ما حدث في العالم العربي خلال العامين الماضيين ليس ربيعاً.. برأي الحساوي

زاوية الكتاب

كتب 714 مشاهدات 0


الراي

نسمات  /  لا أرضى باغتيال عقلي!!

د. وائل الحساوي

 

ذكرت في المقال السابق بعض نماذج الثورات التي حدثت في العالم خلال القرنين الماضيين لأدلل على ان الثورات قد تتحول الى قوة مدمرة تحرق الأخضر واليابس اذا لم يكن القائمون عليها لديهم الوعي والحكمة والاخلاص لكي ينتشلوا بلدانهم من انتكاساتها التي جاءت الثورات لتصحيحها، وقد تتحول الثورة السلمية الى دموية كما حصل في ثورة ماوتسي تونغ في الصين الذي انقلب على رفقائه الصينيين الشيوعيين وأحدث ما سمي بالثورة الثقافية التي قتلت 32 مليون صيني.
وقد ترتد الثورة لتصبح ملكية كما حدث في فرنسا مرات عدة، وقد تتحول الثورة الى ديكتاتورية كما حدث في الثورات العربية السابقة، لذا فإن الموقف من الثورات يجب ان يكون متعقلا ويراعي المصالح ويتجنب المفاسد.
ففي مصر على سبيل المثال فإن المعارضين للثورة أصناف: فمنهم من يتبع النظام السابق ولا يريد للشعب ان يخرج من عباءة نظام حسني مبارك، ومنهم من يرفض الثورة بسبب رفضه الأفكار والمبادئ التي تستند اليها، ومنهم من يرفض القيادات التي تقود الثورة لاسيما حركة «الاخوان المسلمين» ويعتقد بأنها قد تقود الى تدمير مصر، وفي الحقيقة فإن تلك المواقف تقوم على تفكير ناقص، فالنظام الذي أسقطه الشعب لا يمكن ان يعود الى الحياة.
أما قيادات الثورة الجديدة وهم الاخوان في حالة مصر، فقد كان وصولهم الى دفة الحكم بسبب كونهم المجموعة شبه الوحيدة المنظمة والتي استطاعت ان تقتطف الثمرة، ومتى ما حافظ الشعب على النظام الحر للانتخابات وقطع الطريق أمام الذين يريدون القفز على مكتسبات الشعب فإنه من الطبيعي ان تجري تحولات جذرية مع الأيام ويصعد الى الحكم فئات جديدة وأن تتشكل أحزاب وتكتلات جديدة، بينما اذا تمادى البعض في محاولة إسقاط النظام بحجة عدم صلاحيته للحكم فإنهم انما يهدمون التجربة برمتها ويجهضون ثورتهم ويدعمون الخونة دون ان يشعروا.
لقد استمعت الى ما يقوله «الخرباوي» ويبثه من حلقات وكتب حول الاخوان المسلمين فوجدت بأنه عبارة عن تحريض مغرض قد خلط فيه بعض الروايات الصحيحة مع أوهام وشبهات كثيرة ليثبت بأن الاخوان قد وصلوا الى الحكم عن طريق الأميركان وانهم سيفسدون مصر اذا استمروا في الحكم، ومع اني لا أنتمي الى الاخوان المسلمين لكنني كذلك لا أرضى بأن يتم اغتيال عقلي وترويج كل ما يريده البعض من أجل إقناعي بأفكارهم غير المبنية على أسس.
نحن لا نقول بأن ما حدث في العالم العربي خلال السنتين الماضيتين هو عبارة عن ربيع عربي ولكنه انفجارات حدثت بسبب زيادة الضغط والظلم والقهر الذي عانت منه الدول العربية، ونسأل الله تعالى ان تتحول تلك الثورات الى الوجهة السليمة لكي لا نعيش سلسلة من التغييرات الدموية التي لا توصلنا الى ما نريد.
(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك