المقاطع ناصحاً: الوطن يستحق أن نتصالح لحفظ مكانته!

زاوية الكتاب

كتب 794 مشاهدات 0


القبس

الديوانية  /  ثقافة الفساد.. ومعارضة تلد أخرى

أ.د محمد عبد المحسن المقاطع

 

لو أجريت دراسة مسحية عن الفساد في الكويت، فإنها لن تجد مستودعات كافية لتخزين ملفات الفساد، فقد مضى على البلد ما يقارب الـ50 عاما منذ توافقت الحكومة مع مجلس الأمة على تشكيل أول لجنة لمكافحة الفساد، وصار الحديث عن الفساد وسيلة كل سياسي ومسؤول ونائب، بل والحكومة للخروج من دائرة الاتهام، ولصرف النظر عن ممارساتهم وأعمالهم الفاسدة، ثم بدأ مزاد المتاجرة بورقة الفساد، فتوالت المقترحات وتعددت المشروعات وتزاحمت اللجان الحكومية والبرلمانية، وتزايدت الاتفاقيات، بل وصدرت التشريعات وتكررت الاجتماعات، وأعلنت الخطب والبيانات وجميعها تدين الفساد وتدعي محاربته واجتثاثه، ولكن لم تتغير حال الفساد، بل هو في ازدياد، لأن من يدعي محاربته هم رموزه ومروجوه وسماسرته ومراكز الدفاع عنه، باختصار الفساد صار لكل تلك الحقائق ثقافة مجتمعية، فالسلطة ربما تفسح المجال للفساد وتديره، والبرلمان يدافع عنه ومتورط فيه، والأجهزة الحكومية آلة تنفيذية للفساد، والشعب يتسابق لتحقيق مصالحه وتكسباته الوظيفية والمالية والدراسية والعلاجية واليومية بكل طرق الفساد والإفساد. لذا فإن البلد بانحدار مستمر، لأن الفساد هو حال الجميع.

ولعل أحوال البلد اليوم، وما آلت إليه سياسيا، هي نتيجة لتراكمات عمل حكومي وبرلماني مشوه وفاسد ومفسد، فالمصالح الشخصية وضيق الأفق والصراع العلني والخفي، المأجور أو الشخصي، أعمى العقول كما الأبصار، فقام كل طرف يضرب البلد كيدا بخصمه، ويهدم الوطن عداء بغريمه، فانهار بسببهم البلد، وهم على عنادهم وإصرارهم ومكابرتهم، فكل منهم يريد الاستفراد، فإما وإلا، والنتيجة هي أن الخاسر هو الوطن.

وأوجه خطابي للسلطة وللمعارضة معا رحمة بالوطن وبشعبه، فليس هناك انتصار سياسي حقيقي، وإنه لوهم العيش بنشوة انتخابات تنتقص الرضا الشعبي والتوافق الوطني، واستخدام مؤسسات الدولة لفرض الأمر الواقع، وما أخطره من مسلك وخيار، كما أنه ليست هناك دولة بلا مرجعية واضحة، فللوطن دستوره وقضاؤه وفيهما من المرجعية ما يحفظ الحقوق ويمنع الظلم والاستبداد، فلا داعي للمكابرة والدوران على النفس، فالأغلبية المبطلة هي مجاميع سياسية وشخصيات معارضة ولد عنها ما سمي بالجبهة الوطنية، وولد عنهما ما أطلق عليه ائتلاف المعارضة، وحقيقتها هي هي لم تختلف بمكوناتها، فلا يوجد في الكويت من لا يدرك هذه الحقيقة، فقد صارت معارضة تلد أخرى، ولنتجه جميعا الى ما يخرج البلد من مأزقه، ويحقق وحدته الوطنية بمصالحة تختفي معها كل الحسابات الخاصة، واعتبارات الانتصار للنفس، وبعيدا عن مصطلحات الغالب والمغلوب، أو العناد والمكابرة، أو التراجع والاعتذار، فالوطن يستحق أن نتصالح لحفظ مكانته والتنازل عن حظ النفس لأجله، وإلا نكون قد ضيعنا الأمانة وأضعنا الوطن. فهل آثرنا الوطن على أنفسنا؟

اللهم اني بلغت،

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك