناء شبكة من القطارات أو التوسع في شبكة النقل العام، فلا بد من بداية، كما لا بد أن نتقبل حلولاً استخدمت بنجاح في مدن كثيرة، مثل قصر الدخول إلى المدينة على أرقام فردية في أيام محدودة، وعلى أرقام زوجية في أيام أخرى، كما أن تحسن الخدمات الحكومية نحو إنجاز جزء أكبر منها عن طريق الشبكة العنكبوتية، من خلال الكمبيوتر أو الهواتف الذكية، سيساعد على تردد أقل للسيارات على الطرق. فهناك أكثر من وسيلة لخفض عدد السيارات التي تنساب يومياً إلى مدينة الكويت.
إن مشكلة المرور لا تحل بصرف مليارات على طرق جديدة فقط. فسلوكياتنا باستخدام السيارة هي جزء مهم من السبب، ولا بد أن نتقبل بعض «العقاب» لكي نغيرها.
تعليقات