الهيئة الملكية للجبيل وينبع.. وأمانات المناطق بقلم فضل بن سعد البوعينين
الاقتصاد الآنفبراير 12, 2013, 4:31 م 960 مشاهدات 0
تبحث الدول المتقدمة عن نماذج النجاح الفريدة لاقتباسها؛ والاستفادة منها؛ وبما يحقق لها أهداف التنمية والبناء وتطوير الاقتصاد. نجحت اليابان في بناء إمبراطورية صناعية معتمدة فيها على نقل الأفكار الصناعية من الولايات المتحدة الأميركية؛ حققت اليابان هدفها الصناعي في فترة زمنية قصيرة مهددة الدولة التي نقلت عنها تقنيات الصناعة الحديثة. تجربة اليابان تكررت في الصين والهند والبرازيل، وتركيا؛ وإن كانت بصور مختلفة إلا أن النجاح كان حليفهم. وفي الجانب التنموي؛ نجحت سنغافورة؛ ودول أخرى في اقتباس تجارب الدول المتقدمة؛ وتشييد حضارة تنموية على قواعدها الصلبة.
يقودنا الحديث عن اقتباس نماذج النجاح العالمية، إلى تجربة الهيئة الملكية للجبيل وينبع؛ في تخطيط وبناء وإدارة المدن؛ وما حققته من نجاح مشهود على الجانبين المدني والصناعي. تحولت مدينة الجبيل الصناعية خلال ثلاثة عقود إلى واحدة من أفضل المدن العالمية من حيث التخطيط والتنفيذ، والإدارة، والصيانة؛ والتكامل الخدمي. نجاح الهيئة الملكية لم يقتصر على الجانب المدني فحسب بل تجاوزه إلى القطاع الصناعي؛ فحققت المدينة التكامل الأمثل بين القطاعين وعلى مستوى عال من الجودة التي أهلت الجبيل الصناعية لاحتلال مراكز متقدمة في التصنيف العالمي للمدن. وبقياس عوائد الإنفاق الحكومي؛ نجد أن الريال المنفق في الجبيل يحقق عوائد تقارب 12 ريال؛ وهو ما لم يحدث البتة في أي من مدن المملكة التي تعاني من تآكل الإنفاق الحكومي مقارنة بالإنجازات على أرض الواقع.
تجربة الهيئة الملكية بالجبيل تمثل نموذج النجاح الوطني الفريد الذي يمكن اقتباسه بأمان؛ فيحقق للوطن الأهداف التنموية وفق نظرة إستراتيجية محكمة. عندما تتقاطر الوفود للاطلاع على تجربة الهيئة الملكية بالجبيل؛ وتسارع بعض الدول الخليجية للاستفادة من تجربتها؛ فهذا يعني قدرتها على تصدير النجاح وتقديم التجارب والخبرات الفكرية القادرة على إدارة التنمية بكفاءة.
أقف عاجزا عن فهم إحجام بعض الوزارات الحكومية الخدمية عن الاستفادة من تجارب الهيئة الملكية بالجبيل في الجوانب التنموية؛ الإستراتيجية؛ الرقابية؛ والإدارية؛ وهي تجارب غنية قادرة على حل جميع إشكالاتنا مع مشروعات التنمية.
وأستشهد اليوم بأمانات المناطق التي تعاني كثيرا في إدارة مشروعاتها التنموية؛ وتفتقر إلى الفكر الإستراتيجي القادر على إحداث التغيير الإيجابي في المحافظات، والمدن التابعة لها، وبما يتوافق مع الإنفاق الحكومي التوسعي وتطلعات ولي الأمر. أمانات المناطق لا تعاني نقص التمويل بل ربما تحصلت على موازنات تفوق موازنة الهيئة الملكية بالجبيل؛ ولكنها تفتقر الفكر الإداري والإستراتيجي والهندسي والرقابي القادر على التعامل بكفاءة مع مشروعات التنمية؛ من جهة؛ والبلديات التابعة لها من جهة أخرى.
أجزم بأن نقل تجربة الهيئة الملكية بالجبيل لأمانات المناطق ومطالبتها بتطبيقها ستحقق للوطن، النقلة الحضارية التي ننتظرها منذ الخطة الخمسية الأولى. بعض مقومات النجاح المتوفرة للهيئة الملكية قد لا تتوفر للأمانات؛ وبخاصة المرجعية الواحدة وتملك النطاق الجغرافي المستهدف؛ إلا أن مقومات النجاح الأخرى ستكون متاحة لها، خاصة ما يتعلق منها بالتخطيط الإستراتيجي وتنفيذ المشروعات والرقابة والإدارة الفاعلة.
إن لم نستطع اقتباس تجربة الهيئة الملكية وتعميمها على جميع مناطق المملكة؛ فأسأل الله أن لا يحرم الوطن الاستفادة من كفاءات الهيئة الملكية المتميزة التي يفترض أن تتولى المناصب القيادية المحركة للتنمية الوطنية بمستوياتها المختلفة؛ ومنها رئاسة أمانات المدن لضمان التغيير من الداخل.
تعليقات