العُقم الحكومي وراء تفشي ظاهرة الفساد.. شملان العيسى مؤكداً

زاوية الكتاب

كتب 771 مشاهدات 0


الوطن

ملتقطات  /  للفساد فوائد

د. شملان يوسف العيسى

 

ندعم ونشكر وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل المحامية ذكرى الرشيدي بتحويل كل الفاسدين وتجار الاقامات الى النيابة العامة.. هذه الخطوة السليمة والمطلوبة من الوزيرة هي الاساس للاصلاح لكن الاخبار التي نقلتها الصحافة والتي لا نعرف مدى صحتها او عدمها عن تعيين اشقائها واقاربها في الوزارة يثير اكثر من علامة استغراب بالنسبة لنا، الوزراء الذين يدعون بانهم جاؤوا للاصلاح والتغيير نجدهم في الوقت نفسه يمارسون عكس ما يدعون! كما ذكرنا لا نعرف صحة الخبر الذي انتشر عبر وسائل الاعلام المختلفة لكن اذا كان الخبر صحيحا فهو يصب في خانة ما كنا نردده في الصحافة دائما من ان اساس الفساد وتردي الادارة الحكومية يعود الى التعيينات السياسية والمحسوبية والواسطة، فالقرارات الادارية ذات الطابع السياسي بتعيين ابناء القبيلة او الطائفة او الحزب السياسي التي يتخذها الوزراء ونواب مجلس الامة هي المعوق الرئيس للاصلاح ومحاربة الفساد.
نعود الى موضوع الفساد والرشوة المنتشرة في كل المؤسسات الحكومية خصوصا وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والبلدية، نقولها بكل صراحة ووضوح ان محاربة الفساد ليست بالامر السهل لانها تتطلب لمحاربتها هيئة مجتمعية واعية ومتفهمة للاسباب التي ادت الى تفشي الفساد والمحسوبية والرشوة.
السؤال لماذا تفشت هذه الظاهرة في مجتمعنا؟ نقولها بكل وضوح بان الاجراءات الحكومية العقيمة وغير العقلانية هي السبب الرئيسي لانتشار هذه الظاهرة.. السؤال كيف؟
ينتشر الفساد والرشوة والمحسوبية عند غياب النظام القانوني الواضح والمكتوب والمعلن (الشفافية) التي تحدد صلاحيات الموظفين الصغار والكبار، الموظف الذي لديه صلاحيات غير محددة ولا معلنة يصبح هو الآمر الناهي الذي يتحكم بمصير الآخرين يستطيع هذا الموظف او المسؤول تحديد العمالة المطلوبة لمكتب او مطعم او فندق مثلا بـ5 عمال او 10 او 20 عاملا بدون ان يبدي الاسباب التي ادت الى هذا القرار.. في هذه الحالة صاحب الحق يضيع وتتأثر تجارته ولا يستطيع منافسة من هم اكبر واقوى منه.. تجربة الدول الخليجية في هذا المجال تستحق الدراسة ففي مملكة البحرين مثلا لديهم نظام واضح ومعلن وشفاف لمن يريد جلب العمالة الاجنبية، فالشروط واضحة وتنطبق على الجميع فالطريقة الاولى تشترط الحكومة توظيف مواطن بحريني اولا تسمح للشركة او الفرد جلب 5 موظفين اجانب ومقابل توظيف اي مواطنين يتم الترخيص لجلب 5 مقابل الواحد اما الاسلوب الثاني المتبع في البحرين فهو نظام دفع الرسوم فمقابل كل تصريح لعامل اجنبي يدفع صاحب العمل 100 دينار بحريني، وهذه الاموال التي تحصل لا تذهب للحكومة بل تذهب الى صندوق خاص غير حكومي له مجلس ادارته وهو مستقل في الحكومة، الاموال التي تذهب للصندوق يتم استثمارها ويتم صرف الاموال على تأهيل المواطنين للوظائف الفنية التي يحتاجها الاقتصاد البحريني.
بعض الاصدقاء اخبروني بان هذا النظام مطبق لدينا، اذن لماذا ينشر الفساد والمحسوبية والرشوة، الجواب بسيط لانعدام الشفافية والوضوح، فالمسؤولون في الشؤون هم الذين يحددون عدد العمال لكل وظيفة وهنا تبدأ المشكلة، فالشباب المبادرون الذين يريدون البدء في العمل ينتظرون عدة اشهر حتى يأتيهم مفتش الشؤون للتفتيش وتحديد عدد العمال وبعد كل هذا الانتظار الطويل لا يمنح التاجر او المؤسسة الا نسبة قليلة مما يحتاجونه.. بينما يسمح لأصحاب النفوذ والقوة جلب العمالة التي يريدونها بدون اي مشاكل، لذلك يضطر الشباب اللجوء الى رشوة الموظفين لجلب ما يحتاجونه من عمالة، شباب بالمشاريع الصغيرة يعانون معاناة حقيقية من فساد الشؤون البلدية، من الذي لديه الاستعداد لمساعدتهم؟

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك