عن الآباء المؤسسين!!.. يكتب محمد المقاطع

زاوية الكتاب

كتب 797 مشاهدات 0


القبس

الديوانية  /  الآباء المؤسسين

أ.د محمد عبد المحسن المقاطع

 

في مرحلة بناء الدولة خلال حقبة الاستقلال وبعدها، كان هناك رجال دولة قادوا تلك المرحلة بكل أبعادها، فقد عاشوا زمنهم بنظرة استشرافية ثاقبة، فكان عملهم مرحلة تؤمن الانتقال للمراحل اللاحقة بسلاسة وتكامل وبانسياب طبيعي، ولعل من أهم ملاحم مرحلتها تلك ما قام به الآباء المؤسسون الذين وضعوا دستورا متوازنا من جوانب متعددة، وأهم من ذلك أرسوا مبادئ تحفه وتضمن استمرارية المنهج.

ومن تلك المبادئ الجوهرية ما يلي:

1ــ تكريس التراضي والتوافق الوطني في نصوص الدستور وعباراته، وفي مناقشاته واقراره، وفي مذكرته التفسيرية وتعديلاته المستقبلية.

2ــ ترجيح الخيار الشعبي في نظام الحكم، بدءا من ترك التصويت على الدستور للشعب فقط، فلم يصوت الشيوخ من الوزراء عليه، وكذلك في جعل أسرة الحكم عامل استقرار واستمرار بمبايعة شعبية لها، وصلاحيات محددة للأمير لا تختلف عن سواها في الأنظمة البرلمانية الأخرى، ولم يؤخذ من النظم الرئاسية سوى اطلالات شكلية لتخفيف الممارسات الانفعالية في الأنظمة البرلمانية، مع الحفاظ على كل مظاهر السيادة الشعبية وجوهرها، وفي التشكيل الوزاري وانسجامه مع متغيرات توجهات الأمة، والتغيير فيه تبعا لذلك، وفي التصويت وحتى في تقييد دور الأسرة الحاكمة.

3ــ تأصيل مبدأ المشاركة السياسية القابلة للتطور، في اطار حوار ناضج ومعبر عن قدرة على استيعاب الاختلاف والتعايش معه، ورفض فكر الاقصاء أو السماح بأي عزلة تعزيزا لفكر التسامح الذي هو سمة أهل الكويت.

4 ــ الانطلاق بدولة محورها الأساسي المؤسسات وسيادة القانون من خلال سلطات ثلاث متوازنة يراقب بعضها بعضا مع تكاملها من دون تداخل أو تنازل أو زحف اي منها على الأخرى، وتكريس ضماناتها، وأخصها جعل المرجعية لحسم الخلاف بينها هو الدستور والقضاء هو سبيلها الطبيعي.

5 ــ اخضاع كل المواطنين بمن فيهم أبناء الأسرة الحاكمة للمواطنة الدستورية بمتلازميها، وهما: الحقوق والحريات من جهة، والواجبات والالتزامات من جهة ثانية، فالمواطنة عطاء كما هي أخذ، وهي اسهام كما أنها مظلة، وهي ولاء كما هي وفاء.

6ــ اذن تلك مجموعة من الأسس التي اهتدى الآباء المؤسسون اليها، وهم في مرحلتهم تلك، ولو نظرنا الى الواقع اليوم لوجدنا أنه صار هناك حالة من التخلي والابتعاد عن تلك الأسس، وقد ترتب عليها أن تساقطت حبات العقد (الدستور)، وتطايرت أوراق الوحدة الوطنية، وصار الخطر بسبب ذلك مهددا للوطن ونظامه وأبنائه.

اللهم اني بلغت.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك