العامة أكثر حكمة من نواب الأمة!.. وليد الرجيب مستنكراً

زاوية الكتاب

كتب 755 مشاهدات 0


الراي

أصبوحة  /  أنرثيك يا وطن؟!

وليد الرجيب

 

لأننا شعوب تتكئ على العاطفة فهذا يعني أننا ننحاز بشكل أعمى دون إعمال للفكر، حتى وإن أثبتت المعطيات والواقع خطأ إنحيازنا، فعيون العاطفة لا تبصر وهي نفسها عيون التعصب بأشكاله كافة، والأمر لا يتعلق بما يسمى ثقافة جوراً ولا بعلم أكاديمي مهما علا، وحتى من يدين غيره بالتخلف ينزلق إلى تخلف مغلف بالتنميق اللفظي والمحاججة التي هي أقرب للسجال وليس للتحاور من أجل الوصول إلى الحقيقة، ويبدو جلياً أن هناك فرقاً بين المعرفة والوعي.
ولأننا نتغاضى عن الظلم والفساد حتى لا نفسد رأينا المسبق وموقفنا الذي اتخذناه، فالتنازل في رأينا عيب والاعتراف بخطأنا خطيئة، ولذا فنحن نقدس الكلمة المطبوعة ونصدق الادعاءات المزيفة والصورة المفبركة ما دامت توافق هوانا لئلا نبدو عديمي الفهم والحكمة، ونكرر بفخامة: «رأينا صواب يحتمل الخطأ»، ومع ذلك يظل رأينا في دواخلنا صواباً لا يحتمل الخطأ.
نتخلى عن عقولنا وثقافتنا وعلمنا ونتمسك بـ «الحكومة أبخص»، أو نقدس القانون ونتعلق بأهدابه بغض النظر عمن سنه ولأي غرض أو عن التعسف باستخدامه أو التراخي بتطبيقه، كما نصدق الادعاء والإشاعة والتشويه لأننا نريد أن نصدق ولأنها توافق رأينا وموقفنا المسبقين، وقد نكون علماء بالفيزياء وندعي الفهم بكل شيء لكننا لا نفقه شيئاً في حقوق الإنسان مثلاً، أو نميت ضمائرنا لئلا نبدو مخطئين، فالحقوق لإنساننا وليس لإنسانهم.
إن «مجلس الصوت الواحد» كشف عن خزيه وعدائه للشعب لأنه ممثل الحكومة وليس ممثلاً للشعب، أليس غريباً في تاريخ الديموقراطية أن تكون العامة أكثر حكمة من نواب الأمة، فاللمرة الأولى يطالب نواب الأمة بقمع شعبهم، وإعدام المتعدي على الذات الأميرية، أو يظنون بسماجة أن رشوة الشعب أهم من كرامته.
ولأننا مثقفون فستسهل علينا المساجلة، مثل «لا فرق بين نواب اليوم ونواب الأمس، لماذا لم يشارك المقاطعون ويثبتوا رأيهم داخل المجلس»؟ ونصل في تخبطنا إلى تأييد التخوين وإدانة التكفير حتى لا نعترف بخطئنا.
فالإساءة إلى شعب الكويت والطعن بانتمائه وولائه وأصوله الذي قيل على الملأ، نجد من يردده في المجالس الخاصة، ليتساوى بذلك الجاهل والحاقد والمتخلف بالمثقف والأكاديمي والمبدع، فالفضيلة ليست في الاعتراف بالخطأ ولكن بالتمسك به والدفاع عنه وتصديق ما نريد تصديقه.
هذا المجلس أتى مبكراً بكوارث على الشعب الكويتي وعلى مستقبل أبنائه والآتي أعظم، ولكننا لا نرى لأننا لا نريد أن نرى، نحن نرى ونسمع ما نريد فقط، فكل شر يحيق بالبلد سببه حفنة من الغوغاء والمندسين و«الهيلق» وغير الأصلاء، وليس لدينا كلام غير هذا.
أنرثيك يا وطن أم نرثي ضياع الحق فيك؟ أنرثي العقول والضمائر أم نرثي رجالاتك وتاريخك؟ فقلة منهم ما زالوا قابضين على جمر الحق، قلة منهم لا تعميه غشاوة ولا يرضى بالمذلة لشعبه.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك