الحراك اليوم في أمس الحاجة للتضحية.. هذا ما يراه عمر الطبطبائي

زاوية الكتاب

كتب 1095 مشاهدات 0


الراي

من بين الآراء  /  جروح في جسد الحراك

عمر الطبطبائي

 

«انَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ» صدق الله العظيم.
لم نتردد في يوم من الأيام في انتقاد الحكومة ورموز فسادها ولن نتردد في ذلك مطلقا، لكني اليوم أشعر بضعف شديد وانا انتقد الحكومة، وهذا الضعف لم أشعر به بسبب قوة الحكومة أو لأنها بدأت السير في الطريق السليم، فالحكومة ما زالت ضعيفة دون مستوى الطموح وما زال الرمد ملازما عينها ولا تريد الشفاء رغم كل الأيادي التي تقدم لها الدواء، وشعوري بالضعف ما هو الا نتيجة كل تلك الجروح الكثيرة التي وجدت من جسد حراكنا الوطني!
لن يشعر بألم الوطن وجروح الحراك الا قلة من الصادقين لذلك انتهى زمن التغاضي عن أخطاء الحراك، فقول الصدق لن يضعف الحراك كما كنا نظن انما يقويه.
لقد جُرح حراكنا بعدة جروح غائرة لعل من أهمها عدم سماع النصيحة واتخاذ العناد طريقا دون الاهتمام بجذب الشارع للقضايا الأساسية رغم انتقادنا الدائم «لعناد» الحكومة! وهذا ما يجعل المتابع للأحداث يرى التناقض الواضح الذي يعيش الحراك فيه، فالسياسة تتطلب الكثير من المرونة لكن وكما يبدو ان البعض بعيد كل البعد عن السياسة ومفاهيمها والبعض الآخر لا يسعى الا أن يكون أمام اسمه بالمقابلات لقب «ناشط سياسي» فقط، وهذا ما يجرنا الى الاعتراف بأننا فشلنا في اقناع الكثير بأهدافنا المبعثرة.
ولو نتمعن اكثر بخبايا الحراك سنجد مجاميع كثيرة همها قيادة الحراك والتباهي في البروز بالصورة ضاربين صورة الوطن بعرض الصراع، وان ظن البعض بأن ظهورهم بالصورة هو أول خطوة لخوض الانتخابات فهذا حقهم لكنه ليس من حق أي كان تقديم طموحه الشخصي على طموح الحراك، وهذا ما أدى الى أربعة امور أولها جعل الشارع الكويتي لا يرى الفرق بين هذه النوعية وبين الفاسدين، ثانيا سهولة اختراق الحراك من بعض الشخصيات، فالفاسد لا ينجح الا اذا وجد بيئة مهيأة لذلك!، وثالثا مساعدة الحكومة في كسب هذه الجولة بسبب تشتت أبناء الحراك، اما الأخيرة وهي المضحكة فجور شباب الحراك بالخصومة بمن يؤمن بالحراك ويختلف بأساليب العمل وهذا ما ادى الى تقوقع الحراك على نفسه ونفور الكثير منه.
كذلك لا نستطيع نكران فشلنا الذريع في اختيار من يمثل قضايانا خير تمثيل، فمن يطالب باحترام الدستور والقانون في الندوات العامة يتغاضى عمن يخترقهما اذا كان من داعمي الحراك، بل وصلنا الى ما هو أسوأ من خلال تمجيد بعض الساسة وكأنهم معصومون من الخطأ، وهذا ما يجعلنا نشعر بأننا نشاهد عرضا رخيصا على خشبة مسرح هزيل والأبطال ما هم الا دمى تحركها أصابع خفية همها الانتقام من شيء ما!
اننا على يقين بأن أفق الحكومة لا يتجاوز المحيط الذي تقرأ فيه هذه الكلمات الآن، وعلى يقين أيضا أن برغم ضعفها الا أنها ستكسب الجولات المقبلة اذا استمرت عقول ساسة وشباب الحراك التقليدية والعقيمة في انجاب أفكار وحلول نواجه فيها الحكومة ونكسب ثقة الناس بها، فنحن ما زلنا نتكلم ونتكلم ونتكلم ونتكلم ومن ثم ننشر بيانا شديد اللهجة، ومن بعدها نعيد نفس الكرة فنتكلم ونتكلم ونتكلم ومن ثم ننشر بيانا آخر نتوعد به دون حلول لمصائبنا، وهذا ما جعل الحكومة تصرح تصريحها «التاريخي» الثاني، فعندما كان الحراك متماسكا ويستمد دعمه من الشعب لم تجرؤ على التصريح! ولم تجرؤ الحكومة على التكشير عن أنيابها الورقية.
الوطن بحاجة الى عقول صادقة ومحبة لتبنيها لا عقول جاهلة عنيدة تدمرها، فالحراك اليوم في أمس الحاجة للتضحية، وهنا لا نقصد العنف أو السعي لإشعال شرارة دم واحدة، إنما التضحية بعنادكم وبغروركم وبطموحكم الشخصي والبدء باستراتيجية جديدة نواجه بها تسلط الحكومة، فهي تملك أمورا كثيرة تستطيع محاربتنا بها، ونحن لا نملك الا ارادتنا وقودا لمواجهة هذه الحكومة، كما انه ليس عيبا أن نخسر هذه الجولة من المعركة، لكن الكارثة اذا استمررنا باستخدام الأدوات والعقليات نفسها التي قادتنا للخسارة.
الأمة هي من تصلح اعوجاج السلطات دائما، وحتى نصلح مسارهم علينا البدء بأنفسنا في معالجة هذه الجروح، وان لم نفعل فسنساهم في اغتيال الوطن.
د ا ئ ر ة م ر ب ع ة :
اما مصلحة شخصية أو مصلحة وطن!!....

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك